متحف جيما في إثيوبيا.. آثار تروي عبق الحضارة الإسلامية (صور)
متحف مدينة جيما بإقليم أوروميا الإثيوبي من أقدم المتاحف في البلاد وأكثرها ثراء، حيث يحتفظ المتحف بنحو ألفَيْ قطة أثرية لأكثر من 120 عاما.
ويحتفظ متحف مدينة جيما الذي يقع في إقليم أوروميا الإثيوبي بنحو ألفَيْ قطعة أثرية لأكثر من 120 عاما، فضلا عن آثار متنوعة محلية وعالمية لكل إنسان وطئت مر على المنطقة من هنود وفرس وعرب.
ومدينة جيما تحمل عبق التاريخ الإسلامي يتوسطها المتحف الذي يحتوي على مجموعة متنوعة من القطع الأثرية، تروي العصر الذهبي لمنطقة جيما (1941-1950)، وإن كان التاريخ الرسمي لميلاد المتحف بدا في عام 1980، في عهد نظام منقستو هايلي ماريام ( 1974- 1991).
وأرجع عالم الآثار والمتحدث باسم متحف جيما، نجيب رايا، بداية المتحف القومي لمدينة جيما لعام 1974، أي قبل 49 عاما.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن افتتاح معرض "كفا " الذي شارك فيه الإمبراطور هيلا سلاسي (1930-1974) وملكة هولندا وقتها جوليان، لفت انتباه قادة البلاد إلى التراث وأهميته في تلك المنطقة، مشيرا إلى أن الإمبراطور وجّه بأن يظل المعرض مفتوحا للجمهور لشهر كامل.
و"كافا" كانت منطقة إدارية في الجانب الجنوبي الغربي من إثيوبيا في عصر الإمبراطور هيلا سلاسي وعصر منجستو هيلماريام، وعاصمتها بونجا، وسميت على اسم مملكة "كافا" السابقة، حيث شهدت تلك الفترة نشاطا تجاريا وثقافيا فريدا.
وكان يحدها من الغرب السودان، ومن الشمال الغربي إيلوبابور، ومن الشمال واللغا، ومن الشمال الشرقي شوا، ومن الشرق سيدامو، ومن الجنوب الشرقي جامو جوفا.
وأوضح عالم الآثار أن المتحف غني بالمقتنيات الأثرية، حيث يجمع آثارا هندية وفارسية وعربية خاصة من مصر والسعودية وزانزيبا، وغيرها تعود لـ120 عاما.
وتعد مدينة جيما، التي تحتضن المتحف القومي، إحدى أهم المدن بإقليم أوروميا الإثيوبي، حيث تحتل المدينة العريقة مكانة تاريخية ليس كونها مهدا للبن الإثيوبي في أكبر أقاليم البلاد مساحة وتعدادا، وإنما أيضا كإحدى معالم الحضارة الإسلامية بالبلاد ومواقعها التاريخية ووجهتها السياحية على المستويين العالمي والمحلي.
وقال إن منطقة جيما خلال تلك السنوات حكمها ثمانية أباطرة، اثنان منهم من أباجيفار، وكان لديهم تواصل مباشر مع دول (الهند والفرس ودول عربية)، مشيرًا إلى أن هذه الفترة لمنطقة جيما كانت تعرف بالعصر الذهبي حيث وصلت شهرة المنطقة إلى القمة في مختلف المنتجات الخشبية والملابس والمعادن والجلود.
وتابع: "السلطان أبا جوبر أبا جفار الملك التاسع لمملكة جيما حينها قد أهدى جميع المقتنيات، ووجه بضرورة الحفاظ عليها داخل متحف وطني".
والسلطان أبا جوبر أبا جفار الملك التاسع لجيما، هو الابن الأخير لملك أبا جفار أباجولا أبا جفار، الذي حكم منطقة جيما الجانب الجنوبي الغربي من إثيوبيا في الفترة من الـ1878 حتى 1930.
وأكمل: "بعد ذلك التوجيه السلطاني تم تجميع كل القطع الأثرية في مكان موحد، فيما افتتح المتحف رسميا في عام 1980 في عهد الرئيس منغستو هايلي ماريام (1974- 1991)".
وأشار رايا إلى أن المتحف يعد اليوم أحد أهم معالم منطقة جيما في الجذب السياحي لما يحويه من آثار غنية تعبر عن تاريخ منطقة جيما وامتدادها التاريخي والحضاري.
وأوضح أن متحف جيما العريق يضم أكثر من ألفي قطعة أثرية، ونحو 75% من التراث ينتمي إلى ملك أباجفار، بينما ينتمي الباقي إلى مقاطعات جيما الست وفترة الاحتلال الإيطالي الثاني.
وأضاف أن معظم القطع الأثرية في المتحف تعود إلى ما بين 100 إلى 120 سنة، مؤكدا أن المتحف يحظى بعناية من قبل المجتمع المحلي والحكومة.
وأكد أن المجتمع يهتم بالمتحف ويعطيه كل العناية اللازمة، لأنه يؤمن بأن هويته وثقافته وتاريخه ستنتقل إلى الأجيال القادمة عبر هذا المتحف العريق.
والمدينة التي تحتضن المتحف هي الأخرى، حيث تتميز مدينة جيما بتعدد ثرواتها ومصادرها الطبيعية، وحضورها التاريخي العريق فقد شهدت الحضارة الإسلامية بعنفوانها واضمحلالها، وتعد أيضا وجهة سياحية لجمال طبيعتها ومناطقها الأثرية حيث قصر أباجفار التاريخي الذي يحكي عن الحضارة الإسلامية وإن بدا عليه شيء من عنت الحياة.
لكن القصر النابض بالتاريخ الإسلامي وعراقة البلاد وشعب المنطقة، التفتت إليه يد العناية كما شيدته من قبل يد الحضارة، فهو الآن يشهد ترميما، ليحفظ هذا التاريخ الضارب في أعماق الماضي والمعبر عن أصالة الإنسان والمكان.
ولم يكن قصر أبا جفار وحده هو المعبر عن تاريخ وحضارة مدينة جيما فهناك المتحف القومي الذي هو الآخر يمثل معلما يحتفظ بأهم ما شهدته المنطقة من حضارة إسلامية وتاريخ إنسان المنطقة الذي ربطته الحضارة بآخرين من شتى بقاع الأرض من الهند والفرس والعرب.