بين اليأس والزحام.. لماذا تغادر الجماهير ملاعب الكرة مبكرا؟
تمثل ظاهرة ترك الجماهير للملاعب مبكراً وعدم استكمال مشاهدة بعض المباريات إحدى أغرب الظواهر في كرة القدم العالمية.
ولا تعتبر هذه الظاهرة حديثة العهد، لكنها تعكس بعض الثقافات، وقد كان الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول الإنجليزي ممن تحدثوا بدهشة عن هذا الأمر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 حين تولى قيادة الريدز.
كلوب ينتمي إلى المدرسة الألمانية التي تعرف بالولاء التام لأنديتها مهما كانت النتائج غير جيدة، خاصة حين يتعلق الأمر بفريق بروسيا دورتموند الألماني الذي قاده مدرب الريدز لـ7 سنوات وحقق معه نجاحات كبيرة، لكنه احتاج في البداية لصبر الجماهير عليه لسوء النتائج.
الأمر تعلق بخسارة ليفربول 1-2 أمام كريستال بالاس في أنفيلد بعد شهر واحد من تولي كلوب المسؤولية الفنية للفريق، حيث علق الألماني قائلاً: "شعرت بأنني وحيد حين غادرت الجماهير الملعب".
المغادرة المبكرة جاءت قبل 8 دقائق من نهاية المباراة، حين نجح فريق القطط السوداء في تسجيل هدف التقدم 2-1 عبر سكوت دان، ليبدأ جمهور أصحاب الأرض في المغادرة.
مانشستر يونايتد الأسوأ
نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية في أغسطس/ آب الماضي أن جماهير مانشستر يونايتد الإنجليزي هي الأسوأ في المملكة المتحدة فيما يخص ترك الملاعب بشكل مبكر.
وأجرت شركة "YouGov" للدراسات تصويتاً بين أكثر من 1300 مشجع حول مسألة الخروج المبكر من الملاعب وعدم استكمال المباريات، ليظهر أن جمهور مان يونايتد هو الأكثر رحيلاً بشكل مبكر عن الملاعب.
الغريب أن أول 7 فرق في القائمة كان منها الفرق الـ6 الكبرى، صاحبة الشعبية الأكبر في إنجلترا، وهي بالترتيب يونايتد ثم أرسنال ومانشستر سيتي وتوتنهام هوتسبير وتشيلسي وإيفرتون ثم ليفربول في المركز السابع.
لماذا تغادر الجماهير مبكراً؟
يشير لاعب الكريكيت السابق مايك سيلفي إلى أن والده حضر معه نهائي كأس العالم 1966 بين إنجلترا وألمانيا في ملعب "ويمبلي" بالعاصمة لندن، لكنه غادر في الدقيقة 85 لتجنب الازدحام والضجة في نهاية المباراة.
إنجلترا كانت متقدمة 2-1 لكن الأمور انقلبت لاحقاً بعدما تعادلت ألمانيا 2-2 في الدقائق الأخيرة، قبل أن يحسم الأسود الثلاثة المواجهة في الوقت الإضافي بنتيجة 4-2.
لكن هذه الظاهرة بدأت تظهر بشكل أكبر في السنوات الأخيرة، حين يتعرض فريق لتأخر كبير في النتيجة خاصة في مباريات المستوى الأول ويصبح البقاء بلا هدف أو فائدة.
تشير الدراسة إلى أن السبب الرئيسي للمغادرة المبكرة هو الرغبة في تجنب ازدحام المرور وهو نفس السبب الذي جعل والد سيلفي يترك نهائي مونديال 1966 مبكراً قبل أن ينقلب اللقاء رأساً على عقب.
تتعرض الجماهير التي تترك المباريات بشكل مبكر للسخرية من نظرائها، خاصة الذين لا يتمكنون من حضور المباريات، أو حين تتغير النتائج بشكل غير متوقع.
وتبقى كرة القدم لعبة غير متوقعة على الإطلاق، وفي عشرات المرات هناك العديد من المتغيرات التي حدثت في الدقائق الأخيرة.
أما أحد الأسباب التي لا يمكن إنكارها فهو عدم تحمل لحظة إطلاق الحكم للصافرة وإعلان خسارة الفريق، وهو ما جرى سنة 1999 في نهائي دوري أبطال أوروبا لجمهور يونايتد الذي كان فريقه خاسراً 0-1 من بايرن ميونخ الألماني، ثم حول النتيجة إلى 2-1 في الوقت بدل الضائع.
وعن ذلك يقول سيمون هودسون، الذي غادر نهائي 1999 مبكراً: "اعتقدت أني لن أتحمل، وأننا لن نعود، لم أشاهد شيئا مثل هذا من قبل، ثم سمعت الأصوات بعد خروجي من الملعب".
تكرر الأمر في مواجهة 4-4 الشهيرة بين أرسنال ونيوكاسل يونايتد في ملعب الأخير سانت جيمس بارك بالدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2011.
أرسنال كان متقدماً 4-0 قبل أن يعود أصحاب الأرض الماكبايز في النتيجة، وعن مغادرته الملعب مبكراً يقول مايك هاريسون أحد مشجعي الأبيض والأسود حينها: "أشعر بالخجل مما قمت به، لن أشكك في روح الماكبايز مرة أخرى".