اعتمد الإخوان في فكرهم على خداع المتحمسين ودغدغة مشاعرهم لجعلهم وقودًا لحروبهم الخاصة.
فكر الإخوان يعتمد على لبس عباءة الدين لتحقيق أهداف سياسية بحتة، مرورا بنشرهم الفوضى والدمار لإنهاك الدول التي يظهرون فيها ويحاولون باستماتة الوصول إلى السلطة بها.
لا يعترف الإخوان بالأوطان، يؤمنون فقط بجماعتهم، لذا فإن سقوطهم شعبيا وسياسيا كان أمرا طبيعيا، وهذا بالضبط ما يجعل المصالحة معهم مستحيلة دائما وتحمل مخاطر جمّة، سواء كانوا في الحكم أو خارجه، وفي هذا الأمر صارت الشعوب هي حائط المواجهة ضد هذه الجماعة المتآمرة على أوطانها، فالشعوب تعلمت بالتجربة أنه لا يمكن أن تأمن للإخوان، ولا يمكنها تجاهل دروس التاريخ وما يقوله عن سلوك وانتهازية الإخوان وهوسهم بالسلطة.
ومهما تمكنت الجماعة -في ظروف استثنائية- من خداع البعض، فإنها لا تنجح دائما، فقد رأينا سقوطهم المتوالي في أماكن مختلفة من جسد الوطن العربي خلال سنوات قليلة، وجاء هذا السقوط تعبيرا صادقا عن رفض الشعوب هذه الجماعة وما يشابهها وينتهج نهجها، ما أسهم في انهيار الثقة بها، وبمن يتلقفها ويدعمها.
إن استمرار الوعي الشعبي العربي الداخلي المتزايد بخطر وحقيقة الإخوان هو أعلى درجات المواجهة لهذه الجماعة المأجورة وأذرعها المتلونة، فهذا هو الضامن الوحيد لعدم عودة مثل هذه الشرذمة إلى مفاصل القوة.
السقوط المتوالي للإخوان وأذرعها في المنطقة منذ أحداث ما سُمي "الربيع العربي" حتى الآن يؤكد حالة الرفض الشعبي لهذه الحركات وأيديولوجيتها الاحتكارية، كما يؤكد انكشاف وتعرية هذه الأفكار الشيطانية أمام ضمير الشعوب العربية، فقد أثبتت التجارب أن الأنانية الإخوانية لا يمكن أن تتحول إلى حزب سياسي يعمل على إفادة المجتمع ويقدم مصالح الوطن على مصالح الجماعة، فهذه أمور لا توافق تسميات الجماعة ولا مبادئها، كما أن كل شعار ترفعه أذرع الجماعة وصورها المختلفة من عدل ونهضة وإصلاح لا تعدو كونها شعارات مزيفة تتستر وراءها أهداف خبيثة، والجماعة في ذلك تقف على الجانب المعاكس لمثل هذه التسميات.
لم تكن الشعوب، التي عانت ويلات "الربيع العربي"، تظن أن هبَّتها الاحتجاجية عام 2011 على أوضاعها المعيشية كانت فقط لتسليم حكم بلدانها للإخوان.. لقد كانت الشعوب تبحث عن التنمية والازدهار والحياة الكريمة، لا أن تكون منبع فساد وإرهاب وتصدير مرتزقة.
بعد عقد من الزمن تبيّن للشعوب في أماكن مختلفة من العالم العربي أن الإخوان هم موطن المكر والخدعة، لذا كانت أحكام الشعوب واضحة ومواقفها حاسمة بطرد كل أطياف هذه الجماعة من مواطن الحكم والسلطة، ومهما تلقى الإخوان من دعم وتمويل خارجي، حسبما اعتادوا، فلن يُحدث هذا فارقا لهم ولمستقبلهم أمام وعي الشعوب وإدراكها حقيقة مخاطر هذه الجماعة، التي تلعب على محو الأوطان وسلب الناس أبسط حقوقهم.
تاريخ الإخوان مليء بالدماء والفشل السياسي، وإنْ شاءت الظروف أن ينجحوا مرة، فإن الوقت القصير كان كفيلا بانكشاف حقيقتهم وتبيان خيانتهم، فاعتزلتهم الشعوب واعتبرتهم الخطر الحقيقي على أمن بلدانها واستقرارها، وآمنت بأنه لا مستقبل للعرب في ظل وجود هذا المشروع الشيطاني العابر للحدود بينهم.
لكن هل انتهى خطر الإخوان؟
الباحث المتعمق في تاريخ الإخوان والجماعات المتطرفة، يعرف أنه لن تمر عليه جماعة أكثر تلوناً من الإخوان، فهي وحش أيديولوجي لا يتراجع، فخلال تسعة عقود من عمر الجماعة تمكنت من خداع الناس باستخدام أساليب التكيف والاندماج الظاهري، حتى أصبحت في حالة ذوبان مزيفة داخل المجتمعات، ما سهّل لها الإمساك بمقدرات اقتصادية وتعليمية داخل دولها، وصارت حركتهم العالمية الآن مؤمنة فقط بجوعها وعطشها الشديد للسلطة، التي فقدتها بسبب عنجهيتها وافتضاح أغراضها، لكنها لا تزال تراهن على تغلغلها وكوادرها في أرجاء الوطن العربي بمنظماته وهيئاته وجمعياته، ما يعطي الجماعة أملا في انبعاث جديد وقتما تحين فرصة مناسبة، وهنا يأتي دور الشعوب الحيوي في المواجهة الحتمية، والمتمثلة في ألا تنسى المآسي، التي عاشتها في ظل الإخوان وسنواتهم العجاف.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة