ما بعد هجوم القدس.. هل يؤدي العنف المتزايد إلى "انتفاضة ثالثة"؟
يومان "عنيفان" من الهجمات المتبادلة في إسرائيل وفلسطين، أثارا الكثير من القلق من تصاعد العنف، وأطلقا جرس إنذار من "فوضى محتملة"، قد تؤدي إلى "انتفاضة ثالثة".
ذلك العنف والذي أثار إدانات عربية ودولية ودعوات متزايدة للتهدئة، بعد أن تبادلت إسرائيل وفصائل فلسطينية في قطاع غزة إطلاق الصواريخ في وقت سابق الجمعة، كشف عن مخاوف من استمرار الأزمة في التصعيد، إذا لم يتخذ الطرفان خطوات استباقية لنزع فتيل الوضع الذي بات قابلا للاشتعال.
فماذا حدث خلال اليومين الماضيين؟
مساء الجمعة، قتل فلسطيني مسلح سبعة إسرائيليين على الأقل في أعنف هجوم في المدينة منذ عام 2008، فيما وصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه "عمل إرهابي".
وفي وقت سابق يوم الجمعة، أطلقت ثلاثة صواريخ من غزة فيما هاجمت طائرات إسرائيلية منشأة تحت الأرض لتصنيع القنابل تابعة لحماس، بحسب الجيش الإسرائيلي.
قبل ذلك بيوم، في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية، داهمت قوات الكوماندوز الإسرائيلية مبنى سكني والمنطقة المحيطة به، وقتلت تسعة فلسطينيين وجرحت 20، في هجمات وصفها متحدث باسم السلطة الفلسطينية بـ"مجزرة"، إلا أن إسرائيل بررت هجومها بأن موقع الغارة كان يضم خلية "إرهابية" تابعة لحركة "الجهاد الإسلامي".
ويقول موقع "VOX"، في تقرير له، إنه في المتوسط، قتل أكثر من فلسطيني في اليوم خلال الشهر الأول من عام 2023، في أرقام ضاعفت "المعدل المأساوي للعنف المميت في الضفة الغربية"، خلال العام الماضي - والذي كان بالفعل أعلى معدل على الإطلاق منذ أن بدأت الأمم المتحدة في تدوين تلك الأرقام.
زيارة بلينكن
وفيما لا يُعرف سوى القليل عن مطلق النار يوم الجمعة أو دوافعه؛ والذي قتل برصاص الشرطة الإسرائيلية، بعد مهاجمته للكنيس، تأتي دائرة العنف المتصاعدة في الوقت الذي يزور فيه مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بيل بيرنز إسرائيل وفلسطين.
ومن المقرر أن يصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن فلسطين وإسرائيل يوم الإثنين، في زيارة قال عنها المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيان يوم الخميس: "نؤكد على الحاجة الملحة لجميع الأطراف لوقف التصعيد، ومنع المزيد من الخسائر في أرواح المدنيين، والعمل معا لتحسين الوضع الأمني في الضفة الغربية".
لكنّ محللين وصفوا "الوضع المميت والمتقلب"، على نحو متزايد بأنه نتاج عوامل هيكلية، تفاقمت مع تولي حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة السلطة في وقت سابق من هذا الشهر، مؤكدين أنه "من غير المرجح أن تهدأ الأمور".
ويقول مايراف زونسزين، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إن الوضع بالنسبة للفلسطينيين "كان سيئًا بالفعل"، مشيرًا إلى أنه "آخذ في التدهور".
وأضاف المحلل في مجموعة الأزمات الدولية: "مع حكومة يمينية متطرفة جديدة ملتزمة باستمرار نزع ملكية الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات، ومع وجود الكيان السياسي الفلسطيني في حالة من الفوضى وعدم اتخاذ أي صاحب مصلحة دولي خطوات استباقية، فإنه من المرجح أن تستمر الأزمة في التصعيد".
هل يطلق العنف العنان لانتفاضة ثالثة؟
قال محلل إسرائيلي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لموقع "VOX"، إنه من غير المعتاد، إن لم يكن غير مسبوق، أن يرد مهاجم فلسطيني بهذه السرعة على غارة إسرائيلية مثل تلك التي حدثت يوم الخميس في جنين.
وعلى الرغم من أنه من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات كبيرة حول تفاصيل الهجوم، فمن الواضح أن الوضع السيئ بالفعل قد يصبح "مأساويًا للغاية"، بحسب المحلل الذي رفض كشف هويته.
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انتخب الإسرائيليون الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ البلاد، والتي خرج ضدها أكثر من 80 ألف متظاهر، في احتجاجات تزامنت مع تحركات قضائية قد تضعف سلطة المحكمة العليا في البلاد.
وقالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي: "إن عدد القتلى في الضفة الغربية والقدس هو في الواقع النتيجة المتوقعة تمامًا لحكومة إسرائيلية متطرفة تنشر العنف"، على حد قولها.
ويقول موقع "VOX"، إنه بينما إدارة بايدن حدت من انتقادها للحكومة حتى الآن، فإنه ليس من الواضح تمامًا كيف سيتمكن وزير الخارجية بلينكن من تهدئة التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال رحلته القادمة.
وتشمل أولويات الزيارة "الحفاظ على حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحماية حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية"، إلا أن تلك الأولويات تبدو معرضة للخطر، في ظل التطورات الحالية.
توم بيكرينغ، سفير خدم سابقًا في إسرائيل، يشعر بالقلق من أن العنف المتزايد "قد يؤدي إلى انتفاضة ثالثة". مضيفًا: "في الوقت الحالي، ماتت مباحثات الدولتين، لكن هناك نتيجة اللا دولة التي يتم تشكيلها، أي، الوضع الراهن الذي تسعى إليه الحكومة الإسرائيلية الحالية، حيث لم تعد الدولة الفلسطينية ممكنة".
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4yNiA=
جزيرة ام اند امز