أثار إعلان الرئيس الأمريكي بايدن مقتل أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، بمسيّرة أمريكية في منزله بالعاصمة الأفغانية، تساؤلات عن توقيت العملية ونتائجها ومكتسباتها أمريكيا، داخليا وخارجيا.
استطاعت إدارة بايدن تحقيق مكتسب داخلي كبير عبر استهداف "الظواهري" في ضربة كبيرة للتنظيم الإرهابي، تعد الأقوى بعد مقتل أسامة بن لادن، مؤسس التنظيم، عام 2011، خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ما سيسهم في رفع شعبية "بايدن" وحزبه الديمقراطي مع اقتراب الانتخابات النصفية المقبلة للكونجرس في نوفمبر المقبل، خصوصا أن التوقيت يتزامن أيضا مع ذكرى أحداث 11 سبتمبر، ما يعني تحقيق العدالة لأسر الضحايا، وينعكس بشكل إيجابي على مزاج الناخب الأمريكي، المستاء من الأخطاء الاستراتيجية للحزب الديمقراطي منذ تولي "بايدن" السلطة.
أما خارجيا، فقد حمل استهداف "الظواهري" مكتسبات، أبرزها تأكيد قوة الولايات المتحدة، وأنها لم تتراجع في دورها المحوري الدولي وتأثيرها في الملفات السياسية كافة، خصوصًا بعد الانسحاب من أفغانستان بشكل دراماتيكي، وفي ظل تداعيات الأزمة الأوكرانية، كما أنها تريد تأكيد استمرار استراتيجية الحرب على الإرهاب دون وجود قوات فعلية على الأرض عبر تصفية قادة التنظيمات الإرهابية، علاوة على أنها رسالة واضحة بأنها لن تسمح بتحول أفغانستان إلى ملاذ للتنظيمات الإرهابية.
يمر تنظيم القاعدة الإرهابي بأسوأ مراحله منذ ظهوره في عقد التسعينيات من القرن الماضي، ويأتي مقتل "الظواهري" ليزيد من انحسار وتراجع تأثير التنظيم، الذي فقد عددًا غير بسيط من قادته جراء المطاردة الدولية، كما تراجع دعم القوى الظلامية لعمليات التنظيم المسلحة، بسبب السياسات الدولية والإقليمية، التي تنبذ الإرهاب والتطرف، والتحالفات الدولية التي شُكّلت لمحاربة الإرهاب، ما سيدفع قادة التنظيم الأم إلى التخفي في مناطق نفوذ التنظيم بالساحل الأفريقي والصومال واليمن.
يشار إلى أن المليشيات المسلحة في سوريا تستوحي أيديولوجيتها من تنظيم "القاعدة"، وأن مقتل "الظواهري" يعد ضربة معنوية لها، لكنها لن تؤثر فيها بشكل مباشر، لأنها مستقلة تنظيميا وماليا عن التنظيم الأم.
بدورها حكومة أفغانستان، التي تمثل حركة طالبان، أصدرت بيانًا يدين العملية، دون الإشارة إلى مقتل "الظواهري"، ولا أعتقد أن يكون هناك ردة فعل من الحركة غير بيانات الاستنكار، في ظل حاجتها إلى الاعتراف الدولي بها.
إدارة "بايدن" حققت مكسبًا استراتيجيًّا في مجال مكافحة الإرهاب بعملية قتل "الظواهري" قبل حلول عام على الانسحاب الأمريكي الدراماتيكي من أفغانستان، لكن في الوقت نفسه لن تُنهي العملية مخاطر تنامي أنشطة التنظيمات الإرهابية، في ضوء اعتماد الولايات المتحدة على الطائرات المسيّرة فقط، ولا يمكن تجاهل أن "الظواهري" وُجد على مسافة قصيرة من السفارة الأمريكية المهجورة في كابول، كما أن الاستهداف يطرح تساؤلا حول عدم قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ العملية طوال 20 سنة كانت فيها القوات الأمريكية موجودة في أفغانستان، بينما نجحت في استهدافه في أقل من عام على الانسحاب، فهل نجاح الولايات المتحدة في الوصول إلى هذا الصيد الثمين جاء بعملية اختراق لمن يحكمون الأرض الأفغانية؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة