أزمة الاقتصاد.. لبنانيون يحولون الحدائق إلى مزارع وحظائر
تحولّت حدائق منازل وشرفات في لبنان إلى مزارع تضم مختلف أنواع الخضر والفاكهة، وحظائر لتربية الدواجن
تحولّت حدائق منازل وشرفات في لبنان إلى مزارع تضم مختلف أنواع الخضر والفاكهة، وحظائر لتربية الدواجن، في رد فعل ذاتي على أزمة اقتصادية تواجهها البلاد منذ أشهر.
وبرغم كون الزراعة وتربية الدواجن أنشطة ريفية في الأساس، لكنها غزت المدن وسط حجر منزلي فرضه وباء كورونا على امتداد أكثر من شهرين، وأزمة اقتصادية رفعت أسعار السلع الغذائية.
وعمد الأهالي إلى إعادة إحياء مساحات الأراضي المهملة لسنوات حول منازلهم واختار بعضهم تربية الدواجن، فيما باتت الأمتار القليلة على الشرفات مزينة بالشتول على أنواعها.
وبينما بدا لافتا حماس اللبنانيين للزراعة، ساهم دعم وزارة الزراعة والبلديات ومعظم الأحزاب والجمعيات في المناطق في تعزيز هذا التوجه عبر تقديم البذور والشتول.
ووصل الأمر ببعض الأحزاب إلى تقديم الطيور كالدجاج لتربيتها، وخصصت مكاتب تضم مهندسين متطوعين لمساعدة وتوعية المواطنين على الزراعة، كالتي أنشأها الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر.
ويقول أحمد نجار (35 عاما - مدرس) لـ "العين الاخبارية": "عند بدء قرار التعبئة العامة لمواجهة وباء كورونا في لبنان توقفت عن العمل واخترت قضاء هذه الفترة مع عائلتي في القرية التي عادة أزورها فقط خلال عطلة نهاية الأسبوع".
وتابع: "مع مرور الأيام بدأنا نشعر بالضجر والقلق في نفس الوقت مع الغلاء غير المسبوق للمواد الغذائية، فاتخذت قرار التسلية بالزراعة والاستفادة من وقتي، وهذا الأمر لم يقتصر عليّ فقط اذ تحوّل الأمر الى ما يشبه السباق بين الأصدقاء الذين توجهوا جميعهم الى القرية في هذه الفترة وبدأوا يهتمون بالزراعة".
ويضيف "على مقربة من بيتي هناك حديقة صغيرة مهملة منذ سنوات، عمدت الى استصلاحها وزرعتها بأنواع عدة من الخضر، من الخس إلى الروكا (الجرجير) والخيار والنعناع والبندورة (الطماطم) وغيرها".
وتابع: "أثمرت نباتاتي وأصبحت طعاما لأولادي أطعمهم إياه وأنا مطمئن لنظافته وخلوه من المواد الكيمائية".
سمير الشامي (33 عاما) مدير مبيعات في شركة خاصة، اختار تربية الطيور والدواجن.
ويقول لـ "العين الاخبارية" إنه بدأت بشراء دجاجتين في الأسبوع الثاني لحظر كورونا.
وتابع: "مشروعي كبر وبات لدي الآن 15 دجاجة و3 ديوك، تؤمن لي حاجة العائلة من البيض البلدي الذي تضاعف سعره 3 مرات في السوق نتيجة الغلاء".
وأوضح: "اعتمد في تغذية الدجاج على كل ما تبقى في البيت من الطعام، وهذا أمر مفيد من كل النواحي، بحيث يساهم أيضا في عدم رمي فضلات الطعام".
وفي الاطار نفسه، يقول بشير مطر رئيس بلدية القاع في حديث إلى "الوكالة الوطنية للاعلام"، إن المجلس البلدي اهتم بدعم القطاع الزراعي عبر تأمين سبل الرعاية، ومصادر المياه والمساعدة في التسويق عبر سيارة مبردة والتشجيع على الزراعة المحلية.
وتابع: "بالتعاون مع جمعية "همم" تم توزيع الشتول والبذور للأهالي والمساعدة في الفلاحة، ونسعى مع جهات مانحة لتشجيع زراعة القمح والذرة وتسويقها محليا عوضا عن الاستيراد".
كذلك، بدأت الأسر اللبنانية في تربية الدواجن والأغنام للاستفادة من البيض واللحم والألبان، وقامت الجمعية اللبنانية للدراسة والتدريب بدور مميز قدمت خلاله الشتول المؤصلة التي استقدمتها من مشروع القرية الزراعية بجوار بعلبك.
ولفت الناشط أحمد الساحلي إلى أن "الجمعية كانت سباقة في تشجيع العديد من الأسر على الاهتمام بتربية المواشي من ماعز وأغنام ودواجن".
ويأتي توجه اللبنانيين الى الزراعة ومحاولة العمل على تأمين الاكتفاء الذاتي من الغذاء قدر الامكان، نتيجة الارتفاع غير المسبوق للأسعار مع وصول سعر صرف الدولار إلى أعلى مستوياته بحيث بات في السوق السوداء يبلغ حوالي 5 آلاف ليرة.
ويقول إبراهيم ترشيشي رئيس تجمّع مزارعي وفلاحي البقاع لـ "العين الاخبارية"، إن ارتفاع الأسعار سببه عدم قدرة المزارعين على استيراد المواد الأولية والمستلزمات الزراعية من أسمدة وأدوية وبذور وغيرها.
وتابع: "يتطلب الأمر دفع ثمنها بالدولار غير المتوفر والذي تحجزه المصارف".