فلسطينية تدرب اليهود وتروض الأمواج على "نهر التماسيح"
قارب الصيد الذي تملكه حمامة جربان مركون منذ وقت طويل، فبعد انتشار فيروس كورونا المستجد منعت السلطات الصيد
تمتلك مدرّبة ركوب الأمواج الفلسطينية حمامة جربان مواهب متعددة ترتبط كلها بالبحر الذي عشقته منذ نعومة أظفارها، ولا تغلق باب صفها في وجه أحد.
تطلق حمامة في قريتها جسر الزرقاء على البحر المتوسط في شمال إسرائيل، صفارتها لينطلق طلابها على ألواحهم الخشبية بألوانها الجميلة متسابقين لولوج البحر.
وجربان (41 عاماً) التي ارتدت بزة سوداء وعلقت على صدرها صافرة وكانت تسير حافية القدمين على شاطئ جسر الزرقاء جنوب حيفا، رياضية وصيادة سمك ومنقذة ومدربة سباحة، ومدربة ركوب الأمواج ولاعبة كرة قدم.
تقول: "أنا ابنة البحر، كان والدي يلقينا في الماء عندما كنا صغاراً ويقول لنا (اسبحوا) تعلَّمت الصيد على يدي والدي وجدي. عائلتي ورثت الصيد أباً عن جد، وحصلت على شهادة مدربة لركوب الأمواج والإنقاذ وتدريب السباحة من معهد (فينجيت) للتربية البدنية الرياضية في نتانيا"، أعلى مؤسسة رياضية في إسرائيل.
قبل الانطلاق، تعطي حمامة جربان تعليماتها لفتيات وفتيان ربطوا إحدى قدميهم باللوح حول كيفية الاستلقاء عليه والسباحة، ومتى ينتصبون واقفين قبل ركوب الأمواج.
ويحمل الطلاب الذين ارتدى بعضهم سترات كتب عليها بالإنجليزية "ركوب الموج من أجل السلام" الألواح. وتوضح جربان أن هذه العبارة هي اسم المدرسة التي تُدرّب فيها مع شقيقها على هذه الرياضة.
ويقوم الشقيقان بالتدريب قبل ظهر أيام الجمعة والسبت، فيما يأتي طلابهم من جسر الزرقاء وأيضاً من الجليل ومناطق المثلث.
على الشاطئ، يتقاطع مسار الطلاب مع مجموعة من الإسرائيليين الذين يمرون في المكان على الخيول.
وتقول رئام (21 عاماً) التي تدرس هندسة معمارية في جامعة إسرائيلية، وهي تحمل لوحها لركوب الموج وتتوجه صوب البحر أنها تأتي من باقة الغربية التي تبعد حوالي 32 كيلومتراً عن جسر الزرقاء، "أنا أحبّ الرياضة، وكنت أمارس كرة سلة. وأنا أتمتع بالتدرّب مع حمامة".
إلى جانب انشغالاتها المتعددة، تعمل حمامة جربان خلال فصل الصيف مسعفة على شواطئ جسر الزرقاء، وهي متطوعة في وحدة الإنقاذ البحرية من قيسارية حتى شمال حيفا، للبحث عن مفقودين أو مساعدة أشخاص يواجهون حوادث أو صعوبات في البحر.
توضح أنها دربت فتاتين يهوديتين من المتدينات من القدس، موضحة "كانت عائلتهما على الشاطئ، فشاهدت تدريبي، وطلبت مني أن أدرب ابنتيهما، وكانت في الحادية عشرة والثالثة عشر".
وقرية جسر الزرقاء هي القرية العربية الوحيدة في إسرائيل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتتوسط الطريق الرئيسي بين حيفا وتل أبيب، وهي من أفقر القرى في المنطقة، بيوتها عبارة عن أكواخ من الصفيح وشوارعها ضيقة.
لكن على الخط البحري، مناظر طبيعية جميلة، إذ يمر فيه نهر الزرقاء أو "نهر التماسيح"، وتظهر آثار طواحين قديمة وبقايا سد بات متنزهاً ومحمية طبيعية منذ التسعينيات.
وتحدّ القرية من الشمال مدينة قيسارية الأثرية التي تعتبر من أغنى المدن في إسرائيل، ويملك فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بيتاً.
وبنت قيسارية جداراً ترابياً يفصلها عن جسر الزرقاء العام 2002 يمتد على طول كيلومتر ونصف الكيلومتر، ويبلغ ارتفاعه 5 أمتار، وزرع سكان قيسارية في الجدار الورود والأشجار.
قارب الصيد الذي تملكه حمامة جربان مركون منذ وقت طويل، فبعد انتشار فيروس كورونا المستجد، منعت السلطات الصيد.
وبعدما خففت إسرائيل القيود، واجهت الصيادين مشكلة تعليمات وزارة الزراعة بعدم الصيد في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران بحجة أنها فترة تبويض لنوع من الأسماك.
وبعد احتجاجات، سمحت وزارة الزراعة لهم بالبدء بالصيد اعتبارا من17 يونيو/حزيران.
لكن جسر الزرقاء تقع تحت سلطة حماية الطبيعة (هيئة عامة إسرائيلية) منذ العام 2010 بقرار حكومي. ووعد السكان في حينه بمشروع تطوير للبلدة لم يحصل. وتوجهت حماية الطبيعة إلى المحكمة لمنع تقديم فترة الصيد.
ولاحقت حماية الطبيعة مؤخراً حمامة جربان لأنها جددت كوخها لوضع معدات ركوب الأمواج فيه وتوسيعه، وعليها أن تمثل أمام المحكمة الشهر المقبل.
وتقول الناطقة باسم سلطة الطبيعة: "طوّرنا كثيراً في قرية الصيادين، وأقمنا ممشى على البحر، لكن أي بناء غير قانوني في القرية يجب أن يهدم"، لافتة إلى إلى أن "قرار الهدم تقرّره سلطة أراضي إسرائيل".
وتروي جربان: "تعرضنا لخسائر فادحة، فالصيادون يعيشون يوماً بيوم، وأمامنا ثلاثة أشهر حتى 20 سبتمبر/أيلول، يكون البحر خلالها عالي الموج ولا نستطيع الصيد".