داعش يؤكد من خلال إعلان الحرب على كل من قطر والقاعدة أن هذه المنظمة الإرهابية مرتبطة مباشرةً بذاك البلد، وكذلك جماعة الإخوان
خلال شهر مايو/ أيار الماضي، نفّذت ساحل العاجل عمليةً أمنية أطلقت عليها اسم "كوموي 2020". وتهدف لتطهير الجزء الشمالي من البلاد من الإرهابيين والجماعات التي كانت تنشط على محور بانفورا وبوبو ديولاسو "في بوركينا فاسو"، مستفيدةً من وعورة المناطق الغابية في شمال ساحل العاج بعد تنفيذ هجماتها في بوركينا فاسو.
وقبل ذلك بشهر، نجح تنظيم القاعدة فيما يسمى بلاد المغرب الإسلامي في طرد منافسه تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى من شمال مالي، على مقربة من الحدود مع موريتانيا. وتم إبعاد داعش من منطقة تعتبرها خاصة بها، وبذلك تم إحباط المخططات التوسعية لتنظيم "داعش" في غرب أفريقيا.
وبعد خسارة مناطق النفوذ، يبدو أن تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى غير مستعد للتخلّي عن المزيد من الأراضي، على الأقل في ساحل العاج. وردّاً على عملية "كوموي"، أغار عناصر التنظيم على الجيش في هجومٍ أودى بحياة ما لا يقل عن ثلاثة عشر جندياً في 11 يونيو/ حزيران الجاري، في مذبحة مروِّعة في كافولو وسط ساحل العاج.
وبعد هذا الهجوم، أطلقت السلطات الأمنية عملية "الأخطبوط"، في مواصلة لعملية "كوموي"، التي نجح الجيش من خلالها في تفكيك خلية "حمزة" التابعة لسيديبي عبد الرحماني، الموالي لتنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى، والتي تتكون بشكل رئيسي من مقاتلي عرقية بيول.
وبالتوازي مع خسارة الأراضي في غرب أفريقيا، صبّ داعش جام غضبه، في مجلته الأسبوعية "النبأ"، على فرع القاعدة فيما يسمى المغرب الإسلامي، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، من خلال هجوم إعلامي مكثّف، وهو أمر غير معتاد. ووصف داعش في دعايته تنظيم القاعدة بأنه العدو الرئيسي للتنظيم في الوقت الحالي.
لا يُستغرب وصول التنظيمين الإرهابيين في غرب أفريقيا إلى حالة الحرب. ففي سوريا أو اليمن، اعتاد داعش والقاعدة على مواجهة بعضهما، وقد تأخر حدوث ذلك في مالي أو بوركينا فاسو لأنهما كانا في مسار تجنيد المقاتلين.
ولم يكتفِ داعش بإعلان أن هدفه الرئيسي في الوقت الحالي هو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الموالية لتنظيم القاعدة، بل واصل البحث عن أعداء من خلال إطلاق قذيفة مباشرة إلى قلب قطر، مُحمّلاً إياها المسؤولية عن:
- وجود قاعدة أمريكية على أراضيها، وهو ما جعل منها شريكاً في قتل المسلمين في خراسان والعراق وسوريا واليمن.
- تمويل جماعة الإخوان وجعلها لعبة في يدها.
- التعاون مع إيران.
- تخصيص أكثر من مليار دولار لمواصلة ذبح المسلمين.
ويؤكد داعش من خلال إعلان الحرب على كل من قطر والقاعدة أن هذه المنظمة الإرهابية مرتبطة مباشرةً بذاك البلد، وكذلك جماعة الإخوان المسلمين. ولم يأتِ هذا التأكيد بأي جديد بالنسبة للجهات الاستخبارية التي كانت تعلم أصلاً بهذه الصلات، لكنه يوحي بأنه قد لا يكون الحلقة الأخيرة في إطار نشر الغسيل القذر لقطر.
وجاء رد فعل القاعدة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي عن طريق رسالة مموهة ومدروسة كعادة إصدارات التنظيم. لقد نشر التنظيم ببساطة خريطة لغرب أفريقيا يوضّح فيها المناطق التي يدّعي السيطرة عليها، والتي يؤكد من خلالها لتنظيم داعش أن تجاوز تلك الحدود قد يكون سبباً مباشراً في اندلاع المواجهات بين الجماعتين.
ولا يُستغرب وصول التنظيمين الإرهابيين في غرب إفريقيا إلى حالة الحرب. ففي سوريا أو اليمن، اعتاد داعش والقاعدة على مواجهة بعضهما، وقد تأخر حدوث ذلك في مالي أو بوركينا فاسو لأنهما كانا في مسار تجنيد المقاتلين وتعزيز صفوفهما بعناصر جديدة. يُضاف إلى ذلك أنهما لا يسيطران على الأراضي بنسبة 100٪. لقد شرعا في موجهة بعضهما بعد زيادة أعداد الإرهابيين في صفوفهما، وهو ما رأى فيه التنظيمان عاملاً مُشجعاً على احتلال مناطق أخرى.
أما الجانب السيئ الذي قد تُخلّفه هذه المواجهات الجديدة بين الإرهابيين، هو أنها قد تأذن ببدء مرحلة جديدة من التمدد إلى دول أخرى، لا سيما من قبل داعش في غرب أفريقيا. ومنذ أن بدأت القاعدة في التوسع في شمال مالي سنة 2012، لم تتراجع أبداً، بل على العكس من ذلك تماماً، وهو ما يؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الإجراءات المتخذة لمكافحة الإرهاب كانت غير كافية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة