الحشد الشعبي.. كيان طائفي مرفوض في العراق
موقف المرجع الأعلى للشيعة في العراق تزامن مع مواقف التكتلات السياسية والمجتمعية الرافضة لوجود الحشد الشعبي.
"لا نساند أي شخص أو جهة أو قائمة على الإطلاق، والأمر كله متروك لقناعة الناخبين".. عبارة أعلنت بها مرجعية السيستاني موقفها من الانتخابات البرلمانية العراقية، المقرر عقدها في الـ 12 من مايو/ أيار الجاري.
وتعكس تصريحات عبدالمهدي الكربلائي، ممثل آية الله علي السيستاني، اليوم الجمعة، موقف المرجع الأعلى للشيعة في العراق من مشاركة مليشيات الحشد الشعبي بالانتخابات. وهو الموقف الذي يتعارض مع فتوى السيستاني في أوائل يونيو/ حزيران 2014، التي دعت إلى تأسيس مليشيات "الحشد الشعبي" لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
ويأتي الموقف الجديد للمرجع الأعلى للشيعة متزامناً مع مواقف التكتلات السياسية والمجتمعية الرافضة لوجود الحشد الشعبي.
رسائل السيستاني للحشد
أعلنت مرجعية السيستاني عدم مساندة أي شخص أو قائمة انتخابية، مؤكدة أنها ترفض التدخل الخارجي في الانتخابات، ولن تسمح بزج اسمها لصالح تنفيذ أجندات أجنبية.
ويقول نعمان المنذر، الباحث العراقي، إن "خطاب ممثل السيستاني يعني التخلي عن الحشد الشعبي"، واصفًا الوضع بالانقلاب على خطاب 2005، الذي دعّم تأسيس مليشيات الحشد بالعراق.
وفسّر المنذر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، استخدام ممثل السيستاني لعبارة "نرفض استغلال اسم المرجعية الدينية" برسالة رفض واضحة لمشاركة فصائل الحشد الشعبي في الانتخابات البرلمانية، خاصة بعد صدور فتوى لعلي السيستاني، يحض فيها الناخبين على اختيار مرشحين لم يسبق لهم تولي مناصب حكومية أو كانوا نوابا بالبرلمان.
ووجه السيستاني رسالته إلى العراقيين، بشأن الانتخابات قائلًا "يجب عدم الانخداع بالخطب الرنانة والوعود الزائفة وعدم تجربة المجرب"، وهو ما عده الباحث العراقي خطاباً يبرز تناحر والانقسام داخل التيار الشيعي بالبلاد.
الحشد مرفوض
وفي مؤتمر انتخابي بالنجف، نعت رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فصائل الحشد الشعبي بـ"الفاسدين"، متوعدهم بالمحاكمة وتقديمهم إلى العدالة.
وقال العبادي، الذي يتزعم ائتلاف النصر، إن قيادات الحشد يعارضون التدقيق على رواتبهم، والبعض منهم يحصل على رواتب من المليشيا وهم خارجها، مهددهم بدفع الثمن.
ويرى مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن نظام الحكم في العراق بعد عام 2003 تشكل على أساس الطائفية السياسية، مؤكداً أن العراق لم يعرف التقسيم إلا في ظل دستور 2005.
وأضاف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "خلال السنوات الماضية ظهر الحشد بقوة في الساحة العسكرية والسياسية، خاصة أنه أحد الأطراف التي حملت السلاح خلال المواجهات مع داعش في الموصل".
وفي بداية تشكيل التحالفات السياسية، أعلن ائتلاف النصر فك التحالف مع تيار الفتح الذي شكله الحشد. وأبدى التيار الصدري "تحالف سائرون" رفضه لتحالف النصر والفتح معاً، معترضاً على إدراج الكيان السياسي الموالي لإيران ضمن قائمة العبادي الانتخابية.
وفي الوقت نفسه، أعلن سكان محافظة كربلاء تأييدهم لموقف المرجعية الدينية، موضحين أن قرار المرجعية يسهم في تشكيل الحكومة، وسيلبون ما تدعو له.
وأوضح المنذر، أن خطاب السيستاني لعب على المزاج العام للناخبين، الذي يتلخص في رفض الطائفية، منوهًا بوجود مؤشرات تؤكد نفور العراقيين من الخطاب الديني المتداول خلال الـ15 عاما الماضية.
أسباب الرفض
وأرجع غباشي أسباب رفض "الحشد"، كونه فصيلا خارجا عن سيطرة الحكومة العراقية، ووجوده بالمشهد السياسي كان مرتبطا بالحرب ضد داعش، ما يؤكد أن محاولاته للهيمنة أمر مرفوض من جميع الأطراف السياسية.
وأضاف: "ممارسات الحشد الطائفية شكلت حالة من الضجر والشحن السياسي ضده، خاصة أن تعمد تهجير سكان مدينة القادسية العراقية، وهدم مساجد بجانب استغلال معسكرات بالموصل ناحية بعشيقة لتدريب قواته"، واصفًا الوضع بـ"محاولة تحجيم حركة الحشد عسكريًا وسياسيًا".
مصير الحشد
وتشكل "الحشد" بعد فتوي السيستاني منتصف 2014، ويبلغ عدد قواته 130 ألف مقاتل و45 فصيلا.
وعلى مدار 9 أشهر متتالية، شارك "الحشد الشعبي" ضمن القوات العراقية في معركة الموصل التي انطلقت في الـ19 من أكتوبر/ تشرين الأول 2016.
وكوّن الحشد الشعبي كتلة الفتح لخوض الانتخابات، بقيادة الأمين العام لمنظمة "بدر" هادي العامري، وضم التحالف 18 كيانا سياسيا ومنظمة بدر والحركة الإسلامية في العراق، وحركة الجهاد والبناء، وحركة "الصادقون"، وحركة الصدق والعطاء، وحزب الطليعة الإسلامي، وحزب المهنيين للإعمار، والتجمع الشعبي، وحزب الله العراقي.
واتفق المنذر وغباشي على أن نتيجة الانتخابات البرلمانية تسهم في رسم الخريطة السياسية وإعادة صياغة دور "الحشد" في المجتمع العراقي.
aXA6IDMuMTQ3LjY1LjExMSA= جزيرة ام اند امز