إسرائيل تغلي على وقود القضاء.. ما وراء "ألغام" القانون
شريان رئيسي مغلق، وبحرٌ من الأعلام يتدفق، ونيران في منتصف الطريق تشتعل.. هكذا بدا ليل إسرائيل وهكذا سيكون نهارها مجهول الرؤية.
مشهدٌ لم يغب عن إسرائيل منذ يناير/كانون الأول الماضي، حيث بدأت المظاهرات الاحتجاجية على قانون الإصلاح القضائي، لتصبح أكبر حركة احتجاجية في تاريخ البلاد.
وقود الاحتجاجات
قبل بداية العام الجاري، لم يكن بإمكان الكثير من الإسرائيليين إخبارك بكيفية تعيين القضاة، أو ما هي صلاحيات المحكمة العليا.
لكن مثل هذه القضايا اليوم هي موضوع احتجاجات لا حصر لها في شوارع إسرائيل، والرسائل المفتوحة، واستطلاعات الرأي العام، والتحليلات الإعلامية، وحديث الأسر على موائد العشاء.
ففي الرابع من يناير/كانون الثاني الماضي، أشعل وزير العدل ياريف ليفين الجدل بعد ستة أيام فقط من أداء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمين الدستورية، بكشفه النقاب عن المرحلة الأولى من الإصلاح القضائي المخطط له.
إجراءات قانونية تمنح الائتلاف الحاكم سلطة تعيين القضاة، كما تمنع المحكمة العليا بشكل فعال من إبطال التشريعات، وتسمح للوزراء بتعيين مستشاريهم القانونيين ، وإخراجهم من سلطة اتخاذ قرارات ملزمة.
ويقول مؤيدوها إن التغييرات ضرورية لكبح ما يرون أنه انحياز يساري في قرارات المحكمة، التي تؤدي دورا كبيرا في بلد لا يوجد فيه دستور رسمي أو غرفة تشريعية ثانية.
ولطالما استاء اليمين المتطرف والمستوطنون من المحاكم لعرقلة جهودهم لبناء مستوطنات جديدة والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
وعلى وجه الخصوص، لم يغفر العديد من اليمين للمحكمة قرارا صدر عام 2005 بالانسحاب من قطاع غزة.
وردا على سيل الانتقادات، قال نتنياهو "الادعاء بأن هذا الإصلاح هو نهاية الديمقراطية لا أساس له من الصحة".
ويخضع نتنياهو نفسه حاليا للتحقيق في العديد من تهم الفساد والتهم الأخرى، مما يعني أنه أكبر المستفيدين من التعديل القضائي.
ماذا يقول منتقدو الإجراءات؟
تلعب المحكمة العليا في إسرائيل دورا كبيرا في الضوابط والتوازنات حيث لا يوجد في البلاد دستور رسمي أو مجلس تشريعي ثان.
أثارت المخاوف من أن تؤدي المقترحات إلى تآكل الأعراف الديمقراطية وسيادة القانون، أكبر حركة احتجاجية في تاريخ إسرائيل، حيث خرج مئات الآلاف من المحتجين إلى الشوارع في مدن مختلفة، ونُظمت مظاهرات خارج الكنيست، وفي مدن أخرى قام خلالها المتظاهرون بإغلاق الطرق السريعة ومطار تل أبيب.
وفي بعض الأحيان تحولت أجزاء من الاحتجاجات إلى أعمال عنف.
حتى اليوم، تبدو الحركة الاحتجاجية بلا قيادة إلى حد كبير ، لكن الضغط الكبير وغير المتوقع يأتي من جنود الاحتياط العسكريين وقطاع التكنولوجيا المهم للغاية في إسرائيل.
على الصعيد الدولي، أعرب العديد من حلفاء إسرائيل عن قلقهم بشأن الاتجاه الذي تسير فيه البلاد.
ماذا حدث بعد ذلك؟
رفضت حكومة نتنياهو محاولات التسوية التي توسط فيها الرئيس إسحاق هرتسوغ، واصفة مبادرته بأنها "غير عملية"، على الرغم من أن وسائل الإعلام العبرية ذكرت أن نتنياهو سيكون على استعداد لعقد صفقة.
لكن يبدو أن رئيس الوزراء رهينة لشركائه اليمينيين المتطرفين الذين يمكنهم إسقاط الحكومة إذا لم يتم تلبية مطالبهم.
يمكن لنتنياهو بدلا من ذلك أن يحاول تشكيل ائتلاف مع أحزاب المعارضة ، لكن معظمهم يخشون الوثوق به.
بيْد أنه إذا استمرت خطط القضاء في شكلها الحالي، فمن المحتمل أن تواجه إسرائيل أزمة دستورية غير مسبوقة حيث يمكن للمحكمة العليا أن تلغي كل أو أجزاء من التشريع المصمم للحد من سلطاتها، وهنا يحق للحكومة أن تختار عدم الامتثال .
فأي نافذة وأي تسوية تلوح في أفق إسرائيل؟ مع صباحٍ بدت ملامحه مجهولة، فنتنياهو يرجئ كلمة كانت مقررة اليوم للإعلان عن تعليق مشروع قانون الإصلاح القضائي، وحلفاؤه يهددون بإسقاط حكومته.
aXA6IDE4LjIyNS43Mi4xNjEg جزيرة ام اند امز