اتساع حرب غزة إلى لبنان.. سيناريو «أخطر» من 2006
مع تصاعد التوترات بين حزب الله وإسرائيل، بات الطرفان يعدان العدة لحرب قد تندلع في أي لحظة، مما طرح تساؤلات: من سيكون أكثر قدرة على إلحاق الأذى بالآخر؟ وما الخسائر التي ستنجم عن تلك الحرب؟
تساؤلات جاءت بعد تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، وتحذير قال العضو السابق بمجلس الحرب بيني غانتس من أنه «يمكننا إغراق لبنان بالكامل في الظلام وتفكيك قوة حزب الله في أيام».
فهل ستنجح إسرائيل في تنفيذ تهديداتها؟
تقول شبكة «سي إن إن» الأمريكية، إنه لن يكون من الصعب على تل أبيب أن تغرق لبنان في الظلام، خاصة وأن شبكة الكهرباء في البلاد، التي أصيبت بالفعل بالشلل بسبب عقود من سوء الإدارة والانهيار الاقتصادي تعمل بالكاد؛ الأمر الذي يجعل من السهل القضاء عليها عبر بضع غارات جوية.
إلا أن هدف تفكيك القوة العسكرية لحزب الله «يُعد مهمة أعقد بكثير»، بحسب «سي إن إن»، التي قالت إنه منذ حرب 2006، كانت إسرائيل وكذلك الجماعة المسلحة اللبنانية، تخططان لمعركة جديدة بينهما.
وإذا اندلعت حرب واسعة النطاق، سيكون كلا الجانبان قادرين على إلحاق ألم كبير بالآخر؛ فبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن ترسانة حزب الله تضم ما لا يقل عن 150 ألف صاروخ وقذيفة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أطلق الحزب بالفعل 5 آلاف صاروخ، ما يعني أن الكثير من ترسانته لا يزال سليما كما ذكر حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في خطابه الأسبوع الماضي.
وفوجئ المسؤولون الإسرائيليون بمدى تعقيد هجمات حزب الله والتي شملت ضربات منهجية محددة على مجموعة من مواقع المراقبة الإسرائيلية على طول الحدود، وإسقاط مسيرات إسرائيلية تحلق على ارتفاع عالٍ، وضرب بطاريات القبة الحديدية الإسرائيلية والدفاعات المضادة للمسيرات.
ووفقا لـ«سي إن إن»، فإن المفاجأة الكبرى لإسرائيل كانت اللقطات التي سجلها حزب الله عبر مسيرات ونشرها على الإنترنت لبنية تحتية مدنية وعسكرية حساسة للغاية في مدينة حيفا الشمالية وما حولها.
كيف سيرد حزب الله؟
وبالإضافة إلى أسلحته، من المحتمل أن يتمكن حزب الله من نشر ما بين 40.000 إلى 50.000 مقاتل، وذكر نصر الله مؤخراً أن العدد قد يزيد عن 100.000 اكتسب العديد منهم خبرة قتالية من خلال المشاركة في حرب سوريا.
وعلى عكس الجماعات الأخرى، يتمتع حزب الله بمستوى عالٍ من التدريب والانضباط، كما أن الوضع الجغرافي يختلف عن غزة حيث يتمتع لبنان بعمق استراتيجي، مع وجود أنظمة صديقة في سوريا والعراق، منا يسمح للحزب بالوصول المباشر إلى إيران.
وبشكل منتظم، ضربت إسرائيل أهدافا في سوريا مرتبطة بحزب الله، إلا أن المؤشرات تشير إلى أن تلك الهجمات لم تنجح إلا جزئيا.
وكانت جامعة رايخمان الإسرائيلية أصدرت تقريرا بعنوان «النار والدم: الواقع المروع الذي يواجه إسرائيل في الحرب مع حزب الله» طرح سيناريو قاتما يتضمن إطلاق الجماعة المتحالفة مع إيران ما بين 2500 إلى 3000 صاروخ وقذائف يوميا لمدة أسابيع مستهدفة المواقع العسكرية الإسرائيلية، وكذلك المدن المكتظة بالسكان في وسط إسرائيل، وهو رقم يفوق بكثير الصواريخ التي أطلقها الحزب في حرب 2006 التي استمرت 34 يوما والتي بلغ عددها 4 آلاف صاروخ بمعدل 117 يومياً.
ورغم أن مطار رفيق الحريري في بيروت سيكون هدفا للضربات الإسرائيلية في أي حرب مستقبلية مثلما حدث في 2006، إلا أن هذه المرة قد يتمكن حزب الله من الرد عن طريق استهداف مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب.
وفي 2006، كانت حيفا وهي ثالث أكبر مدن إسرائيل في مرمى صواريخ حزب الله، لكن صواريخ حزب الله اليوم يمكنها أن تصل إلى عمق أكبر داخل إسرائيل.
هل تتدخل أطراف ثالثة؟
وبدأ التوازن الاستراتيجي الذي كان لصالح إسرائيل لفترة طويلة يتغير؛ فخصومها أصبحوا مجموعة من الجهات الفاعلة من حزب الله مرورا بحماس والجهاد الإسلامي وصولا إلى الحوثيين والمليشيات في العراق وسوريا بالإضافة إلى إيران ذاتها وهي الجهات التي تضع المصالح الأمريكية في مرمى نيرانها بسبب دعم واشنطن لتل أبيب.
ويطلق الحوثيون بمساعدة إيران، صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، ويواصلون استهداف الملاحة في البحر الأحمر رغم وجود أسطول بقيادة الولايات المتحدة قبالة شواطئه.
ورغم أن المليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، أوقفت استهداف القوات الأمريكية منذ مقتل 3 جنود أمريكيين مطلع العام، إلا أن موقفها قد يتغير في حال اندلاع حرب بين لبنان وإسرائيل.
وتقليدياً، تسمح إيران للآخرين بخوض معاركها على أن تبقى قواتها في الخلفية، إلا أن الأمر تغير في أبريل/نيسان الماضي عندما ردت طهران، على استهداف مجمعها الدبلوماسي في دمشق، بوابل من مئات الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وقد يتكرر هذا الأمر، في حال تعرض حزب الله، حليفها الإقليمي الأول، لهجوم إسرائيلي.
وفي حالة اتساع الصراع، فإن هناك مخاوف من إغلاق إيران لمضيق هرمز وهي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية بشكل كبير.