بلدية إسطنبول.. من شرعية الصناديق لـ"انقلاب" أردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قرر الانقلاب على شرعية الصندوق الانتخابي وإعادة الانتخابات بعد خسارة حزبة في بلدية إسطنبول.
إسطنبول البلدية التي خرجت من تحت سيطرة الحزب الحاكم، عادت لواجهة الأحداث مرة أخرى، حيث قررت اللجنة العليا للانتخابات، الاثنين، إعادة الانتخابات البلدية في المدينة التي فازت بها المعارضة في أواخر مارس/آذار الماضي.
جاء قرار اللجنة الذي اعتبره الكثيرون "انقلابا" على شرعية الصندوق من جانب اللجنة العليا للانتخابات في تركيا والذي يتمتع بسلطة قضائية، وسط اجواء يستخدم فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القضاء لتعزيز نفوذه، بعد اتهام سلطات أردوغان، في وقت سابق، موظفين بإسطنبول أشرفوا على الانتخابات بالانتماء لجماعة الداعية فتح الله غولن، الذي يتهمه أردوغان بتدبير محاولة الانقلاب المزعومة في 15 يوليو/تموز 2016.
- بلدية إسطنبول.. أسقطت أردوغان بعدما صنعت أكذوبته
- أكرم إمام أوغلو.. معارض تركي أنقذ إسطنبول من أردوغان
وزعمت اللجنة أن إعادة الانتخابات داخل بلدية إسطنبول جاءت بعد أن استجوبت السطات أكثر من 100 مسؤول انتخابي، وجدت صلات بين 43 منهم بجماعة غولن.
"العين الإخبارية" ترصد في التقرير التالي كيف سارت الأمور في بلدية إسطنبول منذ بدء الانتخابات البلدية بها مرورا بالإعلان الرسمي لفوز مرشح المعارضة أكرم أوغلو وصولا إلى "انقلاب" أردوغان على شرعية الصناديق.
الصندوق الانتخابي واعتراف أردوغان
شهدت تركيا في 31 مارس/آذار الماضي انتخابات بلدية هي الأصعب لنظام الرجل الواحد الذي سيطر على المشهد في تركيا رجب طيب أردوغان.
نتيجة الانتخابات المحلية كانت بمثابة صفعة قوية للحزب الحاكم الذي أدت سياساته إلى انهيار الاقتصاد، وتراجع العملة المحلية بخلاف العزلة الدولية نتيجة السياسات الخارجية المتخبطة للرئيس التركي.
فبعد يوم من إجراء الانتخابات وقبل إعلان النتائج الرسمية أعلن مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم فوزه في إسطنبول.
وفي نفس التوقيت الأول من أبريل/نيسان الماضي، أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات، سعدي غوفن، تقدم مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو على حساب بن علي يلدريم.
وأكد غوفن، في تصريحات للصحفيين آنذاك، حصول مرشح المعارضة الرئيسي في كبرى الولايات التركية على 4159650 صوتا مقابل 4131761 صوتا لمرشح حزب العدالة والتنمية.
وقبل إعلان رئيس اللجنة العليا للانتخابات، أقر أردوغان بخسارة حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، متعهداً بمعالجة مكامن الضعف.
نتائج الصناديق دعمت استطلاعات للرأي أظهرت جميعها أن المعارض أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية مقاطعة بيليك دوز، سيكون مقصلة يلدريم في إسطنبول.
وبخسارة العدالة والتنمية لمدينة إسطنبول، نجح أكرم إمام أوغلو في إنقاذ القلب الديموغرافي والاقتصادي للبلاد من هيمنة أردوغان.
ألاعيب أردوغان
رغم إعلان النتائج واعتراف أردوغان، بدء الحزب الحاكم في الألاعيب، حيث تقدم بطلب رسمي للطعن على النتائج، وإعادة فرز الأصوات، وتمادى في مطالبه، وطالب بإلغاء الانتخابات بالكامل في المدينة، لكن اللجنة العليا للانتخابات رفضت مطلبه الأخير.
استمرت المطالب الرسمية من جانب حزب أردوغان بخلاف الهجوم الضاري على المعارضة في وسائل إعلام الحزب والتشكيك في النتائج من أجل إعادة الانتخابات.
وفي الرابع من أبريل/نيسان، أكد أكرم إمام أوغلو المعارض الفائز ببلدية إسطنبول، أنه لا يزال متقدما بفارق 18 ألفا و742 صوتا بعد اكتمال عملية إعادة فرز الأصوات الباطلة في 17 من أصل 39 دائرة بالمدينة.
وقال أوغلو، في تصريحات لتلفزيون "فوكس" التركي، إنه تمت إعادة فرز 119 ألفا و652 صوتا باطلا، وقد أضيف 2184 صوتا لصالح الحزب الحاكم الذي يتزعمه أردوغان.
لم يكن التشكيك والمطالب هما عصا الحزب الحاكم فقط، بل استمر النظام التركي في التهرب من تسليم البلدية إلى المعارض الفائز في الانتخابات أكرم إمام أوغلو.
وفي 16 أبريل/نيسان انتهت اللجنة الانتخابية بإسطنبول، من إعادة فرز 1089 صندوقًا انتخابيًا بقضاء "مال تبه" الذي استغرقت عملية إعادة فرز الأصوات فيه أكثر من أسبوع؛ جراء الطعون المتكررة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
وكان آخر تلك الطعون، تلك التي قد قدمها الحزب الحاكم، زاعما وجود مخالفات في المضابط التي تم إعدادها بعد الانتهاء من الفرز، لكن اللجنة الانتخابية رفضت ذلك الطعن.
وعقب ذلك تم نقل مضابط إعادة فرز الأصوات إلى القصر العدلي برفقة عناصر الشرطة، حيث يوجد مقر اللجنة الانتخابية بإسطنبول.
ووفق المضابط النهائية فإن أكرم إمام أوغلو حصل على 4 ملايين و169 ألفًا و765 صوتًا، بقارق يقدر بـ13 ألفًا 729 صوتًا عن منافسه مرشح الحزب الحاكم، بن علي يلدريم الذي حصل على 4 ملايين، و156 ألفًا و36 صوتًا.
وبعد 17 يوما من المراوغة الأردوغانية، تسلم أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، وثيقة تنصيبه رسميًا، وتوجه أوغلو إلى القصر العدلي (المحكمة) في مدينة إسطنبول؛ بعد دعوته من قبل اللجنة الانتخابية بالمدينة، لاستلام وثيقة الفوز.
وقامت اللجنة الانتخابية بمدينة إسطنبول، بتسليم أوغلو وثيقته في حضور عدد من قياديي حزب الشعب الجمهوري، وحشد كبير من أنصاره، فضلا عن عدد من وسائل الإعلام المختلفة.
وفي تغريدة على حسابه الشخصي بموقع توتير، وقبيل تسلمه الوثيقة قال إمام أوغلو "ها أنا بصدد استلام وثيقة فوز 16 مليون شخص (في إشارة لعدد سكان مدينة إسطنبول)".
انقلاب أردوغان
للمرة الأولى منذ عام 1994 تمكن سياسي من حزب لا ينتمي لتيار الإسلام السياسي من انتزاع رئاسة بلدية إسطنبول، إثر فوزه على مرشح مقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات البلدية الأخيرة.
الأمر الذي دفع أردوغان إلى استخدام آخر أوراقه وهي إعادة الانتخابات داخل البلدية، حيث قال ممثل حزب العدالة والتنمية الحاكم في اللجنة العليا للانتخابات، إنه ستتم الإعادة في إسطنبول يوم 23 يونيو/حزيران المقبل.
قرار وصفه حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا بـ"الديكتاتورية الصريحة"، وإلغاء إرادة الشعب، مضيفا أن الرئيس التركي وضع قانونا يرفض الانتصار على حزبه.
aXA6IDMuMTUuMTQxLjE1NSA= جزيرة ام اند امز