برهان كبارة.. أمير الخط الكوفي
نبذة عن تاريخ أحد أهم الخطاطين العرب وعن نوع الخط الكوفي الذي تميز به الخطاط اللبناني برهان كبارة
ولد برهان كبارة في طرابلس بلبنان عام ١٩١٤، وعمل في نجارة الموبيليا فترة من الزمن، ثم ظهرت البراعة الفنية والجمالية في خطه منذ كتاباته الأولى، والتي ورثها عن والده الشيخ المرحوم علي كبارة، فتولى تعليم الخط العربي في المدرسة الأهلية في الزاهرية بطرابلس، كما عمل في الوقت نفسه مدققاً في الخطوط.
- بالصور.. مصحف يدوي من الحرير لإحياء فن الخط العربي في أفغانستان
- الخط العربي في جناح الأزهر بـ"القاهرة للكتاب"
تخرج كبارة من مدرسة تحسين الخطوط الملكية (العربية حالياً) في القاهرة حاملاً دبلوماً في الخط ودبلوماً في الزخرفة والتذهيب وشهادة تقدير من الملك فؤاد الأول لتفوقه ومهاراته وتميزه. تتلمذ كبارة في تلك المدرسة على أيدي أساتذة عمالقة بينهم صلاح العقاد الذي علمه أصول الزخرفة والذي كان له الأثر الكبير في كتابته الخط الكوفي الذي ميّز معظم أعماله.
عُين أستاذاً للخط العربي والفرنسي في «دار التربية والتعليم» في طرابلس، وبعد فوزه في مسابقة للخطوط، عمل في مؤسسة الطباعة والصحافة والنشر في المملكة العربية السعودية. ثم عاد إلى مدينته طرابلس حيث عُين أستاذاً للخط في ثانوية «روضة الفيحاء» حتى وفاته، وفي العام ١٩٨٤ مُنح كبارة وسام الأرز الوطني من رتبة فارس تقديراً لأعماله وإحياء لذكراه.
جماليات الخط الكوفي
يعتبر من أعرق وأقدم أنواع الخطوط العربية، فقد نشأ في بدايات ظهور الإسلام في مدينة الكوفة في العراق، ويرجح أنه نشأ قبل ذلك بفترة زمنية طويلة ثم استخدم في الكتابة، وفي كتابة المصحف الشريف بشكل خاص. وفضلا عن استخدامه في الكتابة بشكل عام فضلا عن تزيين القصور وتحلية المباني والنقود عن طريق النقش المقترن بالزخارف الهندسية والنباتية.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع المصاحف التي نُسخت قبل القرن الرابع الهجري كتبت بالكوفي، الذي أجاد فيه خطاطو الكوفة، ثم انتشر في العراق كله. كما استُخدم في النقش على جدران المساجد والقصور وغيرها من خوالد فن العمارة الإسلامية. يقوم هذا الخط "المصحفي" على إمالة في الألِفات واللامات نحو اليمين قليلا، وهو خط غير منقط.
والخط الكوفي هو خط هندسي زخرفي يابس يحتاج إلى مزيد من الدقة والتركيز في كتابته، حيث بدأ بشكل عفوي ثم تطور وتنوع ما بين الكوفي المائل، المزهر، المعقد، المورق، المنحصر، المعشق، المضفر، الموشح، المشجر، المحرر، المربع، المدور، المتداخل، المتشعب، الشطرنجي، الفاطمي، المشرقي والمغربي ليحوي بداخل كل منهم الصنعة والتنميق والإبداع والتشكيل في مزاوجة بين الليونة والصرامة.
كما يحمل الخط الكوفي الكثير والكثير من الصبغات التاريخية الهامة وذلك لرجوعه وانتسابه إلى العديد من البلدان والممالك والحقب التاريخية المتنوعة، كالخط الكوفي المملوكي، الكوفي الأيوبي، الكوفي الفاطمي، الكوفي الأندلسي، الكوفي النيسبوري، الكوفي القيرواني، ومن أبرز خطاطي الخط الكوفي، ابن مقلة، ابن البواب ومحمد عبد القادر.
وفي النصف الأوّل من القرن الأوّل الهجري ظهر منه «خط المَشْق». وفيه امتداد واضح لحروف الدال والصاد والطاء والكاف والياء الراجعة. وفي هذا الخط صنعة وإبداع وتجويد، واستمرّ حتّى القرن الثاني، وبه نُسخت أكثر المصاحف التي تعود إلى ذلك العهد. وتلا ذلك «الخط المحقَّق»، وهو كوفي مُصْحَفي تكامل فيه التجويد والتنسيق، وأصبحت الحروف فيه متشابهة والمدّات متنامية، وزُيّن بالتنقيط والتشكيل، وتساوت فيه المسافات بين السطور، واستقلّ كلّ سطر بحروفه.
ويُكتب الكوفي بقصبة ذات قَطّة موحدة، وأنواعه: مائل، مُزهَّر، مُعقَّد، مُورَّق، منحصر، مُعشَّق، مُضفّر، مُوشّح. وقد ابتدأ عفوياً ثمّ دخلت عليه الصنعة والتنميق، ثمّ تطوّر فأصبح ليّناً مُقوَّراً، أو يابساً مبسوطاً، أو وسطاً بينهما كالمصحفي. هذه الأنواع من الخط الكوفي الحديث ليست لها قاعدة ثابتة كالكوفي الذي كتبت به المصاحف. وهمُّ الخطاط فيه أن يحقق التنسيق والتماثل ومَلء الفراغات. وفيه تدخل زخارف هندسية ونباتية، ويختلط الرَّقش بالخط.
aXA6IDMuMjEuMjEuMjA5IA== جزيرة ام اند امز