21 أكاديميا تركيا يحذرون من مخاطر مشروع قناة إسطنبول
أكاديميون أتراك حذروا من أن مشروع الممر المائي سيحمل مياه شاطئ البحر الأسود المحملة بالتلوث إلى النظام البيئي الدقيق لبحر مرمرة
حذر أكاديميون أتراك من أضرار بيئية واجتماعية خطيرة غير قابلة للإصلاح لمشروع قناة إسطنبول على المدينة، فضلا عن الأضرار التي ستلحق بالدول المجاورة.
جاء ذلك في تقرير لجمعية "حماية الطبيعة"، شارك في إعداده 21 أكاديميا تركيا لكشف أضرار مشروع الممر المائي الصناعي، الذي يصنع وصلة ثانية بين البحر الأسود وبحر مرمرة، عبر آخر مناطق الغابات المتبقية شمالي إسطنبول، حسب موقع "أحوال تركية".
وقال التقرير إن مشروع الممر المائي سيحمل مياه شاطئ البحر الأسود المحملة بالتلوث إلى النظام البيئي الدقيق لبحر مرمرة.
وسيؤدي التطوير الحضري الجديد الناجم عن مشاريع الجسر الثالث على مضيق البوسفور ومطار إسطنبول الجديد الضخم وقناة إسطنبول إلى فقدان حياة بحرية فريدة قبالة شواطئ المدينة، فضلاً عن فقدان آخر غابات متبقية من المدينة القديمة التي تأسست قبل 8.5 ألف عام، في حين يزيد عدد سكانها الذي يربو على 15 مليون نسمة إلى مستويات غير طبيعية جديدة، حسب ما جاء في التقرير.
وستؤدي الأضرار التي لحقت بالمياه الجوفية في إسطنبول إلى تدمير الأراضي الخصبة في منطقة تراقيا الشمالية بشكل كبير، مما سيؤدي أيضاً إلى تدهور سريع في جزء من الأراضي الصالحة للزراعة، والتي تبلغ مساحتها 66 ألف هكتار وتقع معظمها في الجزء الشمالي من المدينة.
ومن شأن زيادة التطوير على طول القناة أن يؤدي إلى تفاقم فقدان الأراضي الزراعية، حيث ستؤدي أي تسريبات من القناة إلى مكامن المياه الجوفية في إسطنبول إلى تملح لا يمكن إصلاحه في الجانب الأوروبي من المدينة، وبالنظر إلى حقيقة أن نسبة كبيرة من مياه الشرب تأتي من آبار المياه الجوفية فستواجه المدينة خطر نقص المياه.
وستصنع القناة أيضاً جزيرة من الجانب الأوروبي لإسطنبول، الأمر الذي سيجبر الحياة البرية على التكيف مع النظام البيئي للجزيرة أو مواجهة الهلاك، نتيجة فقدان القدرة على السفر ذهاباً وإياباً في عمق تراقيا.
وأضاف التقرير "في مثل هذه الجزيرة التي من المتوقع أن تستسلم تماماً للمشهد الحضري لا يمكن توقع استمرار وجود أنواع النباتات والحيوانات التي تعتمد على الأرض أو هبوط وطيران الطيور المهاجرة".
وأضاف أن طيور اللقالق والطيور الجارحة التي تمر عبر إسطنبول خلال هجرتها إلى أفريقيا ستواجه مصاعب في عبور البحر.
وستزداد البصمة الكربونية في إسطنبول بمقدار النصف تقريباً، من 49 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون إلى نحو 71.3 مليون طن مع الزيادة المتوقعة في عدد سكان المدينة، قبل تأثير السيارات التي تعبر طريق مرمرة الشمالي السريع والسفن التي تعبر القناة والرحلات الجوية من وإلى المطار الجديد.
وتابع "اتخاذ القرارات لزيادة هذا المستوى بدلاً من اتخاذ إجراءات لخفضه سيؤدي إلى عواقب سلبية على إسطنبول وبلدنا والعالم على المدى الطويل".
من جانبه، قال أستاذ الجيولوجيا ناجي غورور لموقع "أحوال" إن القناة ستواجه حتماً زلازل كبرى.
ومن المتوقع أن يحدث زلزال محتمل بقوة 7.3 درجة في منطقة مرمرة بسبب الانهيار في خط صدع شمال الأناضول، قبالة شاطئ منطقة سيليفري في إسطنبول مما سيشكل الجانب الشرقي من القناة في حالة اكتمال المشروع.
وحذر غورور من أن مثل هذا الزلزال سيكون له تأثير على القناة أكثر من 10 درجات على مقياس ريختر.
وأضاف أن الانزلاق أو الانكسار أو الالتواء في هيكل القناة في حال حدوث زلزال سيؤدي إلى كارثة واسعة النطاق في حد ذاته.
وتابع "ثمة مبعث قلق آخر يتمثل في الخطر المتزايد في حال حدوث زلزال بسبب زيادة الكثافة السكانية"، وينصح بتخفيض الكثافة السكانية في المناطق المعرضة للزلازل مثل إسطنبول.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد فكرت أدامان إن أنصار القناة يتجاهلون مخاطر الخسارة الاقتصادية إلى جانب الدمار البيئي.
وأوضح أن الربط بين كيانين بيئيين بشكل مصطنع مثل بحر مرمرة والبحر الأسود سيؤدي إلى تطورات بيئية واجتماعية واقتصادية معقدة، وربما يؤدي إلى أضرار جسيمة.
وأضاف "ستمثل قناة تعبر شبه جزيرة شاتالجا ضغطاً خطيراً على التوازن البيئي في المنطقة، بدءاً من المياه الجوفية".
ومضى قائلاً "إن تخصيص موارد تركيا للقناة سيحرم المناطق الأخرى من الموارد التي تحتاج إليها".
بينما قال عالم البحار جمال سيدام "إن هناك نهراً كبيراً يبلغ معدل تدفقه 300 مليون متر مكعب في اليوم، وبعمق 30 متراً في مضيق البوسفور، لافتا إلى أن مشروع القناة لم يتم بحثه وأثره على كيان الديناميكا المائية للبوسفور".
وأضاف أن إطلاق مشروع قناة إسطنبول قبل استكشاف تأثير المشروع على الديناميكا المائية في مضيق البوسفور "ينبغي اعتباره خطأ كبيراً ضد إسطنبول".
وبسبب قيود موارد إسطنبول يتم جلب المياه الصالحة للشرب بتكلفة عالية من نهر ملين في مقاطعة دوزجه المجاورة في شرق البلاد، حسب ما قال سيدام.
ويقع نحو 46% من إسطنبول على أحواض مياه، حيث يحظر جهاز التخطيط الحضري للمدينة التطوير، هناك 7 أحواض في المدينة وحولها توفر مع البحيرات والسدود والأحواض 72.4% من مياه الشرب في إسطنبول.
ويعبر الطريق المقترح للقناة عبر بحيرة كوجك جكمجة، ليقضي على سد سازلديري، الذي يشكل حالياً 10.2% من موارد المياه بالقرب من المدينة، ويقول سيدام إن السد، الذي تم تدشينه في عام 1998 باستثمار مليارات الليرات، لا يزال في المراحل الأولى من فترة صلاحيته.
وقال سيدام إن هناك حاجة لإزالة الإنشاءات الكبرى مثل خط سكة حديد إسطنبول-تراقيا والطريق الأوروبي السريع وطريق إي 5 السريع والعديد من الطرق المهمة ومعرض المياه التاريخي في تيركوس-أليبي وعشرات خطوط توزيع مياه الشرب الرئيسة، ومحطة أتاكوي لجمع مياه الصرف الصحي من أجل القناة.
من جهته، قال مدير الصندوق العالمي للحياة البرية في تركيا سيدات قلم "إن نجاح قناة إسطنبول يعتمد على افتراض أن السفن ستستخدم الممر المائي الصناعي بدلاً من مضيق البوسفور، وهو أمر لا يمكن إجبار السفن عليه بسبب اتفاقية مونترو والقانون الدولي".
وسيؤثر إجبار السفن الأجنبية على استخدام قناة إسطنبول سلباً على التوازن العسكري الذي أنشأته وحافظت عليه اتفاقية مونترو، والتي تقيد السفن العسكرية بالوزن والنوع وتنص على أنه لا يمكن للسفن القادمة من بلدان أخرى غير تلك التي لها حدود على البحر الأسود سوى البقاء في البحر الأسود لمدة 21 يوماً كحد أقصى، مما يحفظ الأمن لتركيا وجيرانها الشماليين.
وعلى صعيد الأضرار البيئية التي ستلحق بالدول المجاورة، قالت نيلوفر أورال، عضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، إنه يمكن اعتبار تركيا مسؤولة عن الأضرار البيئية التي لحقت بالبلدان على ساحل البحر الأسود، بناء على المبدأ الأساسي بعدم الإضرار في القانون الدولي، حيث تلتزم الدول بمنع وتقليل والسيطرة على خطر الإضرار البيئي بالدول الأخرى.
وأوضحت أورال أن اتفاقية بوخارست لعام 1992 بشأن حماية البحر الأسود من التلوث التي وقعتها تركيا وروسيا وأوكرانيا وجورجيا وبلغاريا ورومانيا تتطلب من الدول المجاورة التشاور مع الجيران الآخرين في الأمور التي تؤثر على البحر الأسود.
وبناء على ذلك، قد تنتهك تركيا التزاماتها القانونية إذا شرعت في مشروع قناة إسطنبول دون إبلاغ الدول الخمس الباقية والتشاور معها وإقامة تعاون تقني معها، حسب ما قالت أورال.
aXA6IDE4LjExNi45MC41NyA=
جزيرة ام اند امز