قرارات أمير الكويت بميزان الخبراء.. انتصار على المصالح الحزبية الضيقة
اعتبر خبراء عرب أن قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حل البرلمان خطوة شجاعة تنتصر لمصلحة البلاد وشعبها.
وأوضح الخبراء الذين تحدثوا إلى "العين الإخبارية" أن القرارات الأميرية تعبر بالبلاد إلى مرحلة جديدة عنوانها التمكين الوطني غير المؤدلج، من أجل المرور لمرحلة مهمة ومتقدمة من الإصلاح السياسي الذي يفسح المجال لتعزيز الاقتصاد والتنمية، لتجاوز زمن المصالح الحزبية الضيقة.
والجمعة، أصدر أمير الكويت أمرا حل بموجبه مجلس الأمة وأوقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد على أربع سنوات.
وفي كلمة للأمة، قال أمير الكويت، إن "قاعة عبدالله سالم (مجلس الأمة) أصبحت مكانا لكل ما هو غير مألوف ما أهدر القيمة الحقيقية لهذا الحق، فليس لهذا أقر الدستور أداة الاستجواب ما يفقدها قيمتها".
مرحلة جديدة
وفي قراءة لخطاب أمير الكويت، قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي، إن "الأوامر الأميرية تدخل البلاد لمرحلة مهمة ومتقدمة من الإصلاح، ومعالجة الأخطاء، وملاحقة الفساد ورموزه".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية" وصف آل عاتي، قرارات الجمعة بـ"المهمة والشجاعة"، قائلا إنها "جاءت انتصارا لمصلحة الكويت وشعبها، ووأدا لكل من يريد أن يركب على ظهر الديمقراطية لتحقيق مآرب شخصية أو حزبية على حساب مصلحة البلاد".
وجاء قرار أمير الكويت على خلفية أزمات متتالية منذ سنوات بسبب الخلافات المستمرة والصراعات بين الحكومات التي يعينها الأمير والبرلمانات المنتخبة انتخابا مباشرا، الأمر الذي عاق جهود الإصلاح الاقتصادي وعطل كثيرا المشاريع التنموية التي تحتاجها البلاد.
وأكد المحلل السياسي السعودي، أن "الأوامر الأميرية تثبت نهج الإصلاح، وتعكس حرص أمير البلاد على محاربة الفساد والمفسدين، ودعم القضاء والمؤسسة الأمنية لحماية أمن واستقرار الكويت، وشعبها لتلحق بركب التنمية الخليجية".
وأضاف أن الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حرص على التدخل لمعالجة الأخطاء التي ارتكبها بعض المتنفذين الذين حرفوا نظام الدستور عن هدفه الأساسي، وجعلوه أداة لنحر بعض قرارات الحكومة.
التمكين الوطني
واتفق المحلل السياسي والاستراتيجي البحريني، عبدالله الجنيد، مع ما ذهب إليه الخبير السعودي، بدخول الكويت مرحلة جديدة بعد قرارات أمير البلاد، قائلا في حديث لـ"العين الإخبارية": "الكويت إلى مرحلة جديدة عنوانها، التمكين الوطني غير المؤدلج".
وأوضح أن ما اتخذه أمير الكويت كان متوقعا خصوصا بعد خطابه عقب توليه سدة الحكم، وقراره بإسناد تشكيل الحكومة للشيخ محمد صباح السالم الصباح، في رسالة مفادها جدية مشروعه الإصلاحي، إلا أن القوى السياسية الكويتية أساءت تقدير الموقف كعادتها.
وذهب الجنيد إلى أن ما اتخذه أمير الكويت من قرارات، وفي مقدمتها حل مجلس الأمة، وتعطيل بعض مواد الدستور لمدة 4 سنوات، بمثابة تمكين مشروع الإصلاح المالي والإداري، وإنهاء حالة المراوحة دون إنجازات تليق بالكويت على المستويين الوطني والإقليمي.
ظروف استثنائية
بدوره، قال الكاتب الصحفي بالأهرام والخبير السياسي المصري، هشام النجار، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن أمير الكويت مارس حقه الدستوري في ظروف استثنائية وجد أن فيها مخاطر تهدد أمن البلاد واستقرارها.
وأشار النجار إلى أن الأوامر الأميرية تدل على أن "البلاد تعبر إلى مرحلة جديدة ومختلفة، خاصة أن المتابع للأوضاع يجد بالفعل أن هناك من يستغل الديمقراطية، والتمثيل النيابي، خاصة تنظيم الإخوان، وعموم تيار الإسلام السياسي، لتشكيل ما يشبه الدولة الموازية ليس فقط من خلال مد نفوذه داخل مؤسسات وهيئات الدولة للهيمنة على مجالات التعليم والثقافة والتربية، ومحاولة السيطرة على مفاصل المجتمع ودولاب العمل الحكومي".
وتابع: "دون شك تؤدي هذه الممارسات التي تتوخى المصالح الحزبية الضيقة، وتعصف بالمصالح العليا للبلاد إلى إشغالها بقضايا هامشية وصراعات داخلية، ولا تمكن الحكومة من القيام بمهامها الطبيعية المتعلقة بالتنمية وإدارة الدولة".
تصحيح المسار
وكان الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح قد اتهم في خطابه الجمعة بعض أعضاء مجلس الأمة بإساءة استخدام الأدوات الدستورية "إساءة بالغة".
ولفت في هذا الصدد إلى "الإفراط في استخدام حق الاستجواب في كل صغيرة وكبيرة مما أهدر القيمة الحقيقية لهذا الحق بوصفه أداة راقية للمساءلة والمحاسبة وليس وسيلة للابتزاز والتهديد أو طريقا للحصول على مكاسب أو منافع شخصية فليس لهذه الأغراض أقر الدستور أداة الاستجواب".
وبين أنه نتيجة لتلك الممارسات "غدت قاعة عبدالله السالم (مجلس الأمة) بدلا من أن تكون مكانا لممارسة ديمقراطية حقيقية سليمة أصبحت مسرحا لكل ما هو غير مألوف وغير مستحب أو مقبول من الألفاظ والعبارات".
وبين أن "الواجب يفرض علينا أن نبادر إلى اتخاذ جميع الوسائل الضرورية لتحقيق المصلحة العليا للبلاد."
وأشار إلى أن تلك الممارسات "وضعتنا أمام موقف دستوري لا بد من العمل على معالجة أسبابه والحيلولة دون تكرارها في المستقبل حرصا على مصالح البلاد والعباد".
ويعد البرلمان الذي تم حله قبل انعقاد أولى جلساته هو أول برلمان في عهد أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح، الذي تولى مقاليد الحكم في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وجاء تشكيل البرلمان بموجب انتخابات جرت في 4 أبريل/نيسان الماضي، بعد أن صدر مرسوم أميري يوم 15 فبراير/شباط الماضي بحل مجلس الأمة السابق (2023) بسبب "ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة".
وأدت التوترات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت خلال السنوات الماضية إلى إعاقة عمل الحكومة وتعطيل مشاريع التنمية في البلاد، فضلا عن حل مجلس الأمة مرات عدة.
وقال أمير الكويت في خطابه: "لن أسمح على الإطلاق بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة لأن مصالح أهل الكويت التي هي فوق الجميع أمانة في أعناقنا علينا واجب صونها وحمايتها".