جنين بين نار ونفير.. إسرائيل تدك "العش" و"الأسود" تزأر والسلطة تتحرك
سماءٌ تمطر نيرانا وأرضٌ ترشق دماءً، ومخيمٌ ينتفض نساء ورجالا وشبابا، والجلاد ما زال يحاصر "العش"، و"الأسود" تتحرك من عرينها
هذا هو حال مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية، لليوم الثاني على التوالي، حيث العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة والتي أسفرت عن مقتل تسعة فلسطينيين وإصابة العشرات، فضلا عن نزوح المئات.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن العملية الإسرائيلية أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص في جنين، وآخر في البيرة قرب رام الله، وإصابة 100 آخرين بينهم 20 في حالة خطيرة.
وذكر مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين محمود السعدي، أن العملية تتم جوا وبرا، قائلا إن "الدخان يتصاعد من كل مكان"، فيما تهرع سيارات الإسعاف لنقل الجرحى إلى المستشفيات على وقع الاشتباكات المستمرة وأصوات الانفجارات التي تدوي في أرجاء المدينة، وسط انتشار مكثف للجيش الإسرائيلي.
ومن داخل المخيم، قال المواطن بدر الغول لوكالة فرانس برس، إنه شاهد "جرافات تدخل وتدمر منازل وبداخلها سكانها".
وباتت مدينة جنين ومخيمها المجاور لها الذي يقيم فيه نحو 18 ألف فلسطيني مسرحا للمواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية التي كثفت من عملياتها في الأشهر الماضية، في شمال الضفة الغربية.
عمليات تتزامن مع أخرى مسلحة تستهدف إسرائيليين ومعها هجمات يشنها مستوطنون على فلسطينيين وتلحق أضرارا كبيرة في ممتلكاتهم.
وأمس الإثنين، بدأ الجيش الإسرائيلي ما يبدو أنها إحدى أكبر عملياته في الضفة الغربية منذ نحو عقدين، بضربات جوية بطائرات مسيرة، استهدفت مواقع متفرقة في جنين.
وفيما قالت إسرائيل إنها تضع حدا لكون جنين "ملجأ للإرهاب". اتهمها الفلسطينيون بارتكاب "جريمة حرب".
معركة مفتوحة
الجيش الإسرائيلي قال إنه لا يوجد جدول زمني محدد لإنهاء العملية العسكرية، لكنه لفت إلى أنها قد تستغرق "بضعة أيام".
وفي تصريحات للصحفيين، صرّح المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، أنه "بمجرد أن نحقق ما نحتاج إلى تحقيقه، سنخرج من هناك".
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن قواته دخلت ما وصفه بـ"عش الإرهابيين" في جنين، و"وهي تدمر مراكز القيادة وتصادر كمية كبيرة من الأسلحة".
أما وزير خارجيته إيلي كوهين، فصرّح أن القوات الإسرائيلية تضرب "بقوة كبيرة" منطقة جنين.
في هذه الأثناء، أفاد بيان للجيش بإصابة جندي بجروح طفيفة بشظايا قنبلة يدوية خلال عملية جنين.
نزوح بالآلاف
وتسببت العملية العسكرية في نزوح الآلاف من منازلهم، وهو ما كشف عنه نائب محافظ جنين كمال أبو الرب لوكالة فرانس برس، مشيرا إلى أن حوالى 3000 شخص غادروا المخيم حتى الآن.
مضيفا أنه يجري اتخاذ الترتيبات لإيواء هؤلاء في مدارس وملاجئ أخرى في مدينة جنين.
الفصائل على الخط
كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في مخيم جنين، قالت إن عناصر كافة الفصائل الفلسطينية تواجه الجيش الإسرائيلي في أزقة مخيم جنين "محدثين فيهم الإصابات المباشرة".
بدورها أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، عن قيام عناصرها بعدد من الضربات النوعية في صفوف القوات الإسرائيلية في جنين،
وقالت الجهاد الإسلامي إن "كل الخيارات مفتوحة" للرد على العملية العسكرية الإسرائيلية.
كذلك أعلنت مجموعة "عرين الأسود" من نابلس القريبة أن مجموعة من مقاتليها تشارك في القتال داخل مخيم جنين.
في عام 2002 ، خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية ، شنت القوات الإسرائيلية عملية توغل واسعة النطاق في جنين. قُتل فيها ما لا يقل عن 52 مسلحا ومدنيا فلسطينيا، و 23 جنديا إسرائيليا في غضون 10 أيام من القتال العنيف.
الوضع كارثي والاتصالات موقوفة
السلطة الفلسطينية التي وصفت ما يحصل في جنين بأنه "جريمة حرب"، أعلنت في بيان عقب اجتماع طارئ ترأسه الرئيس محمود عباس "وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع الجانب الإسرائيلي".
واعتبرت السلطة أن مخرجات اجتماعات العقبة وشرم الشيخ "لم يعد لها جدوى ولم تعد قائمة" وذلك "في ظل عدم الالتزام الإسرائيلي" بها.
وطالبت الخارجية الفلسطينية "بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي فورا".
ودعت الخارجية، المحكمة الجنائية الدولية إلى "الخروج عن صمتها والبدء بمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين".
من جهته، وصف عضو إقليم حركة فتح في محافظة جنين محمود حواشين، الأوضاع في مخيم جنين بأنها "كارثية".
وبينما كان يتفقد الجرحى في المستشفى، قال لفرانس برس "هذه معركة غير متكافئة بين قوات عسكرية هائلة وبين شعب أعزل لا يملك سوى إرادته".
وتضامنا مع جنين، أعلنت حركة فتح إقليم وسط الخليل (جنوبي الضفة الغربية)، الإضراب العام والشامل، اليوم الثلاثاء، مع النفير العام لكل نقاط التماس والاشتباك مع القوات الإسرائيلية.