انتخابات الكويت 2023... تأهب لمرحلة "الصمت" وآمال باستقرار سياسي
يتوجه الناخبون الكويتيون، الثلاثاء، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 50 عضوا بمجلس الأمة في فصله التشريعي الـ17.
ويبلغ العدد الإجمالي للمرشحين لخوض الانتخابات 207 مرشحين من بينهم 13 امرأة، فيما يعد أقل عدد مرشحين للانتخابات البرلمانية منذ نحو 3 عقود.
وسيُجرى التصويت في 759 لجنة اقتراع على مستوى الدوائر الخمس موزعة على 118 مدرسة.
وتعد هذه ثاني انتخابات برلمانية تشهدها الكويت خلال 9 أشهر، والثالثة في عهد أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، الذي تولى الحكم في 29 سبتمبر/أيلول 2020.
وتم إجراء أول انتخابات في 5 ديسمبر/كانون الأول 2020، أفضت إلى برلمان صدر مرسوم بحله في 2 أغسطس/آب 2022.
وجرت ثاني انتخابات في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، وأفضت تلك الانتخابات إلى تشكيل برلمان جديد، قضت المحكمة الدستورية 19 مارس/ آذار الماضي، ببطلانه، وإعادة مجلس 2020، الذي صدر مرسوم أميري بحله مجددا مطلع مايو/أيار الماضي.
تكثيف الدعاية
واليوم الأحد، هو آخر أيام الدعاية الانتخابية للمرشحين، قبل أن تدخل الكويت غدا الإثنين في مرحلة "الصمت الانتخابي".
وبموجب القرار الوزاري رقم (17) لسنة 2023 بشأن شروط وضوابط التغطية الإعلامية والإعلان والترويج لانتخابات مجلسي الأمة والبلدي والذي يعرف باسم (الصمت الانتخابي) "يحظر في (يوم الاقتراع واليوم السابق عليه) بث أو إعادة بث أو نشر أي لقاءات أو برامج أو تقارير مع المرشحين أو عنهم منعا للإخلال بالعملية الانتخابية علاوة على منح الناخبين والناخبات فرصة انتقاء ممثلي الأمة بموضوعية".
كما يحظر خلال الصمت الانتخابي عرض أي إحصائيات أو استطلاعات للرأي للمراكز المرخصة في حين يقتصر دور وسائل الإعلام على نشر الرسائل التوعوية والتثقيفية، وحث الناخبين والناخبات على المشاركة الإيجابية، مما يخلق مناخا سياسيا صحيا وهادئا قبل الاقتراع.
ويتم تطبيق الصمت الانتخابي من خلال فرق عمل تابعة لوزارة الإعلام ممثلة في إدارات المرئي والمسموع والصحافة المحلية والنشر الإلكتروني مهمتها متابعة ورصد ما يتم نشره في جميع الوسائل الإعلامية المرخصة من قنوات تلفزيونية وإذاعية وصحف ورقية وإلكترونية للتحقق من مدى الالتزام واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين منها.
ويهدف يوم الصمت الانتخابي إلى إعطاء الناخبين فرصة لتحديد اختياراتهم بعناية، فيما يقتصر دور وسائل الإعلام على نشر رسائل تثقيفية للناخبين وحثهم على المشاركة الإيجابية بالانتخابات عموما دون توجه لمصلحة مرشح معين.
ويحرص المرشحون في آخر أيام الحملة الانتخابية إلى تكثيف الدعاية الانتخابية، قبيل الدخول في مرحلة الصمت الانتخابي.
نزاهة الانتخابات
وضمن جهودها المتواصلة لمواجهة وضرب كل جريمة أو فعل يخل بنزاهة الانتخابات، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية أمس السبت عن ضبط شخصين يعملان سمسارين ووسيطين لشراء الأصوات لصالح 3 مرشحين في الدوائر الأولى والثانية والرابعة.
وقالت الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني بوزارة الداخلية في بيان صحفي إن ذلك جاء بناء على توجيهات النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع بالوكالة الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح بمواجهة وضرب كل جريمة أو فعل يخل بنزاهة الانتخابات.
وأوضحت أنه تم كشف آلية عملهما ومخططهما والذي تمثل في "عقد صفقات لتبادل كشوفات الناخبين وتبادل قواعدهم الانتخابية التي انتقلت بين تلك الدوائر بسبب مرسوم التصويت بالبطاقة المدنية"، مشيرة إلى أنه "تم العثور على مبالغ نقدية وكشوفات خاصة بالناخبين وجاري إحالتهم إلى النيابة العامة".
وأكدت الإدارة أن جهود الإدارات المختصة مستمرة في التصدي وكشف جميع وسائل جرائم الانتخاب وخاصة ظاهرة شراء الأصوات والعمل على فرض نزاهة الانتخابات القادمة.
وأضافت أن الوزارة عازمة على تطبيق القانون وبالمرصاد لكل من تسول له نفسه الخروج على القانون.
وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية الكويتية في 27 مايو/أيار الماضي عن كشف شبكة وسطاء وسماسرة لعمليات شراء أصوات الناخبين تتكون من 10 أشخاص لصالح اثنين من المرشحين لانتخابات مجلس الأمة 2023.
جاء ذلك بعد نحو 10 أيام، من ضبط وزارة الداخلية أول انتخابات فرعية في الدائرة الرابعة وإحالتها إلى النيابة العامة، بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية.
وتعد الانتخابات الفرعية مجرمة قانونا كونها تتنافى مع دولة القانون، وهي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة لإفراز ما يعرف باسم "مرشحي الإجماع"، وهو ما يخل بتكافؤ الفرص المكفولة دستورياً وقانونياً في العملية الانتخابية.
آمال وطموحات
وقبيل أسبوعين من انطلاق الانتخابات، أيدت المحكمة الدستورية بالكويت، في 24 مايو/أيار الماضي، حكمها السابق الصادر في 19 مارس/آذار والقاضي ببطلان الانتخابات البرلمانية التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي وعودة مجلس الأمة السابق (البرلمان) المنتخب في 2020.
الأزمة جاءت نتيجة التوترات المتلاحقة بين الحكومة والبرلمان، التي أدت إلى حل مجلس الأمة 2020 في 2 أغسطس/آب الماضي، وانتخاب مجلس جديد في 29 سبتمبر/ أيلول 2022، قبل أن تقضي المحكمة الدستورية، في 19 مارس/آذار الماضي، ببطلان مجلس الأمة 2022 لبطلان مرسوم حل المجلس وإعادة مجلس 2020، قبل أن يصدر ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مطلع مايو/أيار الماضي، مرسوما بحل مجلس الأمة المعاد بحكم المحكمة الدستورية.
وجاء في مرسوم الحل أن القرار يأتي "احتكاماً إلى الدستور، ونزولاً واحتراماً للإرادة الشعبية، وصوناً للمصالح العليا للبلاد، وحفاظاً على استقرارها في خضم المتغيّرات الاقتصادية الدولية والإقليمية في الوقت الراهن، ولتحقيق طموحها في غدٍ أفضل يوفر لمواطنيها الرفاهية والرقي ويجعلها في مصاف الأمم المتقدمة".
وجاء في المرسوم أنه "وجب الرجوع إلى الأمة مصدر السلطات لتقرّر اختيار ممثليها للمشاركة في إدارة شؤون البلاد في المرحلة المقبلة بما يساعد على تحقيق غاياتها المنشودة".
وبعد يومين من إصدار مرسوم الحل، أصدر ولي العهد الكويتي 3 مايو/أيار الماضي مرسوما بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة يوم الثلاثاء 6 يونيو/حزيران.
وجاء إصدار المرسومين بموجب الصلاحيات المخولة له بناء على الأمر الأميري الصادر بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بالاستعانة بولي العهد لممارسة بعض اختصاصات الأمير الدستورية.
وغداة إصدار مرسوم الدعوة للانتخابات، أصدرت وزارة الداخلية بيانا بشأن شروط وآلية الترشح، والجدول الزمني لإجراء عملية الانتخابات، حيث تم فتح باب الترشح لمدة 10 أيام متتالية من 5 إلى 14 مايو/أيار.
ومن أبرز المرشحين في الانتخابات المقبلة، مرزوق الغانم رئيس برلمان 2020 (الذي تم حله) وأحمد السعدون رئيس برلمان 2022 (المبطل بحكم المحكمة الدستورية).
وكان قرار حل مجلس الأمة 2020 قد كشف عنه ولي العهد الكويتي في خطاب ألقاه نيابة عن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، في 17 أبريل/نيسان الماضي، قال فيه إن سبب حلّ مجلس الأمة 2020 هو "الانتصار للإرادة الشعبية"، في إشارة إلى نتائج انتخابات مجلس الأمة 2022 الذي أبطله حكم المحكمة الدستورية، والتي أظهرت تغيير 54% من تركيبة مجلس 2020.
ويملك مجلس الأمة الكويتي صلاحيات واسعة، أبرزها قدرته على استجواب رئيس الحكومة أو وزرائه، فضلا عن قدرته على التصويت لحجب الثقة عن الوزراء، أو "عدم التعاون" مع رئيس الوزراء.
ويأمل الكويتيون أن يكون هناك توافق وتعاون بين تركيبة البرلمان، الذي سينبثق عن الانتخابات المقبلة، وحكومة البلاد المرتقب تشكيلها بعد الانتخابات لتجاوز تحديات المرحلة الراهنة، وتحقيق طموح الوطن والقيادة في غد أفضل تكون فيه الكويت في مصاف الأمم المتقدمة.