المصداقية هي التحدي الآخر الذي يواجه الإعلام في عالمنا المعاصر بعد أن أصبحت العديد من وسائل الإعلام لا تلتزم بمعايير العمل الإعلامي.
شرفت، أمس الثلاثاء، بالمشاركة في "الملتقى الإعلامي للمخاطر والتهديدات 2018" في دورته الثانية الذي نظمته "الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث"، تحت شعار "المنظومة الإعلامية في مواجهة المخاطر"، بمشاركة نخبة من كبار المسؤولين والخبراء والمتخصصين في مجال الإعلام وإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث والاتصال الحكومي، الذي تناول العديد من التحديات التي تواجه إعلامنا الوطني في الوقت الراهن، وكيف يمكن تطوير الرسالة الإعلامية بالشكل الذي تصل إلى المتلقي بكل سهولة ويسر ومباشرة، وخاصة في أوقات الأزمات التي تنتشر فيها الشائعات والأكاذيب.
الطريقة التي تعاملت بها بعض وسائل الإعلام التركية، ومعها الجزيرة القطرية والإخوانية، وحتى بعض وسائل الإعلام الدولية، كصحيفة "واشنطن بوست"، تشير بوضوح إلى أن إحدى الإشكاليات الرئيسية التي تواجه الإعلام في وقتنا الراهن تتعلق بغياب المصداقية والموضوعية، والسقوط في فخ "الكذب الإعلامي"
لا شك أن صناعة الإعلام شهدت في الآونة الأخيرة تطورات غير مسبوقة، أفرزت تحديات ضخمة للإعلام الوطني ليس فقط على صعيد مواكبة التطور التقني والتكنولوجي المتسارع في مجال العمل الإعلامي، وإنما أيضاً على صعيد رسالة الإعلام ومنهجه في التعامل مع هذه التطورات، ومدى قدرته على الاستمرار في القيام بدوره الذي يحافظ على الهوية الوطنية لدولة الإمارات وصونها من التأثيرات الثقافية والتصدي للحملات الإعلامية المغرضة التي تستهدف الإمارات، والتشكيك في مواقفها، في وقت تنامى فيه تأثير الإعلام عن ذي قبل، وأصبح أحد أهم أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للدول في إطار ما يطلق عليه "الحرب النفسية والدعائية".
المصداقية هي التحدي الآخر الذي يواجه الإعلام في عالمنا المعاصر بعد أن أصبحت العديد من وسائل الإعلام لا تلتزم بمعايير وأخلاقيات العمل الإعلامي، وتلجأ إلى نشر الشائعات والأكاذيب التي تثير الفتنة وتستهدف التحريض على الدول، ولعل المتتبع لأزمة اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي منذ بداياتها وحتى الآن، يدرك بوضوح خطورة الدور الذي يلعبه الإعلام في إدارة الأزمات، كإعلام تنظيم الحمدين، والإعلام التركي وما يرتبط بهما من أبواق إعلامية إخوانية، حاولت تسييس هذه الأزمة، وتوظيفها في التحريض ضد المملكة العربية السعودية، والتأثير في مواقف الدول والمنظمات تجاه هذه الأزمة، فقد تعمدت قناة الجزيرة وأخواتها التغاضي عن أقل أبجديات العمل الإعلامي، ألا وهي تدقيق المصادر وتحري المعلومة وتأمين مصادر محايدة مستقلة وموثوق بشأنها، وسارعت بل وتعمدت إلى نشر أخبار كاذبة، في إطار سعيها إلى "السبق الإعلامي"، ومن هذه الروايات الكاذبة، ما أوردته صحيفة "صباح" التركية، والتي نقلته عنها قناة الجزيرة القطرية وبعض وسائل الإعلام الإخوانية، من أن ساعة "آبل ووتش" التي كان يرتديها خاشقجي سجلت مقاطع صوتية للحظات التحقيق معه وتعذيبه وقتله وتقطيعه داخل القنصلية السعودية، وأرسلتها إلى هاتفه الجوال الذي كان بحوزة خطيبته "المزعومة"، التي كانت تنتظره خارج القنصلية، هذه الرواية كذبها خبراء من شركة أبل، وأكدوا استحالة قيام الساعة بذلك، لأسباب فنية وتقنية متعددة، وكان جديراً بالصحيفة والقناة أن تقدم اعتذارها للمشاهدين أو تبرز هذا الرأي الفني المتخصص من باب الموضوعية، إلا أنهما للأسف تجاهلا ذلك، ويواصلان مسلسل الأكاذيب ونشر الأخبار المفبركة في محاولة للتأثير على نتائج التحقيق الجاري في هذه القضية.
الطريقة التي تعاملت بها بعض وسائل الإعلام التركية، ومعها الجزيرة القطرية والإخوانية، وحتى بعض وسائل الإعلام الدولية، كصحيفة "واشنطن بوست"، تشير بوضوح إلى أن إحدى الإشكاليات الرئيسية التي تواجه الإعلام في وقتنا الراهن تتعلق بغياب المصداقية والموضوعية، والسقوط في فخ "الكذب الإعلامي"، والاعتماد على تسريبات من مصادر "مجهلة"، كمصادر للأخبار التي تنشرها، متجاوزة في ذلك قواعد وأصول العمل الإعلامي، التي تنحاز دوماً للحقيقة على حساب أية اعتبارات أخرى، لكن مع أزمة خاشقجي فإن العديد من وسائل الإعلام تنافست فيما بينها حول من يأتي بالأخبار المتعلقة بها أولاً، وبغض النظر عن مدى صحتها ومصداقيتها.
التحدي الذي يواجهنا هو وصول الرسالة الإعلامية إلى الرأي العام العالمي، من أجل ضمان وصول الصوت السعودي والإماراتي إلى العالم أجمع، خاصة في ظل استمرار الحملات الإعلامية المغرضة التي تستهدف العديد من دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية والإمارات، للتشكيك في مواقفهما وما يقومان به من جهود داعمة للأمن والاستقرار في المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة