الغرفة الزرقاء وصراع الولاء.. هاريس تكشف أسرار أيام بايدن الأخيرة

كشفت نائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس، في مذكراتها الجديدة «107 أيام»، عن واحدة من أكثر اللحظات توتراً داخل البيت الأبيض، عشية انهيار حملة جو بايدن الرئاسية عام 2024.
وفي روايتها، لم تكن معركة الديمقراطيين مع دونالد ترامب وحدها هي التي شغلت أروقة السلطة، بل أيضًا صراع الولاءات والانقسامات العائلية التي هددت بتفجير الحزب من الداخل.
وتروي هاريس أن زوجها، دوغ إمهوف، تعرّض لاختبار ولاء «مروّع» على يد جيل بايدن خلال احتفالات الرابع من يوليو/ تموز في البيت الأبيض، قبل أسابيع فقط من انسحاب بايدن من السباق.
وبحسب الكتاب، انتحت السيدة الأولى السابقة بإمهوف جانبا إلى «الغرفة الزرقاء»، وسألته بحدة: "هل أنتم معنا فعلًا". هذا السؤال، الذي حمل نبرة اتهام، شكّل صدمة لإمهوف الذي ردّ مؤكدًا ولاءهم للرئيس، لكن كلمات جيل جاءت كتحذير مشحون بالريبة، قائلة "هذا مهم للغاية. يجب أن نعرف ذلك".
المشهد الذي تصفه هاريس لا يقدَّم هنا كمجرد خلاف عابر بين سيدتين في السلطة، بل كدليل دامغ على حالة انعدام الثقة التي عصفت بحملة بايدن، في وقت كان المرشح الديمقراطي يواجه أعمق أزمة في مسيرته السياسية بعد مناظرته الكارثية مع ترامب في 27 يونيو/ حزيران.
هاريس، التي اعترفت بأنها لم تتدخل لوقف حملة بايدن «المتهورة»، وكتبت أن الإرهاق والارتباك الذي بدا على الرئيس الثمانيني على المسرح كان غير مسبوق. ومع ذلك، ظلّت مكبّلة بالقيود التي فرضها البيت الأبيض، والتي تضع القرار في يد بايدن وعائلته فقط.
لكن مذكرات هاريس تكشف أكثر من مجرد نقد لمسار حملة انتخابية؛ فهي تفضح عمق التصدع بين جناحَي بايدن وهاريس داخل الحزب الديمقراطي. فجيل بايدن، بحسب الكتاب، لم تسامح هاريس قط منذ المواجهة النارية بينهما في مناظرات 2019، حين هاجمت بايدن بسبب مواقفه القديمة من قضايا دمج المدارس.
ذلك الجرح السياسي القديم عاد ليُلقي بظلاله على العلاقة العائلية والسياسية حتى بعد دخول هاريس البيت الأبيض كنائبة للرئيس.
وتشير هاريس أيضا إلى أن التوتر لم ينتهِ بانسحاب بايدن في يوليو/تموز 2024. فبعد يوم واحد من تولّيها قيادة الحملة الديمقراطية بشكل مفاجئ، وصلتها رسالة جديدة من جيل إلى زوجها، هذه المرة بصيغة تهديد مبطّن: "كن حذرًا مما تتمنى. أنت على وشك أن ترى كم أن هذا العالم فظيع".
اللحظات الأخيرة
هذا الإفصاح من هاريس يعيد رسم صورة معقّدة عن اللحظات الأخيرة في رئاسة بايدن، تشير إلى رئيس يترنح سياسيًا وصحيًا، وعائلة تتمسّك بالقرار حتى الرمق الأخير، وحزب يواجه معركة داخلية حول الشرعية والولاء قبل أن يخوض حربه ضد ترامب.
الأهم أن الكتاب، الذي يُطرح في الأسواق هذا الأسبوع، لا يقدّم مجرد سيرة ذاتية، بل أشبه بتحقيق سياسي من الداخل. فهو يلمّح إلى أن مستقبل الحزب الديمقراطي لم يُحسم عبر المؤسسات أو القواعد الشعبية، بل عبر شبكة الولاءات الشخصية والخصومات العائلية التي تحكم دوائر القرار في واشنطن.
وتُلقي هاريس، بين السطور، باللوم على تلك الحسابات الضيقة التي كادت تكلّف الديمقراطيين السباق الرئاسي. أما غياب اسم جيل بايدن من قسم الشكر في الكتاب، مقابل الامتنان لجو، فهو رسالة سياسية بليغة، وهي أن المصالحة بين المرأتين لم تحدث قط، وربما لن تحدث أبدًا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg5IA== جزيرة ام اند امز