تقود إسرائيل منذ أشهر حملة دبلوماسية مكثّفة لإقناع الولايات المتحدة ودول أوروبا المعنية لـ"عدم إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015".
هذا الاتفاق، الذي يجري التفاوض بشأنه بين الدول الكبرى وإيران حول برنامجها النووي، والذي يُطلق عليه "خطة العمل الشاملة المشتركة".
وفي هذا الإطار، سعت إسرائيل لدفع الدول الغربية إلى اتّباع نهج أكثر تشددًا في المفاوضات مع إيران.
ويعود السبب الرئيسي لرفض إسرائيل استئناف المفاوضات النووية والتوصل إلى اتفاق نووي، إلى أن قادة إسرائيل -بمن فيهم المعارضون- يعتقدون أن الاتفاق المطروح لا يفي بالمعايير التي حدَّدها الرئيس الأمريكي بايدن، وفي مقدمتها منع إيران من أن تصبح دولة نووية.
على هذا النحو، اتفق زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، منافس رئيس الوزراء الحالي، يائير لابيد، في الانتخابات المقبلة، مع رؤية الحكومة الإسرائيلية، بأن الاتفاق الحالي "يسمح لإيران بالحصول على كل شيء دون تقديم أي شيء".
وبينما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي معارضته الاتفاق ومطالبته بتبني الولايات المتحدة مواقف أكثر شدة، أكد أن حملة الضغط التي تنتهجها حكومته تقوم على "التنبيه إلى المخاطر"، وتقديم المعلومات الاستخباراتية، دون أن تسفر عن توتر العلاقات الإسرائيلية مع الولايات المتحدة.
ويعني ذلك أن المسؤولين الإسرائيليين الحاليين حريصون على عدم اتباع نهج رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق في أثناء مفاوضات الاتفاق النووي لعام 2015، عندما تسببت حملات الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بشأن الاتفاق النووي في توتر العلاقات بين واشنطن وتل أبيب.. وهذا بدوره جعل الحكومة الإسرائيلية الحالية تتجنب انتقاد إدارة بايدن بشكل مباشر.
وحول أهمية حملة الضغط الحالية، أكد نتنياهو أن الضغط الذي مارسته إسرائيل أدى -في النهاية- إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015، في إشارة إلى انسحاب الرئيس السابق ترامب من الاتفاق في مايو 2018.
في خضم حملته للانتخابات التشريعية، المقررة مطلع نوفمبر المقبل، حثَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، الدول الغربية على وقف مباحثات إحياء الاتفاق النووي، التي بدأت العام الماضي، معتبرا أن أي تفاهم سيمد إيران بالمال "يقوّض استقرار الشرق الأوسط".
ومن أبرز المسؤولين الإسرائيليين، الذين أُرسلوا إلى واشنطن، خلال الأسابيع الماضية، لإجراء محادثات رفيعة المستوى، وزير الدفاع بيني جانتس، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حولاتا، ورئيس جهاز المخابرات ديفيد بارنيع.
وخلال زيارته واشنطن التقى رئيس جهاز الموساد المشرعين الأمريكيين للضغط على "الصفقة"، من أجل إطْلاع الكونجرس الأمريكي على ما أسماه "مخاطر الاتفاق النووي الإيراني".
ومنذ بدء مفاوضات الاتفاق النووي، كثفت إدارة بايدن مشاوراتها مع إسرائيل، وشاركت معها آخر التطورات في محادثات فيينا، وهو ما سمح لإسرائيل بتنبيه واشنطن "سرًّا" إلى عدم تقديم تنازلات في المفاوضات.
وفي هذا الصدد، صرَّح بعض المسؤولين المطلعين على الأمر بأن المحادثات مع إسرائيل دفعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوات أكثر حذرا في مفاوضات النووي.
ولتهدئة المخاوف الإسرائيلية، أكد الرئيس بايدن، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها دون أي قيود في مواجهة "التهديدات الإيرانية".
أخيرا، يتضح مما سبق أن إسرائيل مستمرة في حملة الضغط الحذرة على المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين لتشديد مواقفهم ضد التوصل إلى اتفاق نووي بغض النظر عن طمأنة الإدارة الأمريكية لها بحقها في الدفاع عن نفسها والتزام أمريكا الراسخ أمن إسرائيل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة