ألبيرتو مورافيا.. أديب عالمي هاجم الفساد الأخلاقي في إيطاليا
الأديب الراحل حاول في رواياته أن يقترب أكثر من النفس الإنسانية ويسبر أغوارها، بغرض كشف حقيقتها والنفاذ إلى طبيعتها المستعصية على الفهم
تحل، الخميس 26 سبتمبر/أيلول، ذكرى وفاة الكاتب الإيطالي ألبيرتو مورافيا الذي يعد واحدا من أبرز أدباء إيطاليا وأوروبا عموما والذي رحل عن عالمنا في 1990 تاركا خلفه عددا من الأعمال الأدبية التي منحته مكانة متميزة وسط أدباء العالم.
وحاول الراحل في رواياته أن يقترب أكثر من النفس الإنسانية ويسبر أغوارها، بغرض كشف حقيقتها والنفاذ إلى طبيعتها المستعصية على الفهم والتحليل، كما هاجم الفساد الأخلاقي في إيطاليا الذي كان منتشرا في عصره.
والتزم مورافيا عبر مسيرته بالكتابة الملتزمة بالقضايا العامة، ما ساهم في شهرته، بعد صدور روايته الأولى "زمن اللامبالاة" في 1929 التي تناول فيها قصة حياة أسرة إيطالية تنتمي للطبقة المتوسطة، تتعرض لاختبارات لتتورط في انحرافات أخلاقية تدفع بها في النهاية لتقديم المساعدة للفاشية.
ووفقا لصحيفة "Corriere Della Sera" الإيطالية، فإن مورافيا اعتمد على شخصيات معزولة اجتماعيا ونفسيا وعاطفيا لتمرير أفكاره، لأن تصوراته عن الحياة كانت تحتاج لنماذج بشرية هشة، لتستطيع تمرير هذه التصورات، حيث الإحساس باللامبالاة وعدم الرغبة في شيء، وكذلك قابلية التخلي بسهولة ودون شروط عن أي شيء، مهما بدا لامعا وجذابا.
وتحدث مورافيا عن علاقته مع أبطاله وشخصياته ذات مرة قائلا: "لا توجد علاقة واقعية راسخة كتلك التي تقوم بين الروائي وأشخاصه في مؤلفاته".
ولم تكن روايته الأولى هي الوحيدة التي هاجم فيها الطبقة المتوسطة، أو انتقد الفساد الأخلاقي في المجتمع الإيطالي، إذ اتخذت روايته "امرأة من روما" النهج نفسه، وشن فيها هجوما لاذعا في مواجهة القيم التي سادت خلال تلك الفترة.
وفي رواية "العصيان" واصل مورافيا، تناول تناقضات المجتمع وعرض قصة أسرة إيطالية لديها شاب مراهق يعاني من هواجس وأوهام، تظهر الأب والأم معزولين تماما عن سياق ما يجري لابنهما وما يجري حولهما، وكذلك عدمية بطله الذي يبدو غير مبالٍ بشكل لافت، كأنه نسخة إيطالية من بطل رواية "الغريب" لألبير كامو، وأكد مورافيا عبر تلك الرواية مخاوفه من تفكك الأسرة.
وفي رواية "الاحتقار" سلك مورافيا مسلكا آخر، إذ تناول قصة زوجين أدى اختلافهما الثقافي وتفاوتهما الفكري لانهيار حياتهما الزوجية، من خلال حكاية إميلي وزوجها ريشار، الفنان الحالم بالمجد المسرحي كمؤلف عبقري، الذي تصطدم أحلامه وتطلعاته بمتطلبات زوجته المالية التي تريد مثلا أن تمتلك منزلا يحتاج لنفقات كثيرة، وهو ما فرض عليه بعد فترة من المداولات أن يقبل بعرض لكتابة السيناريو، ما سيدر عليه دخلا كبيرا.
غير أنه وفي الوقت نفسه، سيعطل مشروعه الإبداعي في المسرح، أو بالأحرى سيجعله يموت تماما أمام سطوة المال ورغبات زوجته التي لا تبادله التطلعات الفكرية والأحلام الكبرى نفسها، غير أنها لم ترضَ بذلك، ووصلت للدرجة التي احتقرت فيها زوجها الذي اكتشف أنها تخونه مع باتيستا الرجل الثري الذي عرض عليه كتابة السيناريو.