تقرير سري.. كينيا تحقق في "خيانة" حكومة الصومال
الصحافة الكينية تنشر تقريرا سريا حول علاقات مشبوهة بين حركة الشباب الإرهابية ووكالة المخابرات والأمن القومي الصومالية
بدأت السلطات الكينية في عملية تحقيق موسع بشأن صلات مشبوهة بين وكالة المخابرات والأمن القومي الصومالية وحركة الشباب الإرهابية.
التحقيقات أطلق شرارتها تقرير سري يرجح أن حركة الشباب الإرهابية ووكالة المخابرات والأمن القومي الصومالية كانتا تعملان معا لإفشال عمليات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال "أميصوم"، بحسب صحيفة "ذا ستاندرد" الكينية التي حصلت على التقرير.
ويتولى فهد ياسين المعروف بعلاقاته بتنظيم القاعدة ونظام الدوحة رئاسة الاستخبارات الصومالية.
ويتنامى الاستياء في نيروبي من السياسات التي تنتهجها حكومة الصومال بعد الكشف عن تورط مخابرات مقديشو في دعم مالي لحركة الشباب الإرهابية.
استياء يزيد من التوتر الدبلوماسي بين الحكومتين الصومالية والكينية بسبب العديد من القضايا العالقة ومن بينها النزاع حول الحدود البحرية بين البلدين.
"طعنة في الظهر"
وطبقا للتقرير، كان كبار المسؤولين في حركة الشباب والاستخبارات الصومالية على تواصل مستمر خلال العمليات في كل من الصومال وكينيا، مستهدفين قوات الأمن الكينية الموجودة على جبهة المعركة ضد الجماعة الإرهابية.
والتعاون بين الاستخبارات الصومالية وحركة الشباب الإرهابية أمر يراه المسؤولون في كينيا "طعنة في الظهر".
ويشير التقرير إلى أن بعضا من كبار مسؤولي الاستخبارات ممن تلقوا تدريبا على يد وكالات الأمن الصومالية كانوا يقدمون معلومات عالية السرية إلى حركة الشباب لتسهيل عمليات الجماعة الإرهابية.
ومؤخرا، تلقت حركة الشباب 1.5 مليون دولار من خلال شيك وقعه مسؤول كبير بوكالة الاستخبارات الصومالية باسم عبدالله كولان.
وباستخدام شبكات الوكالة، يحدد كولان أيضا أهدافا غير حصينة للحركة على طول الحدود الكينية.
ويعتقد أن مسؤولي وكالة الاستخبارات والأمن القومي الصومالية حرضوا على نشر قوات الجيش الوطني الصومالي في مانديرا (نقطة التقاء حدود الصومال وكينيا وإثيوبيا)، في محاولة لجر كينيا في الشؤون الداخلية الصومالية.
وأوضح التقرير أيضا أن الوكالة أرسلت بعضا من أنظمة اتصالاتها الخاصة بالتشويش للإضرار بشبكات "سفاريكوم" في مانديرا وغيرها من المناطق المجاورة، في محاولة لتسهيل عمليات الشباب في تلك المنطقة.
وأشارت صحيفة "ذا ستاندرد" الكينية إلى أن تحديد الأهداف السهلة للجماعة الإرهابية في بعض المناطق هو من أجل خلق واجهة فعالة من خلال هجمات منفصلة تستهدف بشكل أساسي المدنيين وبعضا من البنى التحتية الحيوية.
ويشعر المسؤولون الكينيون أن تصرفات المسؤولين البارزين في الوكالة الصومالية هي خيانة لشعب الصومال، والنية الحسنة للدول المجاورة.
وطبقا للتقرير، فإن التوترات الأخيرة بين كينيا والصومال التي انتقلت إلى بلدة مانديرا من مدينتي بولوهاوو ودولو الصوماليتين عجّلت بالتواطؤ المستمر بين الوكالة والحركة.
"خلق الفتن"
عبدالله محمد علي "سنبلوشي" رئيس جهاز الاستخبارات والأمن القومي السابق بالصومال وجّه انتقادات شديدة إلى الحكومة الفيدرالية لمقديشو وقيادتها.
وأشار سنبلوشي، في مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية، إلى أن حكومة مقديشو عملت في السنوات الثلاث الماضية على خلق الفتن وإعادة البلاد إلى الوراء سياسيا وأمنيا واقتصاديا.
وأكد أن سياساتها أدت إلى انعدام الثقة بينها وبين الشعب الصومالي والولايات الإقليمية والمجتمع الدولي.
ووجّه اتهامات خاصة إلى الرئيس محمد عبدالله فرماجو ورئيس جهاز الاستخبارات والأمن القومي الحالي فهد ياسين، وحمّلهما مسؤولية تدهور سياسات الصومال الأمنية والاقتصادية.
سنبلوشي ذكر أن الحكومة حاولت تغيير كل شيء تم الاتفاق عليه بين الأطراف الصومالية بما في ذلك تشكيل الولايات الإقليمية وتأسيس القوات الوطنية وقوانين البلاد.
وأعرب عن مخاوف يشترك فيها مع النخبة السياسية في الصومال من أن سياسة فرماجو في البلاد قد تؤدي إلى انهيارها.
سنبلوشي أوضح أن ياسين يؤمن بأن القرار بيده وأن الدولة كشركة يديرها، ولا يقبل أي رأي مخالف ويعارض اتخاذ الصومال سياسة خارجية مستقلة عن قطر.
وعمل ياسين في السابق ضمن طاقم قناة الجزيرة القطرية التي وفرت منصة إعلامية للعديد من قيادات الإرهاب.
ويسعى ياسين ومن خلفه الدوحة إلى تكريس بقاء فرماجو في السلطة، ويعتمد من أجل تحقيق هذا الهدف على سياسة "فرق تسد" الاستعمارية.
دولة موازية للإرهاب
رئيس الاستخبارات الصومالي السابق ألمح إلى توقف العمليات العسكرية ضد حركة "الشباب" منذ صول نظام فرماجو إلى السلطة.
وألقى الضوء خلال المقابلة على الاتهامات التي يواجهها الرئيس الصومالي من تدميره للمؤسسات الأمنية بما فيها الشرطة والجيش والمخابرات.
وعبّر عن الضيق المتنامي من خطر تحول حركة الشباب إلى دولة موازية داخل الصومال لها أجهزتها الأمنية والقضائية وتفرض الضرائب على الناس، محذرا من مغبة تلك الممارسات على مستقبل البلاد.
احتيال
ونهاية العام الماضي، فتحت الحكومة الكينية تحقيقا حول حصول نائب مدير وكالة الاستخبارات الصومالي (وقتها) فهد ياسين، والمعروف عنه ولاؤه لقطر والعمل تحت إمرتها، على جواز سفر كيني بطريقة غير شرعية وعبر الاحتيال.
وكشفت صحيفة "ديلي نيشن" الكينية عن أرقام الجواز الكيني الذي يستخدمه الياسين، برقم c024542 جواز كيني، وبطاقة هوية كينية برقم 22847167.
وصدرت الوثيقتان باسم طاهر أحمد، ومكتوب أنه من مواليد مندرا بكينيا في 19 يوليو/تموز 1978.
وشغلت قضية حصول ياسين على جواز كيني بطريقة غير شرعية مواقع التواصل الاجتماعي في كينيا وتداول ناشطون كينيون في "تويتر" و"فيسبوك" صوراً تظهر صورتين لجوازيه الكيني والصومالي عليهما عدد من التأشيرات.
وبرز اسم ياسين عقب صدور تقارير ترصد دوره في مخطط قطري تركي إيراني لتأسيس حركة مسلحة جديدة بالصومال لزعزعة استقرار حكومات أقاليم صومالية وبلدان مجاورة لها.
"ياسين"
وبدأ حياته سلفيا وعمل كعضو نشط في صفوف الجماعة السلفية السياسية المعروفة محليا بجماعة "الاعتصام"، قبل أن يلتحق بتنظيم الإخوان الإرهابي الذي تدعمه قطر، حيث أقام صلات قوية مع قيادات التنظيم، لا سيما يوسف القرضاوي.
ولد ياسين في العاصمة الصومالية مقديشو أواخر سبعينيات القرن الماضي، ونزح مع والدته إلى الحدود الكينية بداية الحرب الأهلية بالبلاد، ليتمكنا لاحقا من الوصول للعاصمة الكينية نيروبي التي استقر بها لسنوات.
وفشل ياسين في استكمال دراسته الجامعية لكنه التحق بمجال الإعلام، حيث عمل بموقع "صومال توك" وخلال فترة وجيزة التحق بقناة الجزيرة القطرية كمراسل، ومن ثم مدير مكتبها بمقديشو لسنوات، قبل أن يتحول للعمل كباحث في مركز الجزيرة للدراسات.
aXA6IDE4LjExNy45OS4xOTIg جزيرة ام اند امز