طفلة لبنانية تصارع مرضا صعبا.. الوقت عدوها وعلاجها في دبي وأمريكا فقط
ميلا، ابنة الـ5 أشهر، تصارع مرضا جينيا صعبا يحرمها الطفولة الطبيعية وهي المفروض أن تكون في عزّ حركتها، لكنها تجد نفسها عاجزة عن الحراك.
الوقت هو عدو ميلا الأول والعلاج الوحيد موجود في الولايات المتحدة، وكل يوم يمر يؤثر سلباً على حالتها، وتتمنى والدتها أن ينتهي "هذا الكابوس سريعاً"، وهي تملك الإيمان والأمل في محبة الناس ومساعدتهم، وترفض الاستسلام، ولا تملك سوى ابتسامة ميلا لتحارب فيها.
تتحدث فرح مرزوق والدة ميلا اللبنانية لـ"العين الاخبارية" عن حالة ابنتها الطبية، وتقول: "ولدت ميلا بعد 10 سنوات من ولادة شقيقيها. في الأشهر الأولى كان كل شيء طبيعياً، لكن بعد الشهر الرابع بدأت ألاحظ أنها لا تُحرك ساقيها كباقي الأطفال وأن حركتها مختلفة ونفسها أيضاً".
وتضيف: "ورغم تطمينات الطبيب في بداية الأشهر الأولى إلا أنه بعد فحصه لمس حقيقة أن هناك خللا ما وأن ميلا لا تُحرك قدميها أبداً. لم يكن لديها رد فعل فورية، وكان لا بدّ من استشارة اختصاصي في الأمراض العصبية لمعرفة سبب عدم التجاوب والحركة".
وتضيف فرح بغصة: "لم أفكر للحظة أن عدم حركتها لميلا قد تحمل دلالات طبية خطيرة، كنت أظن أن بعض الأطفال يتأخرون أحياناً في الحركة والتفاعل ولم أتصور للحظة أن حالتها أصعب بكثير وأن مشوارنا مع مرضها ما زال في بدايته".
وهنا تسترجع فرح تلك اللحظات: "زيارتنا إلى الاختصاصي كشفت لنا حقيقة مرضها، ومنذ لحظة فحصها شخّص الطبيب حالتها. تعاني ميلا من الضمور العضلي وهو ضعف تام في العضلات ويبدأ في القدمين ليتصاعد تدريجياً إلى الصدر واليدين والرقبة. ونتيجة تفاقم الحالة تدريجياً وصعوبة التنفس يتوفى حوالى 95% من الأطفال بعد سنتهم الأولى".
وتضيف: "كان وقع الكلمات صعباً جداً، لم أتوقع أن أسمع هذا التشخيص الطبي وحالة ميلا الصعبة. ليس سهلاً على أي أمّ أن تعرف أن مرض طفلتها سيخطفها من بين يديها، وعلاجها الوحيد في الولايات المتحدة وتكلفته غالية جداً. أذكر جيداً كيف خرجت من عيادة الطبيب، المشهد السوداوي ملأ كياني ووجداني. لم يكن أمامي سوى استشارة الأطباء، وهكذا بدأت رحلتي من طبيب إلى آخر علّني أسمع حلاً او تشخيصاً آخر".
وتوضح: "كان على ميلا أن تخضع لفحص جيني تصدر نتيجته بعد شهر لتأكيد التشخيص الطبي، وبرغم من آراء الأطباء كنت أرفض تصديق توقعاتهم الطبية. كنت في قرارة نفسي أتمسك بخيط أمل بأنها غير مصابة بهذا المرض وأن نتيجة الفحص الجيني ستكشف ظنوني وقناعاتي".
لكن عندما جاءت النتيجة أكدت تشخيص الأطباء، ميلا تعاني من SMA النوع الأول (SPINAL MUSCULAR ATORPHY)، هو مرض جيني يؤدي في معظم الحالات إلى وفاة الطفل عن عمر السنة والنصف نتيجة الاختناق وعدم قدرته على التنفس والأكل. وفي حال كُتب له الحياة، يعيش الطفل في ارتخاء تام وعلى أجهزة التنفس ولا يمكنه سوى تحريك عينيه فقط".
وتصف فرح مرزوق تلك الأشهر "على أنها كابوسا، كانت ميلا لم تتعد الخمسة أشهر، كنت أرفض الاستسلام ومستعدة لأي شيء لإنقاذ حياة ابنتي الوحيدة. قررت البحث عن العلاج الوحيد الذي يُنقذها وهو موجود في شركة Novartis في الولايات المتحدة واسمه Zolgensma وهو كناية عن حقنة واحدة لتعويض الجينات الناقصة عند ميلا والمسؤولة عن الضمور التي تعانيه. كلفة هذه الحقنة مليونين و150 ألف دولار، وفي حال حصلت ميلا عليها تتحسن حالتها بفضل الجينات التي ستغذي العصب في جسمها".
وتشرح والدة ميلا: "يجب عليها أن تخضع لهذا العلاج في مستشفى الجليلة في دبي الذي يعالج حالات شبيهة لحالة ميلا ومتخصصة في متابعة حالتها قبل الحقنة وبعدها، وتقول "نعرف جيداً ان أمام ميلا رحلة علاج طويلة إلا انه أملنا الوحيد في إنقاذها وأن تسترجع حياتها كباقي الأطفال".
لذا قررت فرح إطلاق حملة لجمع التبرعات لتأمين المبلغ اللازم عبر www.fundahope.com قائلة "لا أملك سوى هذه الطريقة لمساعدتها. نهاية هذا المرض صعبة وموجعة، فنحن أمام خيارين إما الوفاة او الإرتخاء التام والعجز عن الحركة كلياً سوى بحركة العين، وأتمسك بهذه الحملة وأملي الوحيد إنقاذها وحتى الساعة تمكنا في تأمين 120 ألف دولار. العدو الوحيد في حالة ميلا هو الوقت وكل يوم نخسره تتراجع صحتها، وتتدهور أكثر ويؤثر على جهازها التنفسي ، لذلك كل يوم يمرّ تصبح الأمرو أكثر تعقيداً وصعوبة عليها".
وتختم فرح: "أحتاج إلى كل دولار من أي شخص، وكل مبلغ سيساعد في تسريع مهمتنا والوصول إلى المبلغ الأخير لإجراء هذه الحقنة. أعرف أن الناس تعاني من الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان ويكفيها ما تعاني منه إلا أن ميلا لا تملك الوقت للانتظار وتحتاج إلى العلاج حتى تستعيد حركتها وننقذ حياتها".
تتبتسم ميلا ابتسامة تبلسم آلام والدتها وشقيقيها، تريد اللعب ولكنها عاجزة، وكل ما تحلم به والدتها أن "تمسكها بيدها وتلعب معها".
كيف يُفسر الطب هذه الحالة؟
تشرح الاختصاصية في الأمراض العصبية الدكتورة أولفت الترجمان حالة ميلا بالقول: "إنه مرض وراثي حيث هناك مشكلة في العصب الذي يؤمن الحركة للجسم وبالتالي يُسبب عجز وعدم قدرة على الجلوس أو الحركة عند الطفل وتعاني من ارتخاء تام في كل عضلاتها. ونخشى مع الوقت ونتيجة تقدم مثل هذه الحالات أن تؤثر على العضلات الخاصة بالجهاز التنفسي. لأن الجهاز التنفسي في أي جسم يحتاج إلى عضلات سليمة (عضلات البطن وجدار الحاجب بين البطن والصدر)".
وتضيف: "إذاً المشكلة تتمثل بغياب القدرة الحركية وارتخاء عام في الأعصاب وعدم قدرة الطفلة على الجلوس بمفردها أو الحركة. خطورة المرض بالنسبة إلينا هو تأثيره على الجهاز التنفسي في المرحلة المقبلة. ومن المتعارف عليه أن 95% من الطفال يتوفون قبل بلوغ العام والنصف، إلا أن كل حالة تختلف عن الآخرى".
وتؤكد د. الترجمان أن "حدوث المرض يعود نتيجة حمل كل من الزوجة والزوج هذا الخلل الجيني حيث يولد الطفل مصاب لأنه يحمل هذا الخلل الجيني من والديه دون معرفتهما بهذه المشكلة. ولا يمكن للزوجة معرفة ذلك إلا من خلال إجراء فحص جيني للأم في بداية حملها (الأسابيع الأولى من الحمل) للتأكد ما إذا كان الجنين مصاب بهذا الخلل الجيني.
وعن الأعراض الأولية، تشير إلى أن "الطفل يكون لديه الوعي والإدراك ويحرك عينيه ويتابع الشخص إلا أنه عاجز عن تحريك يديه أو قدميه، أي عجز في حركة الأطراف وعدم قدرته على رفع يده مثلاً للإمساك بلعبة. لذلك من المفروض عند ملاحظة أي صعوبة في الإمساك والحركة (عند عمر الأربعة اشهر) استشارة الطبيب لمعرفة سبب هذا الضعف".
علماً أن الفحص الجيني يؤكد المرض ونوع الخلل، الأعراض التي تظهر قبل 6 أشهر تعني أن الطفل يعاني من مرض الضمور العضلي النوع الأول. وحسب أعراض الطفل نحدد نوعه.
أما العلاج الوحيد فهو موجود في الولايات المتحدة، ويساعد الدواء في تحسين الخلل الجيني وبالتالي تتحسن حالتها. وكلما خضعت للعلاج باكراً حصلنا على نتائج أفضل، وأي تأخير قد يؤثر في مدى تحسن حالتها. لذلك يلعب الوقت دوراً مهماً في تحسين حالتها وإن حدوث اي مشكلة في اجلهاز التنفسي يعني أننا ننتقل إلى مرحلة متقدمة من المرض".
aXA6IDMuMTIuMTU0LjEzMyA=
جزيرة ام اند امز