"القيصرية"..مسقط رأس أردوغان تئن من وطأة الأزمات
مدينة "القيصرية" مسقط رأس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنهكتها الأزمة الاقتصادية، وتبعات محاولة الانقلاب الفاشلة.
قبل نحو أسبوع من الانتخابات التشريعية والرئاسية المبكرة في تركيا، أجرت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية تحقيقاً استقصائياً، عن مدينة "القيصرية" مسقط رأس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تلك المدينة التي أنهكتها الأزمة الاقتصادية، وتبعات محاولة الانقلاب الفاشلة، بحسب ما وصفتها الصحيفة، متسائلة هل ستخذل المدينة الأكثر تصويتاً أردوغان هذه المرة في الانتخابات المبكرة؟
"القيصرية"؛ تلك المدينة البالغ عدد سكانها نحو مليون و300 ألف نسمة، والواقعة في قلب الأناضول، مسقط رأس أردوغان، والرئيس التركي السابق عبدالله جول وعاصمة محافظة القيصرية.
وتشتهر تلك المدينة بالاستثمارات وصناعة الحرير، حيث نقلت الصحيفة عن رئيس البلدية، مصطفى صديق، قوله "ليس لدينا بحار ولا بترول، ولا زراعة، ولا حتى منطقة حدودية أو ميناء، فإن اقتصادنا يعتمد على الاستثمارات الصناعية والتصدير"، مضيفاً أن "تلك المدينة كانت تصدر بنحو مليار و400 مليون دولار سنوياً، إلا أن عملية الاستثمارات في الوقت الراهن منهارة".
وتحت عنوان "أرض أردوغان تواجه أزمة"، أوضحت الصحيفة أن أصحاب الشركات الصغيرة في تلك المدينة جميعهم من المحافظين، الذين ازدهرت تجارتهم في عهد أردوغان وبظهور حزب العدالة والتنمية في فترة الثمانينيات، وكان يطلق عليهم "نمور الأناضول" أو "الأتراك السود" إلا أنهم كانوا محتقرين من قبل الأتراك البيض، الذين هم "نخبة إسطنبول".
وأحرزت تلك المدينة أعلى نسبة تصويت لصالح التعديلات الدستورية التي سمحت بصلاحيات واسعة لأردوغان، بنسبة تصويت 67.8%، وتساءلت الصحيفة فهل ستخذل "مدينة نمور الأناضول" أردوغان في الانتخابات المقبلة؟
وعادت الصحيفة قائلة إن "القيصرية" تعد مرآة للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها البلاد"، مشيرة إلى أن "فرض حالة الطوارئ على البلاد أدى إلى هروب المستثمرين، ومخاوف الشركات الأجنبية من ضخ استثماراتها في تركيا".
ورصت الصحيفة عدة وقائع أدت إلى معاناة أهالي تلك المنطقة ذات الكتلة الأعلى تصويتاً لأردوغان، لافتة إلى أنه في ديسمبر/كانون الثاني، قتل 14 جندياً في هجوم انتحاري استهدف حافلة عسكرية في تلك المنطقة، واتهمت السلطات التركية آنذاك حزب العمال الكردستاني بأنه المسؤول عن الحادث، فضلاً عن اعتقال الآلاف منذ محاولة الانقلاب من شبكة "فتح الله جولن".
وأوضحت الصحيفة أن معدلات البطالة ارتفعت من 8.4% عام 2016 إلى 11.7% خلال 2017.
ونقلت "لوجورنال دو ديمانش" عن محمد زكي كيان، العضو السابق بحزب العدالة والتنمية، الذي غادر الحزب وأصبح من المعارضة، قوله إن "أردوغان لا ينمي البلاد، هو ينمي نفسه وثروته فقط"، مشيرة إلى أن الليرة التركية فقدت 30% من قيمتها، خلال العام الماضي، فضلاً عن ارتفاع معدل التضخم إلى 12%.
من جانبه، قال دوروتي شميد، مسؤول البرنامج التركي المعاصر بالشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "إيفري" إن أردوغان خلق طبقة جديدة تعتمد فقط على المساعدات الإنسانية نتيجة الأوضاع المتردية التي وصلت إليها البلاد".
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقاً لاستطلاعات الرأي حصل أردوغان على 47% من نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية، أمام منافسه من حزب الشعب الجمهوري الذي حصل على نحو 30.1%، إلا أن "نمور الأناضول" في القيصرية هذه المرة لن يطيعوا رئيسهم في ظل تلك الأزمة التي أنهكت هذه المدينة.