بلدية إسطنبول.. أسقطت أردوغان بعدما صنعت أكذوبته
رئاسة بلدية إسطنبول كانت قد مهدت الطريق لأردوغان للوصول لسدة الحكم وهي الآن تمهد الطريق لإمام أوغلو الذي بدأ مسيرته السياسية من المدينة
تسلم مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو، الأربعاء، وثيقة تنصيبه رئيسا لبلدية إسطنبول رسميا من اللجنة الانتخابية بالمدينة، في ضربة قاسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي بدأ مسيرته السياسية رئيسا لبلدية إسطنبول في التسعينيات.
أوغلو بفوزه بإحدى أهم المدن التركية يكتب تاريخا جديدا للعاصمة الاقتصادية التي قال عنها أردوغان يوما ما: "من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا"، ليشير بنفسه إلى قرب أفول الحزب الحاكم، وسط الأزمات السياسية المتلاحقة التي تدكه بجانب تفاقم التدهور الاقتصادي.
وللمرة الأولى منذ عام 1994 تمكن سياسي من حزب ذي مرجعية غير إسلامية من انتزاع رئاسة بلدية إسطنبول، إثر فوزه على مرشح مقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات البلدية الأخيرة.
وأظهرت نتائج الانتخابات المحلية في ولاية إسطنبول حصول مرشح الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو على 4 ملايين و169 ألفا و765 صوتاً، مقابل حصول مرشح العدالة والتنمية بن علي يلدريم على 4 ملايين و156 ألفا و36 صوتاً.
وشكلت هزيمة يلدريم، الذي كان آخر من تولى رئاسة الحكومة قبل إلغاء المنصب، ضربة موجعة للحزب الحاكم، بسبب قامته السياسية وبسبب إلقاء أردوغان بكل وزنه السياسي لدعمه.
وكان فوز يلدريم يعتبر مضمونا، لدرجة أن ملصقات كبيرة تحمل صورتي الرئيس، ورئيس الوزراء السابق وعبارة "شكرا إسطنبول"، قد انتشرت في المدينة بينما كانت عمليات فرز الأصوات ما زالت مستمرة، ولكنها أزيلت عندما ظهر أن السباق سيكون محتدما بين الحزب الحاكم والمعارضة.
أردوغان.. أسطورة كاذبة
ولفوز المعارضة التركية أهمية سياسية كبيرة، فإسطنبول أكبر مدن تركيا، ورئاسة بلديتها كانت مهدت الطريق لأردوغان للوصول إلى سدة الحكم، وهي الآن تمهد الطريق لإمام أوغلو الذي بدأ مسيرته السياسية الحقيقية من المدينة، وتتخلص من إرث "العدالة والتنمية" الفاسد، وتنهي أسطورة رئيسه الكاذبة.
من رئاسة بلدية إسطنبول، بدأ النجم السياسي لأردوغان بالبروز، ومنها أيضا ينتهي، فقد فاز بها عام 1994، ولكن بإعلان فوز أوغلو أحد أكثر الوجوه المعارضة المعروفة في تركيا بدأ الحديث عن مستقبل سياسي على المستوى الوطني.
الخسارة الكبيرة للعدالة والتنمية في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس/آذار الماضي، جعلت مساعي أردوغان للترشح لفترة رئاسية جديدة في 2023 محل شكل، وفي المقابل فتحت الطريق أمام أوغلو لـ"فوز بتركيا".
فأوغلو اليوم يتربع على رأس أهم المدن التركية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ولديه الوقت الكافي لتوسيع قاعدته الشعبية بحلول عام 2023، موعد الانتخابات الرئاسية في تركيا.
ويرى مراقبون أن "رئاسة بلدية إسطنبول يمكن أن تشكل دفعة لإطلاق مسيرة السياسيين على المستوى القومي، ورغم أن الوقت لا يزال مبكرا للتنبؤ بالمستقبل السياسي لإمام أوغلو، فإن حالة التخبط وفقدان التوازن التي أصابت أردوغان تشير إلى قرب أفول الحزب الحاكم، وسط أزمات سياسية واقتصاديه تلاحقه".
وتعتبر النتائج الحالية للانتخابات المحلية في تركيا مرآة عاكسة لوضع شعبية أردوغان وحزبه مستقبلا، لا سيما أنها تعبر عن المزاج العام للشارع التركي، الذي يعاني بسبب التردي الاقتصادي إلى جانب سياسات القمع والانتهاكات الممنهجة التي يمارسها ضد معارضيه.
كما أن المتتبع للشأن التركي يرى أن صعود المعارضة التركية في البلديات الرئيسية يعد مدخلا لزيادة شعبيتها، خاصة أنها بحكم منصبها لديها القدرة على توفير احتياجات ومتطلبات الأتراك الحياتية، ورفع معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية، ما له أكبر الأثر في اتجاهات التصويت بالانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.
ويبدو أن أوغلو يشكل تهديدا كبيرا لأردوغان إلى درجة أن وسائل الإعلام الموالية لحزب العدالة والتنمية الحاكم اتهمته في اليوم التالي لإعلان فوزه بقيادة "انقلاب انتخابي".
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حصل على شعبيته عندما انتخب عمدةً لبلدية إسطنبول عام 1994، ويبدو أن الانتخابات المحلية التركية 2019 تعد بداية النهاية لحقبة حكم أردوغان وحزبه، التي تسببت في إفقار الشعب التركي، وإهدار موارده.
aXA6IDUyLjE1LjY4Ljk3IA==
جزيرة ام اند امز