شابة تكرس حياتها لتربية الحمير والأبقار في جبال الألب
فانيسا تعتزم إقامة مزرعة في منطقة ألبه بيدولو، الواقعة على ارتفاع 813 متراً فوق مستوى سطح البحر، ضمن بلدة شينيانو اللومباردية.
قررت فانيسا بيدوتزي، وهي شابة إيطالية في الـ23 من عمرها، أن تحدث تغييراً جذرياً في حياتها، إذ اختارت تربية الحمير في جبال الألب، مفضّلة العيش وسط الطبيعة، على حياة الملاهي الليلية، وهو ما يفعله عدد متزايد من الشباب الإيطاليين.
ورغم إقرارها بأن هذا العمل "صعب ومنهك"، تؤكد بيدوتزي لوكالة الأنباء الفرنسية أنه يستهويها.
وقالت "لقد اخترت هذه الحياة، وهذا هو المكان الذي أريد أن أكون فيه، محاطة بالطبيعة والحيوانات".
وتعتزم فانيسا إقامة مزرعة في منطقة ألبه بيدولو، الواقعة على ارتفاع 813 متراً فوق مستوى سطح البحر، ضمن بلدة شينيانو اللومباردية في شمال البلاد.
وتحمل هذه الشابة إجازة في الطهي، لكنّها فضّلت الإقامة في الجبال على العمل في المهنة التي درستها.
وتروي "انطلقت في هذا المجال في العام الماضي، ولم أكن أملك أرضاً ولا حظيرة، فاستعرت حقلاً من صديق".
وبات قطيع فانيسا اليوم يضم 20 من الحمير، و20 من الأبقار.
حياة صعبة
وتستذكر فانيسا أنها كانت شغوفة بتربية الماشية منذ أن كانت صغيرة، وقالت "كان جدي وجدتي يملكان مزرعة، لديهما فيها أبقار حلوب تنتج الزبدة والأجبان"، مضيفة "في طفولتي، كنت ألحق بوالدي عندما يأخذ الأبقار إلى المرعى".
وأشارت إلى أن والدها "لم يكن في البداية مرتاحاً" إلى خيارها، لأنه يدرك صعوبة هذه المهنة التي زاولها كل حياته، "لكنّه تأقلم بعد ذلك مع الفكرة، وأصبح يساعدني ويسدي إليّ النصائح".
وتستيقظ فانيسا في السادسة والنصف صباحاً، وأول ما تفعله هو تَفقّدُ حيوانات مزرعتها للتأكد من كونها بخير وتزويدها بالماء.
وأكدت "الأمر ليس سهلاً. يجب أحياناً الاتصال بالطبيب البيطري، ومساعدة الحيوانات على الوضع"، موضحة "بينما يستعد الشباب من عمري مساء السبت للخروج والسهر أكون منشغلة بالاستعداد للذهاب إلى الحظيرة".
وتابعت "هذه طبيعة هذا العمل، لا يزعجني أن آتي إلى هذا المكان في أي وقت، سواء أكان السبت أو الأحد أو في عيد الميلاد أو ليلة رأس السنة".
وترى فانيسا أن الطبيعة هي الأمر الوحيد الذي تحتاج إليه "مجرّد الذهاب إلى كومو للتبضّع يتعبني، بسبب الضجيج والسيارات والتلوث، لو استطعت تفادي الذهاب إلى هناك، لفعلت. هنا، أشعر بأنني إلهة".
وتكتفي فانيسا في الوقت الراهن ببيع الحيوانات ولحومها، ولكنها تعتزم توسيع نشاط مزرعتها ليشمل إنتاج حليب الأبقار والحمير، وصنع الأجبان منها.
مهن الأرض.. للمتعلمين
ولاحظت فانيسا أن "حليب الحمير مطلوب جداً، إذ هو الأقرب إلى حليب الأم، وملائم جداً للأشخاص الذين يعانون الحساسية" من أنواع الحليب الأخرى.
وكشف جاكوبو فونتانيتو، من نقابة "كولديريتي"، إحدى النقابات الزراعية الرئيسية في إيطاليا، أن "عودة للشباب إلى الجبال سجلت خلال السنوات العشر إلى العشرين الأخيرة"، بعد مرحلة شهدت نزوحا عنها.
وزاد عدد المزارعين الذين تقلّ أعمارهم عن الخامسة والثلاثين بنسبة 12 في المئة خلال خمس سنوات، بحسب إحصاءات العام 2019، علماً بأن ثلث هؤلاء من الإناث.
وتعتبر النقابة أن المهن ذات الصلة بالأرض باتت تجتذب الشباب المتعلمين، ولم تعد مجرّد خيار احتياطي لأولئك الذين يعانون صعوبات في المدرسة.
وتشير إلى أن 8 من كل 10 إيطاليين يكونون سعداء إذا اختار أبناؤهم مهنة في هذا المجال.
لكنّ فونتانيتو يقرّ بأن "اعتماد هذا الخيار ليس سهلاً، فالشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الـ20 والـ30، غالباً ما يفكرون بأمور أخرى، وتتركز اهتماماتهم على التسلية والسهر، أما الحياة في الجبال فتتطلب تضحيات، حتى لو كان المرء محاطاً بأجمل رفقة يمكن أن يحلم بها".