"الأستانة 3".. الحضور "إجباري" على طاولةالتفاوض
طرفا الأزمة السورية سيحضران الأستانة 3 مجبرين، وكل منهما يحمل قناعات مختلفة يرفض التخلي عنها، فهل يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى جديد؟
كما التلميذ الكسول الذي يتم اقتياده قسرا إلى المدرسة، لا لشيء إلا لأن الحضور "إجباري"، يبدو الوضع كذلك بالنسبة لمفاوضات "الأستانة 3"، المقرر انطلاقها غد الثلاثاء، وتستمر حتى الأربعاء.
الفصائل السورية المسلحة، الممثلة للمعارضة، وكما هو الحال قبل "أستانة 2"، أصدرت الجمعة الماضية بيانا هددت فيه بعدم المشاركة، وقالت إن لديها شرطين لقبول دعوة الحضور للمؤتمر، وهما وقف التهجير القسري والتغيير الديمغرافي في حي الوعر وغيره من المناطق السورية، ووقف إطلاق النار في المناطق التي تسيطر عليها التشكيلات الثورية.
والنظام السوري، يرى أن هذه المفاوضات لن تثمر عن جديد، لأن الحل السياسي من وجهة نظره، هو ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد مؤخرا في حوار مع قناة فينيكس الصينية، ويتعلق بعقد اتفاقات مصالحة مع المعارضة المسلحة، تمكنه من السيطرة على بعض المناطق، كما حدث في الغوطة الشرقية، آخر معاقل المعارضة قرب دمشق.
ورغم تهديد المعارضة وعدم اقتناع النظام، إلا أن روسيا الداعمة للمؤتمر تستطيع دفع النظام السوري للحضور، وتركيا التي حدث بينها وبين روسيا تقارب ملحوظ في الفترة الأخيرة، تستطيع أن تقوم بالدور نفسه مع الفصائل المسلحة، وهو الأمر الذي حدث على ما يبدو، فخرج وزير خارجية كازخستان خيرات عبد الرحمنوف، الذي تستضيف بلاده المؤتمر، بتصريح أمس الأحد أكد فيه أن المؤتمر في موعده.
ولكن هل يمكن أن ينتج عن هذا المؤتمر أي جديد، طالما أن أطرافه سيقت، كما الطالب الكسول، إلى الحضور على غير رضاها؟
يقول الأطباء النفسيون إن الرغبة هي حجر الزاوية في عملية التعلم، وإذا لم يرغب الطالب في التعلم فإن مهمة المعلم في المدرسة ستكون شبه مستحيلة، وهو الأمر نفسه الذي يؤكد عليه علم التفاوض، إذ يعتبر وجود "رغبة مشتركة بين طرفي التفاوض"، أحد الشروط المهمة لنجاح العملية التفاوضية، ويتعلق هذا الشرط أساسا باقتناع طرفي التفاوض، بأنه الوسيلة الوحيدة أو الأفضل لحل هذا النزاع أو وضع حدا له، وهو ما لا يوجد في الحالة السورية.
فالنظام على نحو ما أسلفنا يذهب إلى مائدة التفاوض وهو غير مقتنع، والمعارضة لا تزال مصرة على عدم قراءة الواقع على الأرض، وترى أن رحيل بشار الأسد هو الحل الوحيد للأزمة السورية.
ولم تنجح جولات جنيف الأربعة، وجولتا الأستانة السابقتان في إقناع كلا الطرفين أن التفاوض عملية مرنة تتطلب تكيفا مع الظروف المحيطة بالعملية التفاوضية، وقراءة التغيرات التي تحدث على الأرض، فماذا ننتظر من "أستانة 3"؟!
aXA6IDMuMjMuMTAzLjIxNiA= جزيرة ام اند امز