إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا خليفة لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون
تعجز الكلمات عن وصف هذا الحدث الجلل في رحيل قائد التمكين ونبع العطاء الذي لا ينضب، وبوصلة الدولة وحامي عرينها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، فقيد الإمارات والأمة والعالم والإنسانية جمعاء.
فلا كلمات تعطيه حقه ولا رثاء يجفف دموعنا، ولا من حروف تثلج صدورنا التي يملؤها الحزن على رحيل فقيد الوطن الذي قاد مسيرة حافلة بالإنجازات على كافة المستويات، سياسيا واقتصاديا وتنمويا ورياضيا وإنسانيا، مسيرة رسمت دولة الإمارات العربية المتحدة في أحلى صورها، ولم لا وهو الابن الأكبر للقائد المؤسس الشيخ زايد الذي نهل منه الحب والعطاء والتضحية والفداء للوطن والمواطنين والمقيمين.
لا شك أن رحيل الشيخ خليفة بن زايد خسارة كبيرة لقائد استثنائي، فيكفيه مبادراته التي حققت سعادة ورفاهية شعب الإمارات ومن يقيم على أرضها، وقراراته وتوجيهاته التي ترتقي بحياة المواطنين والمقيمين وتحفزهم على المشاركة بفعالية في تعزيز مسيرة التنمية والازدهار، والاستعداد للخمسين سنة المقبلة.
فالفقيد كانت له بصمة لن ينساها القاصي والداني في رسم السياسة الخارجية للدولة، حيث عمل دوما على الحفاظ على عهدة العلاقات المتوازنة، سيرا على درب والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي لخّصها في مقولته الخالدة: " إننا نسعى إلى السلام ونحترم حق الجوار، ونرعى الصديق".
فعلى ذات الخطى سار المغفور له الشيخ خليفة، مكرسا نهج سياسة خارجية نشطة تدعم مركز دولة الإمارات كعضو بارز وفعال، إقليميا وعالميا، وحققت الدبلوماسية الإماراتية في عهده انفتاحاً واسعاً على العالم الخارجي، ما أثمر إقامة شراكات استراتيجية في كافة المجالات مع العديد من الدول في مختلف قارات العالم، بما عزز المكانة المرموقة للدولة في المجتمع الدولي.
وتبنت القيادة السياسية في الإمارات رؤية ذات محددات وركائز واضحة لإدارة العلاقات مع العالم الخارجي، وعمل الجهاز الدبلوماسي للدولة على التحرك انطلاقاً من هذه الرؤية.
على الصعيد الداخلي، تمكن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان من ابتكار توليفة نجاح استثنائية، ساهمت في جعل دولة الإمارات أنموذجا يحتذى به، فدوما ما وضع الاهتمام بالإنسان في مقدمة الأولويات، لم لا وهو القائل: "الإنسان هو الثروة الحقيقية لهذا البلد قبل النفط وبعده، كما أن مصلحة الوطن هي الهدف الذي نعمل من أجله ليل نهار."
ووجد أن "الاستثمار في الإنسان" هو جوهر الرؤية التنموية للدولة منذ تأسيسها، وأن التركيز موجه بقوة لدعم التميز والابتكار والارتقاء بقدرات القوى البشرية المواطنة ومهاراتها.
لذلك سعى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رحمه الله، إلى العمل في عدة اتجاهات خدمة للوطن والمواطنين والمقيمين عبر 4 محاور كبرى، شملت توفير الرعاية الصحية للشعب والوطن من خلال إنشاء العديد من المستشفيات وتزويدها بالأجهزة والمعدات الطبية للعناية بالمرضى، وترسيخ مبدأ الأمن والاستقرار والتنمية للشعب والوطن.
كما كان للمرأة الإماراتية نصيب كبير حيث دعم حقوقها وعزز مكانتها في كافة المجالات، كما شهد عهد فقيدنا الراحل تطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى الاهتمام بتنمية الموارد البشرية في الدولة.
لقد طوق خليفة بن زايد آل نهيان، الإنسانية بقلائد الود والرحمة وجعل من يديه ينابيع لمن تاقت نفسه لفرج أو فرح أو سرور يعيد للحياة نضارتها وصفائها وسط دروب العتمة، لتبقى صورته نبراسا منيرا حتى في أقصى بقاع المعمورة لكل من يريد الهداية في دجى الأزمات والحروب والصراعات.
إننا نستعين بمسيرة البناء والتنمية والسلام والرحمة كي تلهمنا الإرادة الصلبة للصمود أمام فريضة الرحل، ولكن عزائنا أن المسيرة مكتملة، لأنها رحمة انجبت رحماء، يسيرون على درب العطاء في إمارات اللامستحيل التي نحتت على رمل الصحراء أيقونة إنسانية تبقى أشف من جداول الماء.
رحمك الله يا خليفة
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة