العاهل الأردني من البناء للتطوير .. رحلة العبور بين مئويتين
يحتفل الأردنيون، الأحد، بمئوية تأسيس بلادهم بمشاعر ملؤها الحب والامتنان والتقدير لقائد العبور بين المئويتين.
وتولى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم عام 1999، ليقود بلاده نحو 22 عاما في ختام مئويتها الأولى، التي وصفها بأنها مئوية البناء.
ويعبر العاهل الأردني ببلاده هذه الأيام نحو المئوية الثانية، التي وصفها إنها "ستكون مئوية التعزيز والتطوير والإنجاز".
رؤية 2025.. عقد العبور
مئوية جديدة تستهل سنواتها الأولى باستكمال تطبيق رؤية الأردن 2025، التي تم إطلاقها قبل 5 سنوات، لتكون بمثابة عقد العبور بين المئويتين.
ووفق التوجيهات الملكية تم إعداد رؤية الأردن 2025، لترسم طريقا للمستقبل وتحدد الإطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع.
ومن مبادئها الأساسية تعزيز سيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وزيادة التشاركية في صياغة السياسات، وتحقيق الاستدامة المالية وتقوية المؤسسات. ولكي يتحقق ذلك، لا بد من رفع مستوى البنية التحتية، ورفع سوية التعليم والصحة، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في العملية التنموية.
مبادرات ملكية بالمئوية الأولى
وفي أعقاب تولي العاهل الأردني مقاليد الحكم عام 1999، أطلق مبادرات عدة في مختلف المجالات، لتحقيق رؤيته، التي تندرج ضمن عدة محاور رئيسية، وتسعى إلى تحقيق التنمية بمفهومها الشمولي والمستدام سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فضلاً عن بيان صورة الإسلام الحقيقية والسعي لتحقيق السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط.
وقد جاءت هذه المبادرات لتشمل قطاعات مختلفة منها: الصحة، والتعليم، والشباب، ورعاية المقدسات، والتنمية الاجتماعية، والمشاريع الإنتاجية.
وحدّد محاور عدّة لتحقيق هذه الرؤية، منها: تحرير الاقتصاد وتحديثه، وتحسين مستوى معيشة جميع الأردنيين، ويشمل ذلك تخفيض عبء المديونية، وتقليص عجز الموازنة، وتبنّي سياسة اقتصادية تحررية، والاندماج في الاقتصاد العالمي، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية، ومحاربة مشكلتي البطالة والفقر.
وتنطلق رؤية الملك لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، من تبنّي مَواطن القوة في المجتمع، على أساس الالتزام بالقيم، والبناء على الإنجازات، والسعي نحو الفرص المتاحة، لأن تحقيق التنمية الشاملة وبناء اقتصاد قوي يعتمدان على الموارد البشرية، المتسلحة بالعلم والتدريب، والتي ستمكّن من تجاوز التحديات والمعيقات بهمّة وعزيمة وبالعمل الجاد المخلص لتحقيق الطموحات.
واستناداً إلى هذه الرؤية، أطلق سلسلة من الخطط والبرامج، والمبادرات لبناء مجتمع مدني عصري تسوده روح العدالة، والمساواة، وتكافؤ الفرص، واحترام حقوق الإنسان، سِمَتُه المشاركة والإسهام في البناء، وغاياته أن يكون نموذجاً متقدماً وقيادياً في المنطقة.
أبرز تلك المبادرات، كان إطلاق صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، الذي أنشئ في عام 2001 بوصفه منظمةً غير حكومية، تهدف لتحقيق التنمية في محافظات المملكة، عبر إقامة مشاريع تنمويّة واجتماعيّة وتعليميّة، تهدف إلى توزيع مكتسبات التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة المواطن، من خلال الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
أيضا تم تأسيس المركز الأردني للتصميم والتطوير، بإرادة ملَكية، في 24 أغسطس/ آب 1999، ليكون مؤسسة عسكرية/ مدنية مستقلّة تعمل تحت مظلة القوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي، وتُعنى بالبحث والتطوير بهدف توفير حلول مُثلى في المجالات الدفاعية محلياً وإقليمياً وعالمياً، وتسهم في توفير قدرات وطنية ترفـد القوات المسلحة الأردنية بالتكنولوجيا العسكرية الرفيعة، لتشكّل قاعدة صناعية متطورة في الأردن.
كما تأسس مركز الملك عبدالله الثاني للتميز في يناير /كانون الثاني 2006 بهدف نشر ثقافة التميز، وليكون مرجعية وطنية لتحديد تنافسية الأردن، من خلال تبني أفضل الممارسات ووضعها ضمن معايير الجوائز التي يطلقها ويطبقها في جميع القطاعات.
والمركز هو المرجعية الوطنية الموكل لها قياس مستوى التميّز وجودة الأداء لدى المؤسسات العامة، واتحادات وروابط الأعمال الخاصة، والشركات، وموفري الخدمات التعليمية، والمؤسسات غير الحكومية. وهو يقيس قدراتها وفعاليتها في تقديم الخدمات وإسهاماتها في تحقيق التنافسية للاقتصاد الأردني.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تأتي مبادرات العاهل الأردني في إطلاق منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ومناطق تنموية في كلّ من المفرق، وإربد، ومعان، والبحر الميت، ومجمع الأعمال في العاصمة عمان، ضمن سلسلة من المبادرات الرامية إلى تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، هدفها وأساسها تحسين معيشة الإنسان الأردني، لتكريس مبدأ التوزيع العادل لمكتسبات التنمية.
وبهدف تأمين حياة أفضل لجميع شرائح المجتمع الأردني، أطلق عدداً من المبادرات لتأمين السكن المناسب، وفي مقدمتها إسكان أبناء القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، وإسكان المعلمين، و"مشروع الملك عبدالله الثاني لإسكان الأسر العفيفة".
كما تجلّى دعم الملك للثقافة عندما أمر بإنشاء صندوق مستقل لدعم الحركة الثقافية والنشر والإبداع، ورفع مستوى الخدمة الثقافية، والحفاظ على الآثار والمعالم التاريخية وصيانتها، وإنشاء المتاحف، وحماية المخطوطات القديمة وترميمها.
وانطلاقاً من اهتمامه بالشباب، باعتباره ركيزةٌ أساسية لبناء الأردن الحديث، أطلق مجموعة من المبادرات الرامية إلى تعزيز دور الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بدءاً بالاستثمار في تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم، وحثّهم على التفكير والتحليل والإبداع والتميّز، مروراً بتوفير البيئة المناسبة لمشاركتهم في العمل والبناء، وانتهاء بتعزيز انتمائهم الوطني وممارسة دورهم الفاعل والجادّ في الحياة العامة.
كما أولى عناية خاصة لتوفير فرص العمل للأردنيين، والتركيز على مشروعات التدريب والتأهيل للحد من البطالة، وذلك ضمن جهوده لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فكان المجلسُ الوطني للتدريب المهني ثمرة اهتمامه بهذا المجال.
طموحات المئوية الثانية
ويمضي العاهل الأردني قدُماً في مسيرة التقدم والتطور والازدهار نحو المئوية الثانية.
ووضع الملك عبدالله الثاني جملة من الطموحات والأهداف لتحقيقها في المئوية الجديدة.
وقال في تصريحات له بهذا الصدد: "ما أتمنى أن أراه في المئوية الثانية للدولة الأردنية، هو أن نحتفي بدولة تكبر بأبنائها وبناتها وتكبر أكثر بمنجزاتها، دولة ذات اقتصاد إنتاجي يعتمد على ذاته، وقوى بشرية مدربة ومؤهلة، وقطاع عام رشيق وحيوي يخدم مواطنيه، وقطاع خاص قوي وفاعل وشريك حقيقي لمؤسسات الدولة".
وتابع: "أحب أن أرى الأردن مستمرا في حمل رسالته الوطنية والعربية، جيشه ثابت على مبادئه الراسخة في الدفاع عن أرضه وعن قضايا أمته، يتمتع فيه الجميع بأرقى خدمات الصحة والتعليم والنقل، ويكون مضربا للمثل في تميزه، وكلي ثقة وتفاؤل وأمل، أن مئويتنا الثانية ستكون مئوية التعزيز والتطوير والإنجاز".
دعم دولي وشعبي
رؤية طموحة يمضي العاهل الأردني لتحقيقها مدعوما بتأييد شعبي ودولي ظهر جليا خلال أحداث الفتنة التي شهدتها بلاده خلال الأيام الماضية، وتوالت في أعقابها بيانات دولية تتوالى تؤكد تأييد قرارات الأردن وإجراءاته لحفظ أمنه واستقراره، ودعم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بشكل كامل.
وشهد الأردن أحداثا غير مسبوقة على مدار الأيام الماضية؛ في ظل الحديث عن مؤامرة تستهدف أمن واستقرار البلاد تورط فيها الأمير حمزة بن الحسين ولي العهد السابق الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني.
وأسدل الستار على الأزمة مساء الإثنين عندما أعلن الديوان الملكي توقيع الأمير حمزة على رسالة تنهي الإشكال غير المسبوق في الأسرة الحاكمة، وذلك بعد اجتماع أسري ضم الأمير الحسن والأمراء هاشم بن الحسين، وطلال بن محمد، وغازي بن محمد، وراشد بن الحسن إضافة للأمير حمزة نفسه.
ويبرز الدعم الدولي والشعبي المكانة العالية للعاهل الأردني في العالم، والثقة فيها لإكمال سجله الحافل بالإنجازات، الذي يتوج مسيرة عطائه لبلاده وأمته.