إسرائيل تصعد وأمريكا تضغط.. سلاح حزب الله بين النار والعقوبات
تصعيد إسرائيلي في جنوب لبنان وعقوبات أمريكية ضد داعمين لحزب الله ترفع وتيرة الضغوط على الحزب الرافض لنزع سلاحه.
والخميس، عاد التوتر إلى الحدود الجنوبية اللبنانية ليعيد أجواء المواجهة بكل تفاصيلها، مع تصاعد الغارات والإنذارات الإسرائيلية.
وشن الجيش الإسرائيلي غارات على أهداف تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، بعيد توجيهه إنذارا بإخلاء مناطق في ثلاث قرى في المنطقة.
وكان الجيش نشر إنذارا بإخلاء مبانٍ في قرى الطيبة وطيردبا وعيتا الجبل، مؤكدا أنه سيهاجم أهدافا "للتعامل مع المحاولات المحظورة التي يقوم بها حزب الله لإعادة إعمار أنشطته".
وفي بيان لاحق، وجه الجيش إنذارا لسكان عدد من المباني في قرية زوطر الشرقية يطالبهم بإخلائها.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدرسيان إن إسرائيل ستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان.
وقالت بدرسيان للصحفيين "ستواصل إسرائيل الدفاع عن كامل حدودها، ونواصل التأكيد على التنفيذ الكامل لاتفاقية وقف إطلاق النار".
وأضافت "لن نسمح لحزب الله بإعادة بناء" قدراته.

ومع اقتراب مرور عام على وقف لإطلاق النار أنهى حربا استمرت سنة بين إسرائيل وحزب الله، تواصل تل أبيب شنّ غارات، خصوصا على جنوب لبنان تقول إنها تستهدف بنى عسكرية وعناصر في الحزب.
وتبقي إسرائيل قواتها في خمس نقاط حدودية، ويطالبها لبنان بالانسحاب منها.
وخرج حزب الله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 منهكا من حرب مدمّرة مع إسرائيل اندلعت بالتزامن مع الحرب في قطاع غزة.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل اليه بوساطة أمريكية على وقف العمليات العسكرية وانسحاب حزب الله من جنوب نهر الليطاني (على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من الحدود) وتفكيك بنيته العسكرية وأسلحته.
وفي الخامس من أغسطس/آب الماضي، قرّرت الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله، ووضع الجيش اللبناني خطة للقيام بذلك. إلا أن الحزب رفض باستمرار تسليم سلاحه.
حصرية السلاح
وفي بيانه الخميس، اعتبر حزب الله أن "موضوع حصرية السلاح لا يبحث استجابة لطلب أجنبي أو ابتزاز إسرائيلي وإنما يناقش في إطار وطني يتم التوافق فيه على استراتيجية شاملة للأمن والدفاع وحماية السيادة الوطنية".
وقال مصدر مقرّب من حزب الله لوكالة فرانس برس إن "الرسالة المفتوحة" تأتي بعد زيارات أجراها موفدون أمريكيون إلى لبنان مؤخرا، للضغط على المسؤولين اللبنانيين من أجل بدء مفاوضات سياسية مباشرة مع إسرائيل، معتبرا إياها "بمثابة رسالة لئلا يخضع أحد ولتكون الأمور واضحة".
وحضّ الموفد الأمريكي توم باراك لبنان السبت من المنامة على إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
وفي الآونة الأخيرة، أبدى الرئيس اللبناني أكثر من مرة استعداد لبنان للتفاوض مع إسرائيل من أجل حل "المشاكل العالقة" بين الطرفين. إلا أنه قال إن إسرائيل تقابل هذا الاستعداد بتكثيف هجماتها على لبنان.
وقال مصدر رسمي لبناني الخميس لفرانس برس إن "إسرائيل لم ترد سلبا أم ايجابا على اقتراح التفاوض".
اللعب بالنار
وانسحب الجيش الإسرائيلي من مناطق تقدّم إليها بعد انتهاء الحرب، إلا أنه أبقى على 5 مواقع في جنوب لبنان، ويواصل بشكل شبه يومي غاراته على مناطق لبنانية مختلفة بذريعة استهداف قياديين ومنشآت عسكرية لحزب الله.
ومنذ وقف إطلاق النار، تتهم اسرائيل حزب الله بخرق الاتفاق وبنقل وسائل قتالية أو محاولة إعادة بناء قدراته العسكرية.
وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأحد من أن الجيش الإسرائيلي قد يكثّف هجماته ضد حزب الله.
وأضاف "حزب الله يلعب بالنار والرئيس اللبناني يماطل"، معتبرا أنه "يتعيّن تطبيق التزام الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله وإخراجه من جنوب لبنان".
فيما اتّهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحزب بالسعي لإعادة التسلّح، داعيا السلطات اللبنانية إلى الالتزام بنزع سلاحه.
وقال خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء "من الواضح أننا سنمارس حقنا في الدفاع عن النفس بموجب بنود وقف إطلاق النار".
وجدّد حزب الله في رسالته الخميس، وهي الأولى من نوعها، رفض نزع سلاحه، واصفا قرار الحكومة بـ"المتسرّع".
عقوبات واشنطن
على الجانب الآخر، تكثف واشنطن ضغوطها لدعم جهود نزع حزب الله في لبنان، وفرضت الخميس عقوبات على ثلاثة أشخاص متّهمين بغسل أموال مستخدمة لتمويل نشاطات حزب الله.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن "هذا الإجراء يهدف إلى دعم نزع سلاح حزب الله".
وأُعلنت العقوبات قبيل زيارة يقوم بها للبنان جون هيرلي، المسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية المكلف العقوبات ضد الجماعات المتطرفة.
وأوضحت الوزارة أن الأشخاص الذين فرضت عليهم العقوبات هم أفراد تتهمهم واشنطن بـ"تسهيل نقل عشرات ملايين الدولارات من إيران إلى حزب الله في العام 2025، عبر مكاتب صيرفة".
وأشار البيان إلى أن الحزب "يستخدم هذه الأموال لدعم مقاتليه وإعادة بناء بنيته التحتية الإرهابية، ومقاومة جهود الحكومة اللبنانية لتأكيد سيطرتها السيادية على كامل الأراضي اللبنانية".
وقال هيرلي في بيان إن "لبنان لديه فرصة ليكون حرا ومزدهرا وآمنا، لكن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا إذا نزع سلاح حزب الله بشكل كامل وقطع تمويل إيران ونفوذها".