مقابر جماعية وأشلاء بشرية.. سنوات الإرهاب في مالي تبوح بفظائعها
نحو 60 جثة في كيدال المالية، بعضها تكدس في مقابر جماعية، في حين تناثر البعض الآخر في شكل أشلاء بشرية توزعت بين جذوع الأشجار وأغصانها.
هكذا بدا المشهد في أبيبارة بمنطقة كيدال شمالي مالي، إذ تم العثور على نحو 60 جثة لا يعرف حتى الآن كيف قضوا، لكن مراقبين يؤكدون أنهم حصيلة الإرهاب بالمنطقة.
وعلاوة على الاشتباكات المتقطعة التي تندلع بين الحين والآخر بين الجيش ومجموعات متشددة لا تزال تتمركز في بعض جيوبها، رجحت مصادر محلية أن تكون الجثث التي عثر عليها لمدنيين قضوا «انتقاما».
وأوضحت المصادر أن الإرهابيين غالبا ما يقتلون كل من يشككون في تعاونه مع الجيش حتى بتقديم المعلومات عنهم، ثم يكدسون جثثهم في مقابر جماعية أو يرمون أشلاءها في الأدغال القريبة بين الأشجار المتشابكة، لتكون -حسب رأيهم- عبرة لباقي السكان.
وبحسب شهود محليين، جرى العثور على الجثث داخل دائرة نصف قطرها نحو 40 كيلومترا حول أبيباران في شمال شرقي مالي، وتحديدا في قرى أغلي، وأمجلال، وهيدغوس، وأكوماس، وأوزن.
ومؤخرا، اندلعت اشتباكات ضارية بالمناطق المذكورة، إذ أكدت مصادر لإذاعة فرنسا الدولية أن الجيش المالي نفذ بالأسبوعين الماضيين عملية واسعة النطاق لتعقب الإرهابيين.
وتدفقت قوافل الجنود من كيدال وتيساليت واستقرت في إيماسواقاسان، على بعد 4 كيلومترات من أبيبارا، لكنها واجهت اشتباكات مع إرهابيين ومتمردين.
ويبدو أن الجثث المدفونة في المقابر الجماعية أو الملقاة بين الأدغال، كانت حصيلة لانتقام هؤلاء الإرهابيين ممن يعتقدون أن وصول الجيش لمخابئهم يؤكد وجود وشاة من السكان.
ولم يكتف هؤلاء بالانتقام من السكان «موضع الشك»، لكنهم دمروا أيضا نقاط المياه وتسميم نقاط أخرى، ما أدى إلى نفوق الماشية وحرمان الأسر من وسائل عيشها.
وفي تصريح لإعلام فرنسي، قال مصدر أمني متحدثا عن المقابر الجماعية، مفضلا عدم كشف هويته، إن «هذه الحفر موجودة منذ زمن طويل، ولا تقتصر على هذا المكان، إنها موجودة في أماكن كثيرة».
سنوات الإرهاب
رغم طرد الإرهابيين في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 من معقلهم في كيدال من قبل الجيش النظامي، فإن مجموعات كثيرة استطاعت المحافظة على جيوب بالمنطقة، تحولت بمرور الوقت إلى نقاط إسناد ومن ثمة انطلاق لشن الهجمات.
وفي تلك المنطقة التي يتقاطع فيها الانفصاليون المطالبون باستقلال الشمال المالي والإرهابيون، تراءت لفترة مؤشرات هدوء لم تصمد طويلا أمام الأزمة الأمنية والسياسية المندلعة منذ 2012.
ففي ظل الاضطرابات المستمرة منذ أكثر من عقد، شهدت المنطقة فظاعات ارتكبها الإرهابيون ممن حاولوا فرض سيطرتهم لتقليص تنامي قوة المتمردين والمطالبين بالانفصال.
ورغم توقيع اتفاق سلام بين الحكومة المركزية والمجموعات المسلحة في 2015، فإن الوثيقة لم تصمد طويلا، لتجد المنطقة نفسها مجددا في أتون الهجمات والاشتباكات.
وباستيلاء المجلس العسكري على الحكم العام الماضي، استأنفت الأعمال العدائية، وعادت الجثث المتناثرة، لتصبح من يوميات السكان في منطقة لم تهدأ وتيرة العنف والإرهاب فيها إلا لتتجدد بشكل أكثر فظاعة.
aXA6IDE4LjExNy45OS4xOTIg جزيرة ام اند امز