المرة الأولى منذ 2013.. تقرير الوظائف يتأخر ويترك اقتصاد أمريكا في ضبابية

من قاعات التداول في وول ستريت، إلى الاحتياطي الفيدرالي، إلى الاقتصاديين الجالسين أمام شاشاتهم في مكاتبهم المنزلية، يسود صباح أول جمعة من كل شهر هدوءٌ معتاد، بينما يترقب الجميع تقرير الوظائف الشهري الحاسم الصادر عن وزارة العمل.
لكن مع الإغلاق الحكومي، لم تُنشر أي بيانات يوم الجمعة بشأن التوظيف في سبتمبر/أيلول وفقا لوكالة أسوشيتد برس.
جاء هذا الانقطاع في وقتٍ يكتنفه الغموض، إذ يحتاج صانعو السياسات في الاحتياطي الفيدرالي ومستثمرو وول ستريت إلى المزيد من البيانات الاقتصادية، لا إلى انقطاعها. توقّف التوظيف تقريبًا، ما يهدد بتباطؤ الاقتصاد ككل، في حين يواصل المستهلكون – خصوصًا أصحاب الدخول المرتفعة – الإنفاق، فيما تكثّف بعض الشركات استثماراتها في مراكز البيانات الخاصة بتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.
ويبقى السؤال: هل سيكون ذلك كافيًا لإنعاش التوظيف؟
هذه هي المرة الأولى منذ الإغلاق الحكومي عام 2013 التي يتأخر فيها صدور تقرير الوظائف. ففي فترة الإغلاق الجزئي 2018-2019، كانت وزارة العمل من بين الوكالات التي واصل الكونغرس تمويلها، مما أتاح لها الاستمرار في إصدار البيانات. ومن المتوقع أن تُنشر أرقام وظائف سبتمبر بمجرد انتهاء الإغلاق الحالي.
وتبادل الجمهوريون والديمقراطيون الاتهامات حول المسؤولية. فقد ألقت إدارة ترامب باللوم على الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، بينما حمّل الديمقراطيون البيت الأبيض المسؤولية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي: "إن الشركات والأسر وصانعي السياسات والأسواق، وحتى الاحتياطي الفيدرالي، يُحرمون من بيانات حاسمة حول تعافي الاقتصاد الأمريكي، لأن إغلاق الحكومة الذي فرضه الديمقراطيون أوقف إصدار البيانات الاقتصادية الرئيسية."
ومع ذلك، لطالما وجّه الرئيس دونالد ترامب انتقادات حادة لبيانات الوظائف الحكومية عندما تُظهر صورة سلبية عن الاقتصاد. ففي أغسطس/آب، أقال رئيس مكتب إحصاءات العمل بعد أن أعلنت الوكالة أن مكاسب الوظائف في مايو/أيار ويونيو/حزيران كانت أقل بكثير مما أُعلن سابقًا.
في غياب البيانات الرسمية، لجأ الاقتصاديون إلى مقاييس بديلة لسوق العمل تقدمها شركات خاصة ومنظمات غير ربحية. وتُظهر هذه المقاييس تراجعًا في وتيرة التوظيف، لكن من دون موجة تسريح واسعة، إذ يبدو أن العاملين الحاليين في الغالب في أمان، بينما يواجه الباحثون عن عمل صعوبة متزايدة.
على سبيل المثال، أعلنت شركة ADP المتخصصة في خدمات الرواتب أن تقديراتها أظهرت فقدان الاقتصاد 32 ألف وظيفة في القطاع الخاص الشهر الماضي، وهو رقم مفاجئ.
وأشارت إلى أن قطاعات البناء والتصنيع والخدمات المالية شهدت تراجعًا، إلى جانب تسريح في المطاعم والفنادق والخدمات المهنية كالمحاسبة والهندسة. بالمقابل، أضافت قطاعات الرعاية الصحية والتعليم الخاص وتكنولوجيا المعلومات وظائف جديدة.
وقالت نيلا ريتشاردسون، كبيرة اقتصاديي ADP: "لقد شهدنا انخفاضًا ملحوظًا في زخم التوظيف على مدار العام. وهذا يتماشى مع انخفاض فرص العمل، مع استمرار محدود للتوظيف، وتراجع في معدل التسريح."
كما أدى الإغلاق إلى وقف نشر الإحصاءات الأسبوعية حول طلبات إعانة البطالة، وهو مؤشر مهم على حجم التسريحات، عادةً ما يصدر كل خميس.
لكن غولدمان ساكس قدّر بالاعتماد على بيانات معظم الولايات أن الطلبات ارتفعت إلى 224 ألفًا الأسبوع الماضي مقارنة بـ218 ألفًا في الأسبوع السابق، وهي أرقام لا تزال منخفضة تاريخيًا، ما يشير إلى أن الشركات متمسكة بعمالها الحاليين.
يوم الجمعة، أصدر معهد إدارة التوريد (ISM) تقريره الشهري حول النشاط الاقتصادي في قطاع الخدمات، الذي يغطي نحو 90% من الاقتصاد الأمريكي، بدءًا من البنوك والمطاعم، وحتى التجزئة والتخزين.
وانخفض مؤشره إلى 50 نقطة من 52، وهو الحد الفاصل بين الانكماش والنمو، ما يعكس ركود النشاط خلال الشهر الماضي. وأظهر التقرير أن شركات الخدمات قلصت التوظيف للشهر الرابع على التوالي، ما يشير إلى استمرار ضعف مكاسب الوظائف.
كذلك نشر بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو تقديراته الشهرية للبطالة، وهو مؤشر بديل جديد، أظهر أن معدل البطالة سيظل منخفضًا عند 4.3% في سبتمبر.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز