ممرض كردي يروي مأساة الحصار التركي: الدماء كانت في كل مكان

بقي هذا الممرض الكردي البالغ 27 عاماً 6 أيام محاصراً في مستشفى روج في مدينة رأس العين مع فريق طبي صغير عند بدء الهجوم التركي.
خلال حصاره مع طاقم طبي كردي داخل مستشفى في مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا، مرّت لحظات ثقيلة شعر فيها رامان أوسو أنّه لن يتمكن من النجاة.
وبقي هذا الممرض الكردي البالغ 27 عاماً 6 أيام محاصراً في مستشفى روج في مدينة رأس العين مع فريق طبي صغير عند بدء الهجوم التركي في شمال شرق سوريا، لتقديم المساعدة الطبية للجرحى.
في ممرات المستشفى الوطني في مدينة الحسكة حيث يتواجد اليوم، يتلقى الترحيب والابتسامات، يخرج بين الحين والآخر إلى غرفة في إحدى زوايا المستشفى مخصصة للتدخين وشرب القهوة، ويسرد تفاصيل تلك الأيام بحزن.
يروي مرتدياً قميصاً أخضر ونظارات: "لم نكن نصدق بأننا سنعيش ونخرج من المدينة من جديد"، مضيفاً "لم أكن أتوقّع بحياتي أنني سوف أعيش هذه التجربة الصعبة".
وبدأت القوات التركية هجوما عسكريا، الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول، على شمالي سوريا، وسط انتقادات ومخاوف دولية من أن يتسبب الاعتداء في إعادة إحياء تنظيم "داعش" الإرهابي الذي دُحر مطلع العام الجاري على يد القوات المدعومة من التحالف الدولي.
وحاصرت القوات التركية مدينة رأس العين ما قطع عنها الإمدادات. وبقي رامان الذي درس ليصبح مساعد تخدير بالمعهد الصحي في مدينة الحسكة وهو عضو في الهلال الأحمر الكردي، داخل المستشفى الرئيسي في رأس العين، فيما كانت المعارك تتصاعد والقصف التركي يستهدف البلدة، بهدف معالجة الجرحى من المقاتلين والمدنيين.
واشتدت حدة المعارك التي امتدت إلى عمق المدينة وتعرّض المستشفى لأضرار خلال الاشتباكات، فيما كان الطاقم الطبي محاصراً في الداخل.
ويروي الشاب: "فقدنا بعض الجرحى بسبب نقص في الكادر الطبي والمعدات الطبية والمختصين".
ويوضح كيف كان مضطراً بسبب النقص في الطاقم الطبي "للقيام بالعمليات الجراحية وعمليات بتر الأطراف" لإنقاذ أكبر قدر من الأشخاص، حسب قوله، لكنه مع ذلك يقول إن الكثير فارقوا الحياة "ولم يكن باستطاعتي أن أفعل لهم شيئاً".
ويشير إلى أنّ كثيرين كانوا مصابين "في الوجه والبطن، الكثير منهم كانوا يعانون من الحروق وإصابات بالشظايا في أجسادهم وكسور متعددة والعديد من الإصابات الدماغية والوعائية".
وخلال حصارهم في المستشفى "جرت محاولات للسيطرة عليه، لكن الهجمات كانت تفشل وكنا نكمل عملنا الذي كان كثيراً"، بحسب رامان.
ويقول إن "الدماء كانت في كل مكان، والقصف والاشتباكات في الخارج كانت عنيفة، لم نكن نصدق بأننا سوف نعيش ونخرج من المدينة من جديد".
ويتحدث رامان عن خشية سادت من اقتحام المستشفى، ويتابع "كانت معنا ممرضات، وكنا نخاف أن يتم أسرهن، وكن يبكين طوال الوقت لأنهن فقدن الأمل بالخروج".
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وأنقرة لوقف إطلاق نار مؤقت في شمال شرقي سوريا، وإيجاد حل مناسب للمنطقة الآمنة.
ويقول رامان إن أفراد الطاقم الطبي لم يصدقوا في بداية الأمر أنه تمّ توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، لأن الاشتباكات تواصلت.
ويوضح مسؤول في الهلال الأحمر الكردي أن فرق الهلال الأحمر لم تتمكن من دخول المدينة إلا بعد وقف إطلاق النار بفترة وتمّ إجلاء الجرحى عبر الصليب الأحمر، وأشار إلى إجلاء عشرات الجرحى و11 قتيلاً على الأقل، وأكد أنه لا يزال هناك الكثير من الجثث تحت أنقاض المدينة.
في نهاية المطاف، تمكن الممرض رامان أوسو وزملاؤه من الفرار إلى مدينة الحسكة ذات الغالبية الكردية في شمال شرق سوريا.
ويروي أنه بكى كثيراً حين رأى والدته للمرة الأولى بعد خروجه من رأس العين إلى الحسكة.
ويتابع: "أشعر الآن بالقليل من الراحة"، متعهداً بأنه سيكمل عمله في المستشفى حيث يتواجد الآن، آملاً في أن ينتهي النزاع السوري المتواصل منذ 8 سنوات.
ويختتم حديثه قائلاً: "أتمنى أن تنتهي هذه الحرب ويعود كل شيء على ما يرام".