قناص إسرائيلي يحول وجه الفلسطيني هيثم أبو سبلة إلى فوهة بركان
والد هيثم أبو سبلة قال لـ"العين الإخبارية" إن ابنه كان محبطاً جداً في الفترة الأخيرة بسبب صعوبة الظروف لكن مسيرة العودة منحته الأمل
الوقت عصراً للشاب هيثم أبو سبلة الذي سقط أرضاً بعد أن تحول وجهه إلى فوهة بركان، يتصاعد منه الدخان الأبيض والغاز المسيل للدموع، مشهدٌ ستخلده الأحداث الجارية في مسيرة العودة الفلسطينية، فالقناص الإسرائيلي الذي يتخير ضحاياه، يصنع الفظائع فيهم، باحثاً عن نقاط ضعفهم لتكون مدخلاً للفت الأنظار، بعد غطاء دولي فضفاض لجرائمه التي يرتكبها بحق الفلسطينيين العزل.
هيثم ابن الثلاثة والعشرين سنة، عاطل عن العمل، حاول اصطياد فرصة ما لتفعيل شبابه، وتأمين حياة كريمة له، إلا أن الظروف القاهرة التي يعيشها قطاع غزة، كانت له بالمرصاد، وليكسر ملله قرر المشاركة في مسيرة العودة بشكل اعتيادي، وبدون ضجيج يذكر، وليشعر في نهاية المشاركة أنه يفعل شيئاً مهماً في حياته.
والده صبحي أبو سبلة (أبو محمود) يقول لـ"العين الإخبارية" إن ابنه كان محبطاً جداً في الفترة الأخيرة، بسبب الظروف الصعبة التي منعت إتمام زواجه، ولعدم توفر فرصة عمل ولو بالحد الأدنى ليكمل مراسم فرحه، فتوقف كل شيء أمامه كجدار لا رحمة فيه، فقرر الذهاب الى خزاعة شرق مدينة خانيونس بشكل شبه يومي ليشارك في مسيرة العودة، ويرجع بعد كل مشاركة متعباً ومنهكاً فيأكل وجبته الوحيدة، وينام لليوم التالي وهذه هي حياته منذ انطلاقة المسيرة.
وعن وضعه الصحي يقول والد هيثم إنه وصل أمس إلى مستشفى ناصر في مدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، وكان الدخان لا يزال يتصاعد من فمه، وبالفحص الأولي تبين أن قنبلة غاز دخلت وجهه وانفجرت في فمه، ما أسفر عن سقوط فكه السفلي وتضرر فمه بشكل كبير، والأطباء يقدرون خطورة وضعه بسبب مباشرة الإصابة واستنشاقه الغاز بشكل كثيف، لذا قرروا إدخاله العناية المكثفة، ومنعوا زيارته بشكل قطعي، لخطورة حالته الصحية.
من جهته، يصف المسعف محمد الهسي (أبو غازي) لـ"العين الإخبارية" لحظة إصابة هيثم أبو سبلة فيقول: "قرابة عصر يوم الجمعة الأخيرة في رمضان، كان يقف أمام خيمة الإسعاف شابٌ متوسط القامة لا يفعل شيئاً سوى أنه ينظر أمامه باتجاه السلك الفاصل، وفي منطقة أمنة وغير متوترة، إلا أننا وجدناه فجأة متوسداً الأرض في مكانه، والدخان الأبيض يتصاعد من فمه بشكل كثيف للغاية، ذهبنا إليه مسرعين لإنقاذه، إلا أن الإصابة المباشرة تسببت بإسقاط فكه السفلي والدخان تسرب إلى جسده بسرعة فائقة، لم نستطع فعل شيء له سوى مسح وجهه بالمنظفات الطبية، وربط فمه كإسعاف أولي ونقله بسرعة إلى مستشفى ناصر، وهناك يتم التعامل مع حالته على أنها حالة خطرة جداً.
إسرائيل تدعي من جهتها أنها تستخدم الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين الفلسطينيين كسلاح تفريق وليس قتل، ولكن الإصابات المباشرة قد تهدد حياتهم، وهذا النوع من السلاح يعد أقل ما يمكن استخدامه لتفريق المتظاهرين كما يدعي الناطق باسم جيشها.
ورغم ارتفاع ضحايا مسيرة العودة السلمية والذين وصولوا إلى 123 شهيدا فلسطينيا من بينهم أطفال رضع وممرضة وصحفيين، إلا أن إسرائيل تروج مبرراتها للقتل بطريقة مقلوبة للحقائق.
لكن محمود شقيق هيثم الأكبر الذي يشاركه فعاليات مسيرة العودة كل جمعة، يقول لـ"العين الإخبارية" إن هيثم اعتاد على المشاركة من باب كسر الرتابة ولأنه لا يعمل شيئاً، وكانت جميع مشاركاته سلمية، فهو لا علاقة له بالتنظيمات، ولكن مسيرة العودة التي انطلقت يوم 30 مارس/آذار استحوذت على اهتمامه، وبحكم بعد منزلنا الكائن في منطقة معن بمدينة خانيونس، والبعيدة عن منطقة خزاعة حيث السلك الفاصل، كان هيثم يمشي سيراً على الأقدام إلى خيام المسيرة، ليكتشف حياةً أخرى قد تكون أفضل من رتابة وضجر.
هيثم أبو سبلة الذي يقضي أياماً حرجة جداً في حياته، يفتح أهله أكف الضراعة لله أن ينجيه، ليكملوا مراسم عرسه، ويفرحوا من بعد خوف عليه.
aXA6IDMuMTQ1LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز