شوكة في ظهر نتنياهو.. من هم «الحريديم»؟
معركة داخلية جديدة سيكون على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خوضها بسبب التجنيد الإجباري لطائفة "الحريديم".
فالحريديم أو اليهود الأرثوذكس المتشددون يتمتعون بإعفاء من الخدمة بالجيش، وهو ما لا يعجب القوى العلمانية الأخرى التي تطالب بإلغاء هذا الإعفاء.
الأمر وصل للمحكمة الإسرائيلية العليا بالقدس، التي عقدت جلسات استماع لمناقشة هذا الأمر، فيما توافد العشرات من الحريديم للتظاهر في القدس، مما دفع الشرطة الإسرائيلية لتفريقهم.
وربما تكون خطوة تجنيد الحريديم هي الضربة القاضية لحكومة نتنياهو، الذي ساعدته الأحزاب المتشددة مع الأحزاب المنتمية إلى اليمين المتطرف في الفوز بأغلبية برلمانية طفيفة، لكن هذه الأحزاب جعلت في الحكومات السابقة الإعفاء من التجنيد شرطا للبقاء في الائتلاف الحاكم.
ويشكل الحريديم 13% من سكان إسرائيل، وهي نسبة من المتوقع أن تزيد إلى 19% بحلول 2035، بسبب ارتفاع معدلات المواليد بينهم، ويمثل الرجال الحريديم 17% من الذكور في سن التجنيد.
من هم الحريديم؟
اليهود الأرثوذكس المتشددون أو «الحريديم» هم طائفة يهودية متشددة، وتعني كلمة «الحريدي» التقيّ.
ويتنكر يهود «الحريديم» للصهيونية، ويعيش أغلبهم في إسرائيل والولايات المتحدة، كما يعيش البعض منهم في الدول الأوروبية ويتنقلون بينها، ويتبنون في معتقداتهم التوراة والأصول الفكرية اليهودية القديمة.
وتتمحور حياة يهود «الحريديم» حول الحاخام، ويتشاركون في عاداتهم الخاصة في العبادة والطقوس والتشريعات التوراتية والزي والحياة اليومية.
ويكرس الحريديم حياتهم للإيمان، إذ يجتمعون للصلاة في المعابد 3 مرات يوميا ويتعلمون في المعاهد الدينية الكبرى.
ويرفض اليهود المتشددون التجنيد الإجباري، ويطالبون بالحق في الدراسة بالمعاهد اللاهوتية بدلاً من الخدمة بالزي العسكري طوال 3 سنوات.
رفض «الديمقراطية»
ويقول البعض إن أسلوب حياتهم المتدين قد يتعارض مع الأعراف العسكرية، بينما يعبر آخرون عن معارضتهم "الدولة الديمقراطية".
ويعتبر الحريديم أن مهمتهم تقتصر على دراسة التوراة، كما يمتنع الشبان دائماً عن التجنيد بسبب انشغالهم بدراسة تعاليم اليهودية والشرائع التوراتية، وأن التفرغ لدراستها لا يقل أهمية عن الخدمة العسكرية.
كما يتحججون بصعوبة الحفاظ على التدين والتعاليم اليهودية بسبب الاختلاط في الجيش، خصوصاً أنهم يلتزمون بنصوص توراتية تخص الفصل بين الجنسين وتمنع الاختلاط والعلاقات بين الرجال والنساء، ويلتزمون بيوم السبت اليهودي، حيث لا يعملون فيه ويخصصونه لزيارة المعابد وقراءة التوراة فقط.
ويتقوقع الحريديم على أنفسهم، وهم متعصبون للقيم التقليدية التوراتية اليهودية، كما يرفضون الانفتاح على الثقافة الأوروبية والغربية وقيم العلمانية والديمقراطية، التي يرون أنها تأخذ مكان الشريعة اليهودية مصدراً وحيداً للتشريع وإدارة الحياة العامة للشعب اليهودي بنظرهم.
وبحسب تعاليمهم يعتقد الحريديم أن دراسة التوراة هي الضمان للحفاظ على بقاء إسرائيل، ويرون أن دور الرجل المتدين هو "دراسة التوراة وليس التجنيد في الجيش".
والتجنيد مفروض على الإسرائيليين اليهود عند بلوغهم 18 عاماً، حيث يخدم الرجال لنحو 3 أعوام و8 أشهر والنساء لعامين.
ومنذ قيامها في 1948، واجهت إسرائيل مشكلة تجنيد الحريديم، وعاملهم أول رئيس وزراء ديفيد بن غوريون معاملة خاصة، كونهم كانوا ضامنين لاستمرار دراسة تعاليم الديانة اليهودية.
وفي 2018 أبطلت المحكمة الإسرائيلية العليا قانوناً يعفي الرجال المتشددين من الخدمة في الجيش، إعمالاً لمبدأ المساواة، ولم تفلح مساعي البرلمان في التوصل إلى قواعد جديدة، وينتهي سريان أمر أصدرته الحكومة بتعليق التجنيد الإلزامي للمتشددين في مارس/آذار الجاري.