إذا لم يكن نظام الأسد هو من ارتكب المجزرة كما يدعي وتدعي روسيا، فالمسؤولية تقع عليه لأنه يفترض أن يحمي شعبه ومواطنيه
بعد كل مجزرة وجريمة كبرى في سوريا، يخرج من يدافع عن بشار الأسد ونظامه، فعلى الرغم من أن مجزرة خان شيخون في إدلب التي راح ضحيتها مائة بريء أغلبهم من الأطفال سقطوا تحت هجوم كيميائي كثيف من طائرات ألقت كل ما تحمله من سموم عليهم، فإن روسيا تأتي لتنفي أن طائرات النظام من قام بذلك، وتستخدم حق الفيتو لمنع أي قرار أممي ضد نظام الأسد، وهذا ما يجعل المجتمع الدولي عاجزاً عن التقدم أو فعل أي شيء تجاه الشعب السوري منذ سنوات، وكلما قام النظام بالتصعيد ركن إلى «الصديق» والحليف الذي يدافع عنه، وكأنه يدافع عن حمل وديع، وهو بذلك يرسل رسالة «تشجيع» - بقصد أو دون قصد - لأن يواصل النظام ما يفعله، فليس من حسيب ولا من عقاب شديد!.
كل التصريحات السياسية من الدول العربية ودول العالم منذ يوم أمس إلى اليوم لا تساوي صرخة طفل سوري، وهو يلفظ أنفاسه بعد مجزرة «خان شيخون»، لقد صعقنا لمشاهد الأطفال، وهم يموتون أمام الكاميرات، والرجال والنساء كانوا ممددين على الأرض بين من أسلم روحه ومن ينازع الموت، صرخات مكبوتة وأعين شاخصة! ما يحدث في سوريا منذ سنوات والعالم يتفرج، وما حدث هذا الأسبوع في خان شيخون لا يدل إلا على شيء واحد، وهو أن هذا العالم بدأ يفقد إنسانيته، وأن الجنس البشري أصبح عاجزاً عن الدفاع عن نفسه.
وأنا أرى تلك المشاهد تساءلت: كم مجزرة مشابهة وقعت في سوريا قبل هذه ولم تكن كاميرات التصوير فيها حاضرة، وكم من أطفال ماتوا جوعاً وحرقاً في سوريا ولَم يعرف عنهم العالم! فبين مطرقة نظام لا يعرف الرحمة، وسندان إرهابيين لا يعرفون إلا الموت لغة وفعلاً، وقع هذا الشعب الذي كان كل حلمه أن يعيش مستقبلاً أفضل في بلد يستفيد من خيراته، ويكون للأجيال القادمة فيه أمل في الحياة.
ما الهدف من استخدام غاز «السارين» ضد المدنيين والأطفال غير السعي إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا وإحداث أكبر ضرر ممكن، وما يدل على وحشية من نفذ هذه المجزرة هو أنه لم يكتف بذلك، بل سعى لمهاجمة المستشفيات والمسعفين، وهذا ما يتكرر بعد كل مجزرة، والنظام السوري يتحمل مسؤولية هذه المجزرة، وإذا لم يكن هو من ارتكبها كما يدعي وتدعي روسيا، فالمسؤولية تقع عليه لأنه يفترض أنه الذي يحمي شعبه ومواطنيه!
بحسب مفوض الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، فإن هجوم خان شيخون في إدلب هو الأكبر من نوعه في سوريا، وأعطانا المفوض هذه المعلومة دون أن يعطي الحل لمنع هجوم أكبر قد يحدث في المستقبل، فالكل يدلي بدلوه، بين محلل أو مُدين حتى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أدلى بدلوه، وندد بالمجزرة، وكأنه نسي ما اقترفت يداه! الكل يتكلم عن سوريا، لكن السوريين يموتون! فحتى متى يستمر هذا الحال؟ ومتى يستفيق ضمير العالم حتى لا نرى تلك المشاهد من جديد؟
* نقلا عن الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة