مصفى كردستاني للنفط يثير حفيظة إيران.. ما السر وراء هجمات طهران؟
ضمن حرب اقتصادية سياسية، تتحرك مجاميع "مليشياوية"، لضرب مصفى شركة كار في غرب أربيل عاصمة إقليم كردستان بوابل من الصواريخ.
ومساء أمس الأحد، كان قد سقطت 6 صواريخ عند منطقة (كور كوسك) في قضاء خبات التابع لمحافظة أربيل، الذي يقع عنده مصفى (CAR)، مما تسبب بوقوع أضرار في إحدى الخزانات الرئيسة ونشوب حريق بداخله.
وكان المصفى قد تعرض إلى هجوم سابق في الـ6 من الشهر الحالي برشقات من صواريخ الكاتيوشا دون أن يتسبب بوقوع أي خسائر بشرية أو مادية.
- سعر الدولار اليوم في العراق الإثنين 2 مايو 2022.. "الأخضر" يترقب
- النفط العراقي يتدفق.. عائدات أبريل تتجاوز 10 مليارات دولار
وسبق ذلك، هجوم في الـ13 من مارس/ آذار الماضي، هو الأعنف منذ شهور، بـ12 صاروخاً استهدف مناطق متفرقة في أربيل من بينها منزل المدير التنفيذي لشركة "كار"، باز كريم البرزنجي، حيث تبنى الحرس الثوري الإيراني الاضطلاع وتنفيذ ذلك القصف بذريعة وجود "مقار إسرائيلية".
ومصفى (كار) الذي يقع عند ناحية خبات غرب مدينة الموصل، كان قد أعيد تشغيله عام 2015، بعد إحالته إلى الاستثمار لشركة "كار كروب"، وتصل طاقته التكريرية ما بين (80-100 ألف برميل يومياً)، وهو مكون من أربع وحدات.
ويتبع مصفى (كار)، وزارة الثروات الطبيعية في كردستان، ويذهب جزء من إنتاجه لتغطية احتياجات الإقليم من المشتقات النفطية فيما يذهب الجانب الأخر منه إلى محافظة كركوك بعد تزويده بالنفط الخام من حقول "خورماله"، الذي تصل طاقته الإنتاجية لأكثر من 170 ألف برميل يومياً.
خلاف سياسي
تأتي تلك التطورات على وقع خلاف سياسي حاد يضرب البلاد منذ 6 أشهر، بين الصدر وحلفائه من السنة والكرد وبين قوى الإطار التنسيقي الذي يضم أحزاب مقربة من إيران.
وتحاول القوى الولائية منذ شهور ثني الصدر عن المضي بمشروعه السياسي "الأغلبية الوطنية"، بالضغط على حلفائه من تحالف السيادة (أكبر القوى السنية)، والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتقلد السلطة في أربيل.
الخبير النفطي كوفند شيروني، يقول إن "الهجمات المتوالية على أربيل وخصوصاً ما يتعلق بمصفى كار ومقارها يحمل رسائل سياسية واقتصادية في آن واحد".
ويوضح شيروني في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الجوانب السياسية من تلك الهجمات الضغط على أطراف التحالف الثلاثي وخصوصاً الكردي منه لتحيد موقفه من مساع الصدر بالذهاب عن الأغلبية الوطنية".
منافسة إيران
وفي المضمون الآخر، بحسب شيروني، يتعلق بأنباء متداولة حول نية كردستان تصدير الغاز إلى أوروبا عبر أنابيب تركيا لسد العجز الحالي نتيجة الحروب الروسية الأوكرانية مما أثار فزع إيران التي تتصدر المرتبة الحادية عشر عالمياً في إنتاج الغاز وخشية دخول منافس لها في السوق العالمية".
ويعقب دكتور كوفند شيروني بشأن ذلك الأمر قائلاً: "أن ذلك الأمر مبالغ فيه وخصوصاً أن العراق بجميع مناطق الغاز الاتحادية بما فيها كردستان لا يمكن أن ينافس إيران على ذلك الأمر بحسب الأرقام والمعطيات الآنية فضلاً عن ذلك فإن البلاد تقبع على دائرة عجز كبير من مادة الغاز لتشغيل محطاتها الكهربائية والاحتياج المحلي".
ويعطف بالقول إن "إنتاج كردستان من الغاز الحالي لا يتجاوز الـ700 مليون متر مكعب يومياً".
وكان رئيس وزراء كردستان العراق، مسرور بارزاني، أكد خلال مؤتمر عقده على هامش مشاركته في مؤتمر الطاقة الذي عقد في دولة الإمارات العربية في مارس/آذار الماضي، أن الإقليم لديه القدرة لتعويض بعض من نقص الطاقة، على الأقل في أوروبا.
وأكد بارزاني، أن كردستان العراق، "سيصبح قريبا مصدرا مهما للطاقة سيساهم في تلبية الطلب العالمي وسيصدًر إلى تركيا في المستقبل القريب".
مشروع تصدير الغاز
من جانبه، يلفت مصدر اقتصادي مطلع، رفض الكشف عن اسمه، إلى أن الهجمات الأخيرة تهدف إلى أمرين أولهما "إيقاف مشروع تصدير الغاز من إقليم كردستان لجودة الغاز ومنافسته أسعار الغاز الإيراني بالإضافة إلى زيادة الخناق على أوروبا وحاجتها للغاز بعد حرب روسيا باعتبار أن تركيا الوسيط المثالي لتأمين مرور أنابيب الغاز".
وكان نواب يتبعون جهات سياسية مقربة من إيران، تحركوا عبر الإعلام ودوائر النزاهة والقضاء لاعتراض عقود واستثمارات شركة كار في محافظة البصرة وغيرها بذريعة فسادها وعدم التزامها بالمعايير الفنية. وبشأن ذلك الأمر يؤكد المصدر الاقتصادي أن "ذلك يأتي ضمن مساع إيرانية للتضيق على الكرد في الإقليم".
وفي الجانب الثاني الذي ذهب إليه المصدر المطلع، هو "أن تلك الهجمات الهدف منها الضغط على حزب مسعود بارزاني لأجل الانسحاب من التحالف الثلاثي (الأغلبية) مقابل وعود بإلغاء قرار المحكمة الاتحادية بشأن تصدير النفط من إقليم كردستان والتعهد بعدم التضييق على استثمارات الشركات الكردية في جنوب العراق ( البصرة )".
وبشأن حجم الأضرار التي تسبب فيها هجوم ليل أمس على مستويات إنتاج المصفى يتحدث المصدر، قائلا إن "عمليات الإنتاج والتكرير لم تتأثر بذلك الأمر ولكن المنتجات تم دفعها إلى الناقلات الحوضية بشكل مباشر في بعض الأقسام دون اعتماد تخزينها تجنباً لتكرار تلك الهجمات".
وكار شركة تضم مجموعة من القطاعات المختلفة، تأسست عام 1999، ومقرها الرئيسي في مدينة أربيل، العراق، ولديها فروع في معظم المحافظات العراقية، بالإضافة لمكاتبها في تركيا، الأردن، وممثليها في الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة.
وبدأت كار عملها في مجال المشروعات الهندسية والإنشائية وركزت بشكل رئيسي على المشروعات الاستراتيجية في مجال الطاقة (النفط، الغاز والكهرباء).
وتتولى كار مشروعات كبرى في مجال النفط والكهرباء منها حقل قبة خرمالة ومصفاة أربيل، والعديد من منشآت الطاقة الكهربائية في أربيل ودهوك وكذلك مصنع النجف للإسمنت والعديد من المواقع الآخرى في عدد من المحافظات العراقية.