إعلاميون وأكاديميون بمنتدى أصيلة: مبادرات الشيخ زايد تجسيد للعطاء الإنساني
استعرض إعلاميون عرب ملامح الريادة السياسية والإنسانية التي اتصف بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القائد المؤسس لدولة الإمارات.
جاء ذلك ضمن فعاليات اليوم الثاني من ندوة "الشيخ زايد: رؤية القائد المتبصر" التي ينظمها موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الثانية والأربعين، والمقام في مدينة أصيلة المغربية.
وأشار عبد الله ولد باه، المحلل السياسي الموريتاني والعميد السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في نواكشوط، إلى أنه عُرف عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان شغفه بالشعر، والشعر ديوان العرب ومستودع حكمتهم، ولعل في شخصيته الشعرية الثاقبة والمتبصرة ما دفعه إلى الحلم، لا بمعنى الخيال المستحيل، بل بمعنى شجاعة الإبداع وبعد النظر، وكان حلم الإمارات الحديثة من إبداع الشيخ زايد وحصيلة نور بصيرته.
وتابع أن قيام الاتحاد الإماراتي من الإنجازات والمكاسب التي يعتز بها عموم العرب، وقد صمد هذا الاتحاد بل تعزز وتوطد، وأصبح في مأمن من التفكك والتراجع، على عكس ما توهم الكثيرون، لافتاً إلى أن هذه الهندسة السياسية الفريدة التي جمعت بين الوطنية الصلبة والخصوصية المحلية تشكل درسا لا يزال جديرا بالاحتذاء والدرس في عالمنا العربي الذي فشلت فيه كل تجارب الوحدة بين الكيانات الوطنية، بل إن حركية التمزق والانفصال تتفاقم في أيامنا أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان يمقت الظلم والتسلط والعنف، ويأخذ المواطن والمقيم بالإحسان واللطف، جامعا في منطق السياسة بين الحزم الذي لا سلطة بدونه والود الذي هو من أمر الخلق والفضائل، فكان في آن واحد مهابا محبوبا، جامعا بين شرعية السلطة وإجماع التعلق الشعبي الجارف.
وأوضح ولد باه أن المشروع التنموي الإماراتي الرائد الذي وضع أسسه ورعاه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يقوم على 3 مرتكزات كبرى: الاستثمار في الإنسان الإماراتي وتأهيله للفعل المبدع والنشاط المنتج، وتركيز الحركية التنموية حول رفاهية المواطن وإشباع حاجياته الأساسية، والانفتاح الواسع على العالم وتأهيل الإمارات لتصبح مركزا اقتصاديا عالميا كبيرا.
وتابع أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان في مقدمة بناة النظام الإقليمي العربي، ومن أبرز المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومن أبرز من قدم الدعم الاقتصادي والتنموي للبلدان العربية، بل لدول العالم الفقيرة بأكملها، وكان حرصه على سعادة العرب ورفاهيتهم لا يقل عن حرصه على حقوق ومصالح بني وطنه، فكان الوطن العربي وطنه الكبير والأمة العربية بيته الواسع.
من جهته قال هيثم الزبيدي، رئيس تحرير جريدة العرب اللندنية، إنه من السهل اليوم امتداح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وما قام به، لكن النظر إلى بذور نشأة الاتحاد في حينها والاستماع إلى شهادة معاصريها، يشير إلى صبر وحكمة الشيخ زايد من ناحيتين: الأولى تكتيكية، والثانية استراتيجية.
وأضاف أن استثمار أبوظبي المعنوي والمادي في وحدة الإمارات بدأ مبكرا قبل أن تظهر بريطانيا نواياها بالانسحاب، وكان الإيمان بالاتحاد حاضرا في فكر الشيخ زايد، وأدرك أن نافذة تاريخية قد فتحت وتتضافر فيها عوامل مختلفة، كثير منها قاس وصعب، حيث رأى أن فراغا سينشأ من الانسحاب البريطاني، وأن دولا كبرى أو متوسطة ستستغل الفرصة.
بدوره تحدث الدكتور مراد زوين، الأستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، عن عقيدة الإصلاح والتحديث عند الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بجانب العقيدة الوحدوية وسعيه لتوحيد الإمارات ومن خلالها توحيد الأمة العربية، مؤكدا أن هاجس التحديث شكل عقيدة لديه، من خلال تحديث البنية التحتية والمدن عبر إصلاحات في قطاع التعليم والصحة.
وأضاف أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أدرك أهمية العلم والتعليم في بناء الفرد المواطن والمجتمع المتماسك، وهذا ما دفعه إلى إرسال بعثات طلابية إلى الخارج ليُفيدوا مجتمعهم ويسيروا به للتقدم والازدهار، كما عمل على بناء مدارس وجامعات جعلها منارة للفكرة والمعرفة، وكانت الجامعات بنظره المشاعل التي تنير طريق المدنية، حيث إن تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بالمستوى العلمي، وأن أكبر استثمار للمال هو استثماره في خلق أجيال من المتعلمين والمثقفين.
من جانبها، أشارت فاطمة النوك، الصحفية بمجلة نساء المغرب، إلى أن الحس الإنساني الاستثنائي الذي تمتع به الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان جعل سيرته ندية وعطرة وحية بعد وفاته، حيث كان رجلا همه الإنسانية، وأعماله ومبادراته الإنسانية العظيمة، تمثل تجسيداً للعطاء الإنساني في أصدق تجلياته، وبشكل جعل منها تاريخا للأجيال، ومصدر عطاء مستمر، هدفه مد يد العون للمحتاجين وتنمية الإنسان في كل مكان.
وأشارت إلى أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان اهتم قبل وقت طويل بقضايا المرأة وتمكينها، وكانت مبادراته سابقة لعصره، في تغيير واقع المرأة وتعليمها والدفع بها إلى العمل والقيادة والعمل السياسي، كما تختصر بعض مقولاته رؤيته الاستشرافية لبناء مجتمع ووطن بسواعد النساء والرجال.
وتابعت: "أدرك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ضرورة تعليم المرأة وتأهيلها لتصبح قادرة على القيام بدورها في الأسرة والمجتمع، فشجع الفتيات على الانخراط في التعليم، وأقنع أسرهن بإيفادهن للمدارس وصرف مكافآت شهرية للفتيات المنخرطات في التعليم، وبهذا كانت رؤيته للمرأة تستشرف الاستفادة من قدرات المرأة كمواطنة كشرط لبناء دولة عصرية".
ولفتت فاطمة النوك إلى أن دولة الإمارات تواصل اليوم تنزيل هذه الرؤية الاستشرافية لتمكين النساء، واعتبارهن طرفا رئيسيا في مسار التنمية التي تعرفها وتعيشها البلاد.
وأضافت: "التركيز على إنجازات المرأة في الإمارات، يشعرني بالاعتزاز بشكل خاص، لأنها تمثل نموذجا لبلد عربي يؤمن بنسائه ويوفر لهن كل إمكانات وطاقات التطور، وهو اعتزاز نابع من تتبعي لأوضاع وقضايا النساء، وأيضا لطبيعة العلاقات الخاصة التي تربط بين الشعب المغربي والإماراتي".
وتهدف ندوة "الشيخ زايد: رؤية القائد المتبصر" إلى الوقوف عند الجوانب المميزة في شخصية وتجربة القائد المتبصر الشيخ زايد في أبعادها الوطنية والقومية والإنسانية من خلال شهادات شخصية ومقاربات تحليلية وحوارات مفتوحة.
ويعود نعت الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالقائد المتبصر لـ4 مستويات أساسية هي: الحس الاستراتيجي بعيد النظر، المشروع التحديثي النهضوي الذي رعاه وأنجزه في الإمارات، العمل الإنساني والخيري الذي عُرفت به دولة الإمارات عالمياً، وتبني ونشر قيم السلم والتسامح والتضامن واعتمادها خطاً حضارياً وفكرياً.
aXA6IDMuMTQ0LjQyLjE3NCA= جزيرة ام اند امز