من ترامب إلى جاسيندا.. لماذا لا يعمر الزعماء بمناصبهم؟
حاول تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية الإجابة على أسباب استقالة رؤساء حكومات حول العالم رغم شعبيتهم.
أثارت الاستقالة المفاجئة لرئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن تساؤلات حول تراجع العمر الافتراضي للسياسيين في الدول الديمقراطية خلال العقدين الماضيين، وعلاقة منصات التواصل الاجتماعي بهذا التحول الدرامي.
وكانت أرديرن، التي تولت الوزارة في سن الـ37 لتكون أصغر رئيسة لوزراء نيوزيلندا، أصدرت بيانا أعلنت فيه عدم قدرتها على الاستمرار في قيادة البلاد، والتنحي في موعدٍ أقصاه أوائل فبراير/شباط المقبل، ولن تسعى لإعادة انتخابها.
ويرى البعض أن استقالة أرديرن تعكس اتجاها عالميا، إذ يبدو أن العمر الافتراضي للقادة السياسيين أصبح أقصر، بدءا من فترة رئاسة ترامب الواحدة في الولايات المتحدة إلى رؤساء الوزراء الستة في إيطاليا خلال عشر سنوات، والباب الدوار في داونينغ ستريت عام 2022.
وحتى قبل أن تجعل الجائحة مهمة رئيس الوزراء مستحيلة أكثر من أي وقت مضى، شهدنا رؤساء وزراء أمثال ديفيد كاميرون يعلنون استقالتهم لمجرد خسارته في استفتاء الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من إجراء نيوزيلندا انتخابات كل ثلاث سنوات، كانت آخر مرة تتولى فيها الحكومة ولاية واحدة عام 1972.
وتقول " التايمز" إنه "صحيح أن أزمة مثل فيروس كورونا لا تحدث سوى مرة واحدة في العمر، وألقت بظلالها على الكثير من القادة"، لكنها تساءلت عن ماذا حدث للمرونة السياسية؟ ولماذا يقفز الكثير من القباطنة من سفنهم قبل انتهاء حياتهم المهنية رغم القاعدة المعروفة "التي تقول إن الناخبين لا يسأمون من المسؤولين قبل 10 سنوات"؟
ويعتقد ماثيو غودوين، أستاذ السياسات والعلاقات الدولية في جامعة كنت البريطانية، أن منصات التواصل الاجتماعي ودورات الأخبار المنهكة على مدار الساعة تلعب دوراً رئيسياً في ظاهرة قصر عمر القادة في سدة الحكم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل الإنترنت كان القادة يتمتعون بالوقت الكافي للتفكير في الأخطاء وصياغة الردود المحسوبة.
لكن "العصر القائم على الهاشتاغات فرض عليهم المساءلة والاعتذار الفوري، في الوقت الذي تواجه فيه السياسات التي لا تلقى شعبية بدعوات الاستقالة قبل دخولها حيز التنفيذ"، وفقا لـ"التايمز".
وأوضح غودوين أن تأثير الأزمات المتعاقبة على مدار العامين الماضيين، اللذين شهدا ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة، جعل من الصعب على شاغلي المناصب الاحتفاظ بداعميه على المدى الطويل.
ونوه إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أدخلت بعداً جديداً إلى عالمنا السياسي، وصار الناخبون أصبحوا يغيرون وجهات نظرهم السياسية اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، إذ غير 60% من الناخبين البريطانيين انتماءاتهم الحزبية خلال السنوات الـ10 الماضية، أي أننا نشهد معدلات تغير قياسية في حيواتنا السياسية.
ويتفق السير أنتوني سيلدون في كتابه "المنصب المستحيل: تاريخ رئاسة وزراء بريطانيا" مع رأي غودوين، حيث أشار إلى عامل آخر من عوامل الحياة المعاصرة، وهو كثافة الاتصالات الآنية التي يبدو أنها تتطلب ردوداً فورية.
ويرى سيلدون "أن المفارقة تكمن في أننا نتوقع من رؤساء الوزراء الأصغر أن يتمتعوا بصحة ومرونة عقلية أفضل، لكنهم يغادرون المنصب مبكراً، وكان رؤساء الوزراء يرحلون في السابق نتيجة اعتلال صحتهم واقتراب أجلهم، لكن تعقيدات الوظيفة زادت بلا شك، كما هو الحال مع انقسامات الأحزاب، ويبدو أن المتطلبات الهائلة للوظيفة قد زادت أيضا".
aXA6IDEzLjU5LjExMi4xNjkg جزيرة ام اند امز