"نظام 1975 الغذائي".. سر طول أعمار اليابانيين
مجموعة النظام الغذائي لعام 1975 حظيت بأقل مخاطر للإصابة بالسكري ودهون الكبد، وأظهر تحليل الجينات وجود تكسير نشط نسبيًا للدهون.
يتغنى الكثيرون بالفوائد الصحية للمطبخ الياباني، حيث تحظى اليابان بواحدة من أطول متوسطات العمر المتوقعة في العالم، وهي كذلك رائدة في ”متوسط العمر الصحي المتوقع“، أي عدد السنوات التي يتوقع الناس أن يمضوها في صحة جيدة في المتوسط.
وبما أن النظام الغذائي يعتقد أنه يلعب دورا أساسيا في صحة السكان وطول عمرهم، قام الباحثون على مستوى العالم بدراسة فوائد النظام الغذائي الياباني منذ وقت طويل، بحسب موقع "nippon" الياباني.
الياباني أمام الأمريكي
وأُجريت الدراسة على فئران معملية للمقارنة بين الأثر الصحي للنظام الغذائي الياباني التقليدي في أواخر تسعينيات القرن الماضي والنظام الأمريكي لنفس الفترة بالتقريب.
وبناء على نتائج استقصاء الصحة والغذاء القومي الياباني عام 1999، ودراسة مقارنة أُجريت في الولايات المتحدة عام 1996، تم تكوين قائمتي طعام أسبوعيتين، واحدة يابانية والأخرى أمريكية "كل منها مكونة من 21 وجبة"، تحت رقابة متخصص معتمد في الأنظمة الغذائية.
وبعد 3 أسابيع، أبدت المجموعة التي تغذت على النظام الياباني مظاهر جينية زائدة مرتبطة بتمثيل غذائي أفضل للطاقة، ومظاهر أقل للجينات المرتبطة بالتوتر.
وكان لدى المجموعة التي تغذت وفق النظام الغذائي الياباني دهون باطنية أقل، أي الدهون المخزنة في التجويف البطني، ومستويات أقل من دهون الدم.
وكان من المدهش أن التوازن بين الكربوهيدرات والدهون والبروتينات كان مماثلا جدًا في كلا النظامين.
ويبدو أن الفروق في نتائج الاختبار ترجع إلى اختلافات كيفية، مثل إن كانت الكربوهيدرات تأتي من القمح أو الأرز، أو إن كان البروتين يأتي بالأساس من السمك وفول الصويا أو من اللحوم.
وفي محاولة لمعرفة التغيرات الطارئة على الطعام الياباني تم إعداد قوائم طعام أسبوعية ممثلة للأنظمة الغذائية التي كانت قائمة باليابان في أعوام 1960، 1975، 1990، 2005.
وقامت الدراسة بتجميد وجبات بالتجفيف، وتم تقديمها لمجموعة أخرى من الفئران للتغذي عليها طوال فترة 8 أشهر لتحديد الآثار المرتبطة بالنظام الغذائي على ظهور أمراض الشيخوخة.
وبالمقارنة مع مجموعة 2005، كانت مجموعات 1975 و1990 لديها دهون باطنية أقل وميل أقل للسمنة.
وحظيت مجموعة النظام الغذائي لعام 1975 بأقل مخاطر للإصابة بالسكري ودهون الكبد، وأظهر تحليل الجينات وجود تكسير نشط نسبيًا للدهون وتكسير فائق للأحماض الدهنية في مجموعة 1975، والتي في الأغلب حصلت على أقل تراكم للدهون الباطنية ودهون الكبد.
ومن حيث المحتوى، كان النظام الغذائي لعام 1975، هو الأكثر احتواء على الخضراوات، والفواكه، وأعشاب البحر، وفواكه البحر، والتوابل، والبهارات من الأنظمة الـ3 الأخرى، واحتوى أيضا على تنوع أكبر من المكونات، بينما كان استهلاك العصائر والمشروبات المحلاة أقل نسبيًا.
الوقاية من الأمراض المصاحبة للشيخوخة
وتابعت الدراسة الأثر المقارن بين هذه الأنظمة الغذائية على طول العمر والشيخوخة باستخدام فئران تم تحفيز أعراض الشيخوخة بها، والمستخدمة على نطاق واسع كنموذج لدراسة الأمراض المرتبطة بالشيخوخة لدى البشر.
وفي الأسبوع الـ24، كان هناك فارق قليل يميز بين المجموعات وفقًا للشيخوخة البدنية، ولكن بعد 48 أسبوعا كان العجز أوضح في مجموعة 2005 عن مجموعات 1990 و1975، فقد تطورت الشيخوخة بشكل أقل في مجموعة 1975.
وبالمثل، أبدت مجموعات الفئران في الأسبوع الـ24 فرقا أقل فيما يخص التعلم والذاكرة، ولكن في الأسبوع الـ48 أظهرت مجموعة 1975 فقدانا أقل لقدرات الذاكرة والتعلم عن مجموعة 2005، وحظيت مجموعات 1975 و1990 متوسطات أعمار أطول عن مجموعة 2005، وأبدت مجموعة 1975 أداء جيدا فيما يخص طول العمر.
ودعمت نتائج تلك التجارب بشكل قوي فرضية أن الأنظمة الغذائية اليابانية لأعوام 1990 و1975، كانت أصح للفئران عن مثيلاتها الخاصة بعام 2005.
وفي محاولة لمعرفة النتائج على البشر، تم إجراء دراسة أخرى بعد الحصول على تصريح من لجنة أخلاقيات البحث بجامعة توهوكو.
بكتيريا الأمعاء والشيخوخة
في أول تجارب الدراسة، تم تكوين مجموعة من الأفراد متوسطي السمنة في الفئة العمرية بين 20 و70 عامًا، وتقسيمها إلى مجموعتين، ثم جعل كلتي المجموعتين تلتزمان بنظام غذائي محدد طوال 28 يومًا (3 وجبات في اليوم).
وتناولت المجموعة الأولى وجبات قائمة على النظام الغذائي الياباني المعاصر، بينما التزمت المجموعة الثانية بنظام غذائي لعام 1975، وفي نهاية التجربة انخفض مؤشر كتلة الجسم والوزن لأعضاء مجموعة عام 1975 بشكل كبير، وكذلك محيط الخصر.
وانخفضت أيضا مستويات LDL أو "الكوليسترول الضار"، بينما ارتفعت مستويات HDL أو "الكوليسترول الجيد"، وانخفضت كذلك معدلات هيموجلوبين A1C "المستخدمة لتشخيص ومراقبة السكري والأعراض السابقة له".
وأجرت الدراسة تجارب غذائية مماثلة على الأفراد غير المصابين بالسمنة في الفئة العمرية بين 20 و30 عامًا، وجعلت هؤلاء الأفراد يقومون بساعة أو أكثر من التمرين المكثف باعتدال 3 أيام أسبوعيًا طوال مدة الاختبار.
وأظهرت قياسات قبل وبعد الاختبار انخفاض معدلات التوتر وزيادة اللياقة بين مجموعة النظام الغذائي لعام 1975، أما التغيرات التي وجدت في بكتيريا أمعاء مجموعة 1975، فتضمنت كمية أقل من البكتيريا التي تكون عادة مرتبطة بأمراض نمط الحياة عالية المخاطر، مما يشير إلى الفوائد الصحية لنظام 1975 الغذائي الياباني وارتباطه ببكتيريا الأمعاء وتمثيلها الغذائي.
وساندت الدراسة فرضية كون النظام الغذائي لعام 1975، يتفوق على النمط الغذائي التقليدي لليابان في الوقت الحاضر فيما يتعلق بالصحة وطول العمر.
أسرار النظام الغذائي لعام 1975
تكمن قوة النظام الغذائي لعام 1975 في عدة خصائص نستعرضها فيما يلي:
1- التنوع
تتضمن القائمة اليومية عددًا كبيرًا نسبيًا من الأطباق الصغيرة "عادة 3 على الأقل، بالإضافة إلى الحساء والأرز".
2- طريقة الطهي
كانت أكثر 3 طرق طهي استخدامًا هي الطهي على نار هادئة، بالبخار والطعام النيئ، تلتها طرق التحضير بالغلي والشوي، وكان التحمير والقلي أقل شيوعًا.3- المكونات
كان النظام الغذائي لعام 1975 غنيا بمنتجات فول الصويا، وفواكه البحر، والدرنات، والخضراوات الخضراء والصفراء "بما فيها المخللات"، والفواكه، وأعشاب البحر، والفطر، والشاي الأخضر، والبيض، ومنتجات الألبان وكذلك اللحوم ولكن باعتدال.
4- البهارات
كان الاستخدام الماهر للبهارات المخمرة "صوص الصويا، الميسو، الخل، الميرين، وخمر الساكي"، مع مرق داشي يساعد على خلق مذاق مرض دون استخدام الملح والسكر بشكل كبير.
وتعد الفئة العمرية بين السكان اليابانيين التي دفعت متوسط العمر المتوقع لمستويات قياسية هي 60 عامًا وما فوق، وهي الفئة التي لا تزال محافظة على النظام الغذائي لعام 1975 في منتصف العمر، وهي الفترة العمرية التي يكون فيها البالغون أكثر عرضة للأمراض المرتبطة بنمط الحياة.