على غرار "خان شيخون".. هل تعيد واشنطن الكَرة في الغوطة الشرقية؟
محللون رجحوا توجيه واشنطن ضربة جديدة للنظام السوري بعد شكوك بشأن استخدام الكيماوي في قصف الغوطة.
قالت مصادر دبلوماسية غربية إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحقق في هجمات بالغوطة الشرقية بعد ظهور لأعراض غاز الكلور على مصابين جراء قصف سوري الأسبوع الجاري، ما يعيد للأذهان تعهدا أمريكيا بعقاب نظام دمشق على استخدام الأسلحة الكيماوية.
- المعارضة السورية: ظهور أعراض لاستخدام غاز الكلور في الغوطة
- بريطانيا تلوح بضرب النظام السوري حال استخدام أسلحة كيماوية
وأقر مجلس الأمن هدنة إنسانية في سوريا قبل يومين لكنها لم تدخل حيز التنفيذ سوى اليوم الثلاثاء، بعد أن وافقت موسكو على هدنة لـ5 ساعات يوميا.
وتنفي سوريا وروسيا استخدام غاز الكلور في الغوطة مثلما فعلت سابقا في اتهامات مماثلة، لكن منظمات دولية عاملة في المنطقة المحاصرة منذ ما يزيد على الأسبوع أكدت ظهور الأعراض على حالات في الغوطة الشرقية.
وقصفت مقاتلات أمريكية مطار الشعيرات بحمص العام الماضي، بعد اتهام النظام السوري باستخدام الغازات الكيماوية في مدينة "خان شيخون" بريف إدلب.
التكهنات بتوجيه واشنطن ضربة جديدة لدمشق عززها إعلان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الثلاثاء، إمكانية شن بلاده "غارات محددة" على دمشق إذا حصلت لندن على أدلة مقنعة على استمرار "نظام الأسد أو داعميه" في استخدام الأسلحة الكيميائية. مذكرا بدعم "الكثيرين" للضربات الأمريكية لمطار الشعيرات السوري.
وتسبب قصف مطار الشعيرات في توتر العلاقات الأمريكية الروسية ما هدد بنشوب صراع بين القوتين اللتين تحلق مقاتلاتهما في سماء سوريا بتنسيق مشترك.
وأدى القصف السوري الروسي المتواصل على الغوطة الشرقية، أقرب معاقل المعارضة للعاصمة دمشق إلى مقتل ما يزيد عن 560 شخصا، لكن الإدارة الصحية في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة قالت الإثنين إن أشخاصا عانوا من أعراض مماثلة لأعراض التعرض لغاز الكلور في الغوطة بعد قصف من النظام السوري أدى إلى انفجار كبير.
واشنطن لا تستبعد "القوة" ضد الأسد
واشنطن من جانبها لم تستبعد العمل العسكري ضد سوريا، وقالت مندوبة أمريكا لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي إن بلادها لا تستبعد استخدام القوة ضد قوات الأسد.
وتابعت هايلي، الجمعة، "الحل العسكري لا يُستبعد في أي حال من الأحوال، لا نريد أن نكون في وسط النزاع السوري، لكننا نريد أن نعمل ما بوسعنا لحماية الناس من الأسلحة الكيميائية".
موسكو تنتقد التهديد الأمريكي
موسكو بدورها انتقدت التهديدات الأمريكية، وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف: "على خلفية تصعيد الخطاب المعادي لدمشق وروسيا في واشنطن، نسمع من جديد تهديدات باستخدام القوة في مخالفة للقانون، ويجري البحث عن حجج لذلك، وهذا الأمر يتناقض كليا مع مضمون قرار مجلس الأمن رقم 2401".
وجددت موسكو اتهامها المعارضة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن مقاتلي المعارضة "يعدون لعمل استفزازي باستخدام مواد سامة بهدف اتهام الحكومة باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد السكان المدنيين".
ضربة أمريكية سابقة
وسبق أن وجهت واشنطن ضربة عسكرية ضد قوات الأسد، كانت في أبريل/نيسان الماضي؛ حيث استهدفت البحرية الأمريكية قاعدة الشعيرات العسكرية، قرب حمص، بـ59 صاروخاً من طراز توماهوك. ما أدى إلى تدمير المطار بشكل شبه كامل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت واشنطن حينها أن استهداف المطار جاء ردا على قصف قوات النظام مدينة خان شيخون بالأسلحة الكيميائية، ما أوقع نحو 100 قتيل و400 مصاب.
ميسرة بكور، الباحث السياسي السوري، لم يستبعد إقدام الإدارة الأمريكية على ضربة جديدة لقوات الأسد، مضيفا أن تلك الضربات ستكون "محدودة جدا بشكل لا يؤدي إلى تغيير قواعد الاشتباك".
محللون: ضربة أمريكية متوقعة
وتابع بكور في تصريحات لـ "العين الإخبارية" أنه من أجل تحليل رد الفعل الأمريكي المقبل، لابد من الأخذ في الاعتبار إسقاط الطائرة الإسرائيلية من قبل النظام السوري، وإسقاط الطائرة الروسية من قبل بعض فصائل المعارضة، الأمر الذي أدى إلى اختلاط الأوراق اليوم في سوريا.
من جانبها، أشارت نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمتخصصة في الملف الروسي، إلى أن الوضع في سوريا اختلف عن السابق؛ حيث تنامت قدرة الجيش السوري، وهو ما اتضح في إسقاط الطائرة الإسرائيلية، الأمر الذي يدفع واشنطن للتفكير أكثر من مرة حال إقدامها على سيناريو عسكري ضد الأسد.
وأضافت الشيخ، في حديثها لـ "العين الإخبارية" أن الوجود الروسي في الملف السوري سياسيا وعسكريا في عام 2018، يختلف عن نظيره في أبريل/نيسان الماضي حينما ضربت واشنطن الشعيرات، مضيفة أن موسكو لن تسمح باقتناص مكاسبها في سوريا.
وجهة نظر أخرى قالت بها نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والمتخصصة بالشأن الأمريكي، تقوم على رغبة أمريكية في تعزيز التواجد بالملف السوري، ما يدفعها لتوجيه ضربة عسكرية ضد القوات السورية.
وفي تصريحاتها لـ "العين الإخبارية"، وصفت بكر الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بـ "غير النمطي"، والمتمتع بأغلبية داعمة في البرلمان الأمريكي، ما يجعله غير مقيد في سياساته، فضلا عن رغبته في إيجاد دور أكبر لبلاده في سوريا.