المبادرة الكويتية.. هل ينزع لبنان ألغامه بـ"بناء الثقة"؟
في لبنان حطّ وزير الخارجية الكويتي حاملا معه "ورقة أفكار ومقترحات" تستهدف إعادة "بناء الثقة" بمسار العلاقات اللبنانية الخليجية.
وبحسب مصادر رسمية لبنانية، فإن وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، سلّم الجانب اللبناني مبادرة من 12 بنداً، لعودة العلاقات الطبيعية مع محيطه العربي، والتوجه نحو مساعدته، ولم يطلب وقتا محددا للإجابة عنها.
ومن أهم بنود المبادرة التزام لبنان بكافة استحقاقات مؤتمر الطائف وقرارات الشرعية الدولية وجامعة الدول العربية، والتأكيد على مدنية الدولة اللبنانية وفق ما جاء في الدستور اللبناني.
وفي تصريحات له أدلى بها خلال تواجده في لبنان، قال وزير الخارجية الكويتي، إن السبب الرئيسي لزيارته هو "رسالة كويتية خليجية عربية ودولية كإجراءات وأفكار مقترحة لبناء الثقة مجددا مع لبنان".
وأشار إلى أن "كل هذه الأفكار والمقترحات مستنبطة من قرارات الشرعية الدولية وقرارات جامعة الدول العربية"، معربا عن أمله في أن يأتي الرد على هذه المقترحات "قريبا".
الفلك العربي
وسبق أن كشف وزير الخارجية والمغتربين في لبنان عبدالله بوحبيب أنه سيتم البحث في المبادرة التي حملها وزير خارجية الكويت، على أن يكون الرد عليها جاهزا يوم السبت المقبل، أي قبيل اجتماع وزراء الخارجية العرب في الكويت.
النائب وائل بو فاعور، اعتبر أن "المبادرة تعبر عن إرادة عربية لاستعادة لبنان، لكن المشكلة أن بعض بنودها لا يملك اللبنانيون إمكانية تنفيذها".
وقال النائب اللبناني لـ"العين الإخبارية": "يجب استكمال مساري الحوار الداخلي والحوار اللبناني العربي من أجل عودة لبنان إلى الفلك العربي ومغادرة الفلك الإيراني الذي يحاول أن يفرض نفسه على اللبنانيين".
من جانبه، يرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي مكرم رباح، أنه "بكل بساطة ليست هناك إمكانية أو رغبة لبنانية بتطبيق المبادرة الكويتية التي يبدو من الواضح أنها تحظى من اللحظة الأولى بإجماع الخليج العربي".
ويقول رباح لـ"العين الإخبارية"، إن "ما تطالب به الدول الخليجية لا ينتقص من سيادة لبنان أو يخضعه، ولكن على العكس تماما هي تهدف إلى تقوية بنيان الدولة وحكم القانون".
وأضاف "هذا الأمر لن يسمح به حزب الله وحليفه الماروني (التيار الوطني الحر) الذي عمل على تسليح لبنان في مواجهة أشقائه العرب وأدى إلى عزله اقتصاديا وسياسيا عن بيئته العربية".
وتابع "الكويت حاولت منذ اللحظة الأولى للأزمة مع لبنان، أن تلعب دوراً وسيطاً".
واعتبر رباح أن "دول الخليج ليست بوارد التصعيد أكثر في وجه لبنان، وما قامت به كاف من حيث تذكير الطبقة اللبنانية بأن الخطأ من الجانب اللبناني وما يطلبه السعوديون ودول الخليج هو أن تكون العلاقة طبيعية وهذا أمر بعيد المنال".
طريق الخلاص
رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة، دخل بدوره مدار ردود الفعل على المبادرة الكويتية، معتبرا أنها "تضع اليد على أسباب الجرح اللبناني الكبير، وعلى جوهر المشكلات التي يعاني منها لبنان وشعبه، وترسم بالتالي طريق الخروج من المأزق الراهن الذي تعيشه البلاد".
كما رأى أنها "تفتح الطريق نحو تحقيق التعافي الوطني والسياسي والاقتصادي والمعيشي المستقبلي للبنان الوطن والدولة والمواطنين، وكذلك في تصويب وتعزيز علاقات لبنان مع أشقائه العرب ومع المجتمع الدولي".
ولفت إلى أن "هذه المبادرة تتطابق كليا مع المذكرة التي تقدم بها الرؤساء ورؤساء الحكومات السابقون، أمين الجميل، ميشال سليمان، وفؤاد السنيورة، وسعد الحريري، وتمام سلام، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نهاية العام الماضي، لدى اجتماعهم به حين زار لبنان، ما يعني أنها تشكل إسهاما جديا عربيا ودوليا لإخراج لبنان من حالة الانهيار التي أصبح فيها، وترسم طريق التقدم على مسار استعادة التعافي السياسي والاقتصادي والمالي والمعيشي".
وشدد على أن إحدى أهم المشكلات التي يعاني منها لبنان حاليا تتمثل في الخلل الحاصل بالسياسة الخارجية والوصاية والسيطرة الخارجية والإيرانية عليه، وذلك بما يتناقض مع المصالح الدائمة للبنان واللبنانيين، ومع المصالح العربية.
ودعا السنيورة المسؤولين في لبنان إلى "الانكباب على العمل الجاد لبرمجة تطبيق وتنفيذ بنود هذه المذكرة العربية التي تتجاوب أساسا مع مصالح لبنان واللبنانيين وتتفق وتتطابق مع الرغبات والتوجهات العربية الإيجابية تجاه لبنان".
كما اعتبرها السنيورة "فرصة لا تعوض لعودة لبنان إلى السياسة المستقرة لديه، وعلى مدى عقود طويلة، في تحييد نفسه عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية والعودة إلى التقدم على جادة الصواب الوطني والسياسي والاقتصادي والمالي والإداري والمعيشي".
بناء الثقة
من جهته، اعتبر حزب "القوات اللبنانية" على لسان مستشار رئيسه، إيلي خوري، أن المبادرة فرصة لبناء الثقة بين لبنان ومحيطه العربي.
وكتب خوري عبر حسابه بموقع تويتر يقول تعليقا على المبادرة: "هي مقترحات لبناء الثقة مجددا بين لبنان ومحيطه العربي والإقليمي والدولي، حملها الزائر الكويتي، مقترحات تكاد تكون صوت اللبنانيين السياديين أنفسهم المطالبين بالالتزام وتنفيذ قرارات مجلس الأمن و الإصلاح المطلوب في مؤسسات الدولة، وإجراء الانتخابات في موعدها، وضبط الحدود وتشديد الرقابة على الصادرات للخليج لمنع تهريب المخدرات"، متسائلا "فهل تجرؤ السلطة اللبنانية؟".
وتحمل المبادرة طلباً واضحاً بالتزام لبنان بسياسة النأي بالنفس التي يجب أن تكون قولاً وفعلاً، ووضع إطار زمني محدد لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1559 (2004) والخاص بنزع سلاح المليشيات في لبنان، والقرار رقم 1680 (2006) بشأن دعم سيادة واستقلال لبنان السياسي والتأييد التام للحوار الوطني اللبناني، والقرار 1701 (2006) الخاص بسلاح حزب الله ومنطقة الجنوب اللبناني وفق المبدأ الأساسي في سيطرة الدولة على وجود السلاح خارج سلطة الحكومة اللبنانية.
وتطالب المبادرة بوقف تدخل حزب الله في الشؤون الخليجية بشكل خاص والشؤون العربية بشكل عام، والتعهد بملاحقة أي طرف لبناني يشترك في أعمال عدائية ضد دول مجلس التعاون.
كما تطالب بوقف كافة أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون وملاحقة كل من يحاول التحريض على العنف أو يشارك فيه من المواطنين أو المقيمين في لبنان ضد حكومات مجلس التعاون الخليجي.
وتقترح أيضا، الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في مايو/أيار المقبل ومن ثم الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول القادم، وفق المواعيد المقررة دون تغيير، والتدقيق في الصادرات اللبنانية إلى دول مجلس التعاون عبر آلية تواجد مراقبين بشكل ثنائي لضمان خلوها من أي ممنوعات، وبشكل خاص المخدرات التي تستهدف الأمن الاجتماعي لدول المجلس، ويمكن في هذا الصدد اعتماد نفس الآلية الأوروبية.
وتشمل المبادرة أيضا طلب بسط سيطرة السلطات الرسمية اللبنانية على كافة منافذ الدولة ووضع نظام تبادل معلومات أمنية بين دول مجلس التعاون والحكومة اللبنانية.
aXA6IDMuMTI4LjE3MS4xOTIg جزيرة ام اند امز