حقائق لا يبوح بها الجيش.. إسرائيل أمام حسابات صعبة بلبنان
8 أشهر من الحرب في غزة، وضعت الجيش الإسرائيلي في موقف صعب، ودفع البعض للتشكيك في قدرته على شن حملة عسكرية أخرى.
في هذا السياق، اختار الخبير العسكري الإسرائيلي البارز ألون بن دافيد، لمقاله في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، عنوانا لافت "ما الذي لا يجرؤ الجيش الإسرائيلي على قوله؟".
إما إجابته على هذا السؤال فكانت "الجيش غير مستعد لحملة عسكرية واسعة في لبنان".
بن دافيد مضى موضحا أن "46% من الجمهور يعتقدون أن على إسرائيل أن تبادر بحرب ضد حزب الله، حتى مع استمرار القتال في غزة".
وأضاف "يشير هذا المعطى إلى وجود فجوة كبيرة في توقعات الجمهور لقدرات الجيش الإسرائيلي، وبالتالي من الضروري قول ما لا يجرؤ الجيش الإسرائيلي على قوله: الجيش غير مستعد حاليا لحملة واسعة في لبنان".
وتابع: "لتجنب الشك إذا فرضت علينا حرب واسعة ضد حزب الله فإن الجيش الإسرائيلي سيقاتل بما لدينا، وسيؤذي العدو أكثر، ولكن من المهم توضيح أن الجيش غير قادر حاليا على تحقيق إنجاز كبير في مواجهة حزب الله وتغيير الواقع في الشمال بشكل كبير".
وأوضح أنه "في أحسن الأحوال ستنتهي الحملة في الشمال بتسوية سيئة بثمن مؤلم".
معركة طويلة
وأردف بن دافيد "في الحالة الأكثر احتمالا الحرب لن تنتهي، وستجد إسرائيل نفسها في معركة استنزاف طويلة الأمد من شأنها أن تشل الحياة في معظم أنحاء البلاد".
وحول الحرب في غزة، قال بن دافيد "لم يحدث أبدا، خلال 76 عاما، أن تم إعداد الجيش الإسرائيلي لحرب تستمر تسعة أشهر".
وقال: "تم بناء الجيش الإسرائيلي كجيش ساحق، يقوم بتعبئة الاحتياطيات في لحظة القيادة، ويغادر ويحسم في غضون فترة زمنية قصيرة، ثم يعود إلى الروتين".
وأضاف "كانت جميع الخطط العملياتية للجيش الإسرائيلي عشية 7 أكتوبر/تشرين الأول مخصصة لحرب تستمر بضعة أسابيع فقط.. لم يتنبأ أحد بحرب لمدة عام أو عامين، لذلك لم يكن الجيش مستعدا لها".
وتابع معددا خسائر الجيش الإسرائيلي في حرب غزة: "قتل 666 وجرح 3922، واحتاج 11000 آخرون إلى علاج للصحة العقلية منذ بداية الحرب".
واستطرد "أكثر من 500 مركبة مدرعة تضررت بشدة، ولكن لم يخرج من الخدمة منها سوى بضع عشرات تدمرت كليا".
وأشار إلى حالة الجنود الإسرائيليين بالقول: "الجسد والروح مرهقان، إذا دعوناهم إلى احتلال جنوب لبنان فسيكونون هناك، لكنهم لن يكونوا في أفضل حالاتهم".
مخزون الذخيرة
بن دافيد قال أيضا: "استهلكت هذه الحرب ذخائر أكثر بكثير مما قدره الجيش الإسرائيلي في جميع خططه الحربية".
وتابع: "في الأشهر الأخيرة، اشترى الجيش الإسرائيلي ذخائر أكثر مما اشتراه منذ سنوات، ومع ذلك على الرغم من اقتصاد التسلح المفروض على القوات، فإن الاستهلاك مرتفع".
وأضاف: "ومنذ بداية الحرب وضع الجيش الإسرائيلي علامة على مخزون لا يمكن المساس به من الذخائر المخصصة للحرب في لبنان. يتم الحفاظ عليه وينمو أيضا".
لكنه استدرك: "ببطء، يدرك الجيش أننا في عصر حروب طويلة وغير حاسمة، وأن هذا المخزون محل شكوك فيما إذا كان سيكون كافيا لحرب طويلة".
ثم قال "يتلقى رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) وأعضاء الحكومة الصغيرة، أو ما تبقى منها، تحديثا أسبوعيا حول وضع مخزونات الجيش".
وأضاف: "لذلك، عندما يخلق رئيس الوزراء أزمة غير ضرورية مع الولايات المتحدة حول توريد الذخائر، فإنه يدرك تماما المغزى: تهدف الأزمة إلى تزويده بذريعة لعدم بدء حملة عسكرية في لبنان".
ماذا يقول الوزراء في الجلسات المغلقة؟
يبدو أن بعض الوزراء في الحكومة الإسرائيلية يدركون جيدا ما قاله بن دافيد عن وضع الجيش الإسرائيلي، بعيدا عن التصريحات التي تنشر بالإعلام.
وجرى تسريب جانب من جلسة المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) مساء أمس الخميس، حيث ذكر وزير الدفاع يوآف غالانت: "قلت للأمريكيين إننا لسنا من نريد حرباً في الشمال، وإذا توصلنا إلى اتفاق سيخرجهم (حزب الله) من الحدود فهذا مقبول".
وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير رد قائلا "كيف يكون ذلك ممكنا دون حرب؟ كيف ننهي الحدث بخير؟ ألم نتعلم درساً من عشرين عاماً من الترتيبات؟ سنتخذ الترتيبات اللازمة، وبعد عام أو عامين سوف يغتصبون زوجاتنا ويقتلون أطفالنا"، بحسب ما ورد في التسريبات نقلا عنه.
وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، قال بدوره "لكن حتى لو انتصرنا في الحرب فسوف نتوصل إلى تسوية. ألا تعتقد ذلك يا (...) بن غفير".
ورد بن غفير "إذا فزنا فلن يكون هناك من يمكن الاتفاق معه، وهذا أمر جيد".
رئيس الوزراء نتنياهو دخل على الخط، وقال "عودة سكان الشمال هي أساس أي اتفاق".