كيم جونج أون لا يترك فرصة.. كارثة "كوفيد" وسيلة للدعاية
على مدار حوالي شهر، صارعت كوريا الشمالية للسيطرة على تفشي "كوفيد-19" الذي وصفته بأحد أكبر الأزمات في تاريخ البلاد.
وافترض خبراء الطب أن الآلاف قد يموتون، وطرح بعض المراقبين احتمالية أن يسفر الأمر عن زعزعة استقرار النظام.
وبالرغم من التهديد الجسيم الذي يشكله "كوفيد-19" على الملايين في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن التفشي منح بيونج يانج أيضًا فرصة ذهبية لتعزيز الدعاية للنظام، بحسب موقع "إن كيه نيوز" المتخصص في الشأن الكوري الشمالي.
وعرضت وسائل الإعلام الحكومية تغطية شاملة لجهود مكافحة الوباء منذ الإعلان لأول مرة عن التفشي في 12 مايو/آيار، بينما رسمت صورة دراماتيكية لكيف تساعد قيادة كيم جونج أون الناس في التغلب على المصاعب.
وأدى قرار الزعيم لحشد الجيش لمكافحة انتشار الفيروس وتوزيع الأدوية، بحسب وسائل الإعلام الحكومية، ويقال إن كيم نفسه أظهر تضحية أبوية بالتبرع بأدويته الخاصة للعائلات "العصيبة".
وكانت النتيجة أن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تزعم الآن أنها تفوز في المعركة ضد الفيروس، مما يدل على تفاؤل مع الإبلاغ عن تراجع حالات "الحمى" ومعدل الوفيات المنخفض بشكل مستحيل.
وقال الخبير في شؤون كوريا الشمالية، هونغ مين، من معهد كوريا للتوحيد الوطني: "يبدو أن أولوية الدعاية المرتبطة بكوفيد-19 منذ الإبلاغ عن التفشي كانت التأكيد على مدى سرعة ومرونة وحكمة القيادة في الاستجابة للأزمة"، مشيرًا إلى غلبة القصص "الخاصة" بوسائل الإعلام الحكومية التي تأتي في صورة سلسلة بدلًا من التقارير القصيرة العادية.
وأضاف مين أن الهدف الثانوي على الأرجح كان إظهار كيفية توجيه كيم للمسؤولين بطريقة منظمة، مثل عقد اجتماعات المكتب السياسي لتوبيخ أولئك ممن فشلوا في نطاق مسؤوليتهم.
وتابع: "كل التفاصيل الصغيرة المرتبطة بقرارات كيم جونج أون والأنشطة المرتبطة بالتدابير المضادة لكوفيد-19 يتم إعادة تدويرها ونشرها كقصص (مؤثرة) بأشكال متنوعة، لجعلها تبدو وكأنها وجهة نظر الناس العاديين."
وأشار مين إلى زيارة كيم جونج أون إلى صيدلية وهو يرتدي كمامتين كمثال على جهود الدعاية لتسليط الضوء على سياسة "الشعب أولًا" التي ينتهجها الزعيم.
وفي الوقت نفسه، حرصت وسائل الإعلام التابعة للدولة على أن تعزي الأزمة نفسها إلى المسؤولين العاجزين أو أسباب خارجية، وليس الزعيم نفسه، بحسب بيتر وارد، الخبير في الاقتصاد الكوري الشمالي.
وقال خبراء إن نهج كوريا الشمالية في تغطية تفشي كوفيد أظهر تناقضا مع نهج والده، وسلفه كيم جونج إيل.
واتفق هونج على أن الدعاية في عهد كيم جونج أون تغيرت، معتبرا أنها تؤكد الآن على مزيد من التواصل الوثيق بين القائد والشعب.
وكانت أبرز سمة في التغطية الإعلامية لكوفيد-19 نشر البيانات المتعلقة بالحالات المشتبه في إصابتها بالمرض أو المتعافين يوميا، لكن رأى خبراء أنه يجب قراءة تلك الأرقام في سياق الدعاية واسعة النطاق وليس بيانات "خالصة".
وقال خبراء طبيون لـ"إن كيه نيوز" إن حصيلة الوفيات الرسمية، 71 شخصا فقط، لا تعكس الإجمالي الحقيقي، حيث أضاف طبيب منشق أن المسؤولين على الأرجح يعزون سبب الوفاة إلى عوامل أخرى بسبب الضغوط السياسية.