ملك البحرين.. مسيرة قائد تتوج احتفالات وطن
يحتفل الشعب البحريني، السبت، بالذكرى 24 لتولي ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم، وسط امتنان وتقدير لقائد مسيرة التنمية.
احتفال بمناسبة غالية على قلوب أهل البحرين الذين يحتفلون بأعيادهم الوطنية يومي 16 و17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، إحياء لذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح؛ دولة عربية مسلمة عام 1783، والذكرى الـ52 لانضمامها للأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، إضافة إلى الذكرى الـ24 لتسلم عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم.
وبتلك المناسبة، أكد عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن مملكة البحرين تحتفل بأعيادها الوطنية "وهي ولله الحمد تزهو بإنجازات كبيرة تحققت بسواعد أبنائها في كل مجال، وهنأ أبناء البحرين بهذه المناسبة الوطنية".
هدايا ملكية
مناسبات وطنية غالية، أضفت مراسيم ملكية عدة أجواء إضافية من الفرحة بها، حيث أصدر عاهل البلاد مرسوما ملكيا، بالعفو الخاص والإفراج عن 168 نزيلا محكومين في قضايا مختلفة، بعد أن قضوا فترة من العقوبات الصادرة بحقهم.
أيضا، وتنفيذاً للتوجيهات الملكية وبمناسبة احتفالات مملكة البحرين بأعيادها الوطنية، أمر الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس الوزراء المباشرة في توزيع 6800 خدمة إسكانية، كما أمر بالشروع في تسليم الوحدات الإسكانية الجاهزة على المستفيدين منها بدءاً من 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مما يضاعف فرحة المواطنين واحتفالهم بهذه المناسبة.
وتحل الذكرى في وقت يجني فيها الشعب البحريني ثمار الإنجازات الاستثنائية التي تحققها بلادهم في مختلف المجالات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
على الصعيد الداخلي، تأتي تلك الذكرى بعد نحو شهرين من افتتاح عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب .
وأعرب في كلمة بتلك المناسبة التطلع إلى "دورة عمل مثمرة على درب الارتقاء والرخاء لمسيرتنا الوطنية المباركة والمتجهة بكل ثقة وثبات نحو المزيد من التحسين والتطوير والازدهار".
وأثنى على جهود السلطة التنفيذية وحرصها اللافت للحفاظ على أعلى مستويات التعاون مع السلطة التشريعية، في تعاون مثمر وبنّاء يضع نصب العين مصلحة الوطن والمواطنين.
وأشاد بالمساعي الحكومية المخلصة، بقيادة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، لترجمة التطلعات الوطنية بنهج تشاركي، للحفاظ على ريادة البحرين التنموية، وعلى مكانتها الرفيعة كمنبر للتقارب الفكري والحضاري بين الأديان والثقافات، وكوجهة تمتاز بتراثها وطابعها العمراني العريق لمدنها وضواحيها.
علاقات وتحالفات
على الصعيد الدولي، تأتي تلك الذكرى بعد أيام من مشاركة عاهل البحرين في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري في القمة الخليجية الـ44 في العاصمة القطرية الدوحة، التي وصلها قادما من الإمارات في ختام زيارة استمرت نحو أسبوع، شارك خلالها في قمة المناخ "COP28"، واحتفالات الإمارات بعيد الاتحاد 52، في دلالة على العلاقات الأخوية القوية التي تربط بلاده بالإمارات، التي تحتل لديه مكانة خاصة.
مشاركات وزيارات تترجم رؤية عاهل البحرين الذي سبق وأن أكد عليها في كلمة سابقة قال فيها "من واقع أن عالمنا لا يستمع إلا لصوت التحالفات القوية والمؤثرة في مسيرة التقدم الحضاري، تتواصل مساعينا في توثيق علاقات التقارب والتكامل وتنسيق المواقف على قاعدة راسخة من الانسجام والتشاور والتعاون الأخوي، تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وضمن رابطة الجامعة العربية، وهو أمر لم ولن نتوقف يومًا عن دعمه، وخدمة مصالحه، تحقيقًا لتطلعاته من أجل خير ورفعة دول وشعوب المنطقة".
ومنذ توليه الحكم شهدت البحرين في عهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة نقلة نوعية ومنعطفا تاريخيا مهما، بإعلانه الإصلاحات الدستورية والميثاق الوطني عام 2001، الذي عادت من خلاله الحياة البرلمانية والديمقراطية إلى المملكة.
كما استطاعت البلاد أن تؤسس بنية اقتصادية حديثة ومتنوعة عززت مكانتها مركزا تجاريا وماليا وسياحيا رئيسيا في المنطقة.
قيم نبيلة
ورغم توليه مقاليد الحكم يوم وفاة والده الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، في 6 مارس/آذار 1999، إلا أن ملك البحرين آثر استمرار احتفال البلاد بعيدها الوطني يوم 16 ديسمبر/كانون الأول الذي يصادف تولي والده السلطة عام 1961، ليؤرخ بالتاريخ نفسه ذكرى عيد الجلوس.
وكانت البحرين شهدت في عهد حاكمها السابق الاستقلال عن بريطانيا في 15 أغسطس/آب عام 1971.
وعقب هذا التاريخ تم تأخير الاحتفال بالعيد الوطني ودمجه مع ذكرى تولي الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مقاليد الحكم، وهو ما حافظت عليه المملكة حتى اليوم.
وتعد ذكرى عيد الجلوس واليوم الوطني إلى جانب كونها مناسبة وطنية مهمة، فإنها تحمل دروساً خالدة وقيم نبيلة في الوفاء، كما تعد فرصة يعبر فيها أهل البحرين عن مشاعر الفخر والامتنان والتقدير لقائد نهضة بلادهم على مدار 24 عاما.
مسيرة حافلة
والملك حمد بن عيسى آل خليفة هو الابن الأكبر بين إخوته؛ حيث ولد في مدينة الرفاع 28 يناير/كانون الثاني 1950، والتحق بالمدرسة الابتدائية في السادسة من عمره.
ومع انتهاء دراسته المتوسطة سنة 1964 بتفوق، أعلن رسميا توليه ولاية العهد، يوم 27 يونيو/حزيران من العام نفسه، وهو في الرابعة عشرة من عمره، وذلك بعد 3 سنوات من تولي والده مقاليد الحكم في 16 ديسمبر/كانون الأول 1961.
ثم التحق بالدراسة الثانوية في مدرسة ليز بمدينة كمبردج بإنجلترا، وبعدها التحق في 14 سبتمبر/أيلول 1967 في كلية مونز الحربية للضباط في مدينة درشوت همبشارير وتخرج فيها يوم 14 فبراير/ شباط 1968.
وبعد عودته إلى البحرين، قام بوضع خطة لإنشاء قوة دفاع البحرين التي تم تعزيزها ببراءة أميرية في مستهل شهر أغسطس/آب سنة 1968، وظل الملك متوليا منصب القائد العام لقوة دفاع البحرين منذ بداية تأسيسها وحتى توليه مقاليد الحكم عام 1999.
كذلك شغل منصب رئيس مديرية الدفاع وأصبح عضوا في مجلس الدولة الذي تم تأسيسه في 19 يناير/كانون الثاني 1970، وعقب استقلال البحرين في 15 أغسطس/آب 1971، وتشكيل مجلس الوزراء أصبح وزيراً للدفاع.
وفي 21 يونيو/حزيران 1972، التحق الملك حمد بمقره العسكري التدريبي بكلية القيادة ورئاسة الأركان في فورت ليفنوورث (كنساس) بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنح وسام الحرية لمدينة كنساس من قبل عمدة وشعب مدينة كنساس.
وخلال أوقات فراغه في ليفنويرث كان يتلقى مقرراً في المراسلات الخارجية للكلية الصناعية للقوات المسلحة في واشنطن، حيث نال شهادة الدبلوم الوطنية في الإدارة العسكرية، وذلك في 31 مايو/أيار 1972.
ويوم 26 يونيو/حزيران 1972 حصل على شهادة الشرف العسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية وذلك تقديراً لما أنجزه في الشؤون العسكرية منذ عام 1968، ونتيجة ذلك تم وضع اسمه ضمن الأسماء المدرجة في لوحة الشرف للضباط في الجامعة.
بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية انهمك بشكل جاد في العمل على دفع عجلة التطور والتوسع في بلاده بصورة عامة وفي قوة دفاع البحرين بصورة خاصة.
وجرى تعيينه في 26 يونيو/حزيران 1974، نائبا لرئيس مجلس عائلة آل خليفة بعد مرسوم أميري صدر في هذا السياق، كما تم تعيينه رئيسا للمجلس الأعلى للشباب والرياضة في عام 1975.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1977، بدأ تدريبه على طائرات الهليكوبتر، وقد تخرج طيارا يتمتع بكفاءة تامة في قيادتها، وذلك في 14 يناير/كانون الثاني 1978.
ومنذ ذلك الحين، سار قدماً في إنشاء جناح الدفاع الجوي لقوة دفاع البحرين.
وحتى اليوم، يحرص ملك البحرين على ممارسة هواية الطيران، وقبل شهر قام الملك حمد بن عيسى آل خليفة بمزاولة التدريب على الطيران مع الكابتن صلاح السعيدي، وذلك جريًا على عادته في استغلال إجازة نهاية الأسبوع في الهوايات المفيدة، حيث إن الطيران من الهوايات المحببة لديه، وتشجيعًا منه لمحبي هواية الطيران.
تولى الحكم
بعدما قضى 35 عاما وليا لعهد البلاد تقلد فيها كثير من المناصب واكتسب كثيرا من الخبرات، تولى الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة الحكم أميراً للبحرين (حيث كانت البلاد ما زالت إمارة) يوم السبت 6 مارس/آذار 1999م، في نفس يوم وفاة والده.
وفي 9 مارس/آذار 1999م، أصدر مرسوماً أميرياً يقضي بتعيين ابنه الأكبر الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولياً للعهد.
وبعد نحو عام من توليه الحكم، أصدر الملك حمد قرارا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2000 بتشكيل لجنة وطنية لإعداد ميثاق العمل الوطني، وقد تسلم مشروع الميثاق في الشهر التالي، وتم طرحه على الاستفتاء في 14 و15 فبراير/شباط 2001، ووافق عليه 98.4% من المواطنين.
ومشروع ميثاق العمل الوطني في البحرين يُعد وثيقة تاريخية، احتوت على مبادئ عامة وأفكار رئيسية، الهدف منها إحداث تغييرات جذرية في منهج العمل والأداء.
المشروع الإصلاحي
ومثّل هذا الميثاق قاعدة انطلق منها المشروع الإصلاحي الذي أطلقه ملك البحرين، وشمل إحداث تغييرات جذرية في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تم بموجبه إعادة إحياء الحياة السياسية والديمقراطية في البحرين بعد أن توقفت عام 1975.
وقد غدا الميثاق الوطني القاعدة الأساسية لجميع التغييرات السياسية التي شهدتها المملكة في عصرها الإصلاحي الشامل.
ففي الذكرى الأولى لتدشين ميثاق العمل الوطني، عُدل دستور البلاد في 14 فبراير/شباط 2002، وأعلن ملك البحرين في خطاب له تحول البلاد من إمارة إلى مملكة دستورية.
كما مهد الميثاق إلى إجراء انتخابات المجالس البلدية في مايو/ أيار من العام نفسه، ثم انتخاب أعضاء مجلس النواب في أكتوبر/تشرين الأول وانعقاد أولى جلساته في 2002 لتبدأ المسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين عهدا جديدا.
ولم تقتصر التغيرات الإيجابية التي شهدتها البحرين على تلك النواحي، بل اشتملت على تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية، الأمر الذي أهَّلها إلى دخول البرلمان.
البحرين 2030
وعلى الصعيد الاقتصادي، صادق الملك حمد بن عيسى آل خليفة على الرؤية الاقتصادية 2030 في أكتوبر/تشرين الأول 2008 التي رسمت ملامح واضحة للتطوير والنمو الاقتصادي بما يعكس جهود المملكة وحرصها على بناء حياةٍ أفضل لكافة أفرادها.
ومنذ إطلاق الرؤية، حرص مجلس التنمية الاقتصادية بمملكة البحرين على طرح العديد من البرامج والمبادرات التي تهدف لتحقيق الإصلاح الاقتصادي في المملكة، بالتنسيق والتعاون مع الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة ومؤسسات المجتمع المدني.
وتحتفل مملكة البحرين بأعيادها الوطنية وهي تتطلع للمستقبل بمزيد من التفاؤل والأمل، في ظل ما تشهده البلاد من إنجازات على مختلف الأصعدة بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
aXA6IDEzLjU5LjkyLjI0NyA=
جزيرة ام اند امز