معركة الأعلام تشعل صراع النفوذ "العرقي" في كركوك
قرار الأكراد بكركوك رفع العلم الكردي فوق الدوائر الحكومية وضع الصراع بين الكرد والتركمان والعرب بالمحافظة النفطية على صفيح ساخن
ما بين الاختلاt حول أيهم الأحق بالرفع فوق هامة محافظة كركوك، العلم العراقي أم الكردي أم التركماني تطل برأسها أشباح صراع يهدد بتفجير الوضع في المحافظة إلى صراع عرقي.
ففي 28 مارس/آذار المنصرم صوت مجلس محافظة كركوك على رفع علم كردستان على دوائر المحافظة والمباني الحكومية، إلى جانب العلم العراقي، وهو ما رفضه العرب والتركمان بالمحافظة.
فالبنسبة للعرب فإنه لا يحق رفع أية أعلام سوى العلم العراقي، في حين يرى التركمان أنه لا يحق للأكراد رفع علم كردستان، غير أنهم لا يمانعون في إمكانية رفع العلم التركماني؛ فرفض علم كردستان يأتي في إطار صراع تاريخي بين القوميتين الكردية والتركمانية حول السيادة على كركوك.
أما الأكراد فإنهم لا يؤيدون فقط رفع العلم الكردي بجانب العلم العراقي، ولكن يأملون في مرحلة مقبلة رفع العلم الكردي فقط ضمن مشروعهم ضم كركوك إلى إقليم كردستان الذي يدار بالحكم الذاتي، وإعلان الانفصال التام عن العراق.
وتجلى الصراع على الأعلام في تصريحات المكونات العرقية في كركوك، خاصة العربية والكردية والتركمانية باعتبارهم الأكثر عددا، كما ظهر في موقف البرلمان العراقي باعتباره من رموز السلطة المركزية للعراق.
فمن جانبه رفض آريز عبد الله، النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يرأسه رئيس العراق السابق، جلال طالباني، موقف التركمان من مسألة العلم، قائلا إن الجبهة التركمانية (تحالف من أحزاب تركمانية) ترفع علم تركيا في مقراتها، وفق ما نقله عنه موقع "السومرية نيوز" في 29 مارس/آذار.
ومضى في القول: "ما دخل تركيا في كركوك؟، وهذا تدخل في شؤون العراق الداخلية وهذا لا يحق لتركيا ولا لأي دولة أخرى".
ورد رئيس الجبهة التركمانية، أرشد الصالحي، اليوم الأحد، على تصريحات النائب الكردي بشأن العلم التركي واصفا إياها بـ"الكذبة المضحكة".
وقال الصالحي لموقع "عواجل برس" العراقي، إن "العلم المرفوع لدى الأحزاب السياسية التركمانية هو شعار اتفقت عليه جميع تلك الأحزاب، ولا يمت للعلم التركي بصلة، داعيا "جميع وسائل الإعلام إلى زيارات تلك المقرات للاطلاع عن كثب عن هذا الشعار".
وتتخذ الجبهة التركمانية العراقية علما يشبه العلم التركي في الهلال والنجمة التي يحيط بها، غير أنه يختلف عنه في أن العلم التركماني فيروزي اللون في حين العلم التركي أحمر.
وفي إطار صراع الأعلام قال قاسم قزانجي، مسؤول فرع كركوك للجبهة التركمانية العراقية، خلال اجتماع في 25 مارس/آذار الماضي، تعليقا على قرار محافظة كركوك رفع العلم الكردي إن المؤشرات الأخيرة سياسيا وميدانيا تشير إلى إقبال محافظة كركوك على "مرحلة خطيرة" في المستقبل.
وبحسب قزانجي فإنه "استنادا للدستور العراقي المادة (4) رابعا رخص للشعب التركماني ممارسة لغته القومية، ولكون الشعب التركماني ذات كثافة سكانية في محافظة كركوك، وحسب التعداد السكاني للمحافظة في عام (1957) يحق للشعب التركماني مداولة لغته ورفع العلم التركماني في كركوك على الدوائر، ولا يحق لأي جهة حزبية أو سياسية فرض أجندتها وأهدافها السياسية على الشعب التركماني ومكونات محافظة كركوك" .
وفي ختام الاجتماع دعا قزانجي ما وصفه بالشعب التركماني إلى رفع العلم التركماني على أسطح منازلهم، وفي محل عملهم في جميع أنحاء محافظة كركوك، بحسب ما نشره المكتب الإعلامي للجبهة التركمانية العراقية فرع كركوك.
وينسب التركمان أنفسهم لما يسمونه بـ"العالم التركي"، ويخصصون نافذة مخصوصة لأخبار تركيا في موقع الجبهة التركمانية على الإنترنت، ويتفقون مع تركيا في شأن رفض إقامة دولة كردية في شمال العراق.
فبمناسبة حلول عيد نوروز قدم رئيس الجبهة التركمانية، النائب أرشد الصالحي، في 22 مارس/آذار الماضي، التهنئة عبر شاشة فضائية "توركمن إيلي" إلى التركمان والعالم التركي أجمع بهذه المناسبة التي أكد أنها من الأعياد الموروثة لدى التركمان وشعوب العالم التركي، وفق ما نشره موقع الجبهة.
ويسمي التركمان كركوك "تركمن إيلي" أي أرض التركمان.
وقدم الصالحي شكره إلى وزارة الخارجية التركية على البيان الذي أصدرته ورفضت فيه رفع علم كردستان في كركوك.
ويدور صراع بين التركمان والأكراد منذ عشرات السنين حول من الأحق بكركوك؛ حيث يرى التركمان (وهم ينتمون إلى قبائل تركية موطنها الأصلي وسط آسيا) بأنهم السابقون على الكرد في استيطان كركوك قبل مئات الأعوام، والأكثر عددا بها، والأحق بالسيادة عليها.
في المقابل يرى الأكراد أنهم الآن الأكثر عددا والأحق بكركوك إلى جانب مدن كردستان، خاصة بعد عملية التكريد التي جلبت أعداد كبيرة من الأكراد إلى المحافظة في سنوات سابقة.
وبين هؤلاء وهؤلاء يرى العرب في كركوك أنها محافظة عراقية وتتبع الحكومة المركزية، ولا يجوز أن يرتفع فيها سوى العلم العراقي.
وتعرضت كركوك لعمليات ما يسمى بالتعريب والتكريد في مراحل سابقة كانت تتحكم في إلى جهة تميل كفة الميزان الظروف السياسية والنظام الحاكم للعراق سواء أيام الملكية أو الجمهورية أو تحت الاحتلال الأمريكي أو بعد التحرير.
وتوجد مادة مفخخة في الدستور العراقي هي المادة 140 والتي وصفت كركوك بأنها متنازع عليها ما بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان؛ ما يعني فتح الباب للصراع حولها والمطالب بضمها لكردستان.