نائب لبناني يناشد بالكف عن "حرق مرشحي الحكومة"
النائب فؤاد مخزومي يؤكد في حوار مطول مع "العين الإخبارية"، أن أي حكومة وفق مقاييس الماضي لن تحصل على أي تأييد شعبي
دعا النائب فؤاد مخزومي رئيس حزب الحوار الوطني اللبناني إلى تشكيل حكومة "إنقاذ" بعيدة عن منظومة الفساد؛ والتوقف عن "حرق أوراق المرشحين" لرئاستها.
- غضب شعبي من تهديد إيران باستخدام لبنان في حروبها بالوكالة
- غموض يحيط بمصير استشارات تكليف رئيس الحكومة في لبنان
وأكد مخزومي، في حوار مطول مع "العين الإخبارية"، أن أي حكومة وفق مقاييس الماضي لن تحصل على أي تأييد شعبي، محذرا من اتجاه الأمور نحو التصعيد إذا لم يتم تكليف الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن.
واتهم مخزومي "أطرافا" بالطبقة السياسية تختلف في العلن وتتفق سرا، بتمرير مشاريع تحقق مصالحها، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ما وصفه بـ"الخراب" الذي حل بالبلاد بسبب "فساد" الطبقة السياسية.
وطالب النائب عن مدينة بيروت فؤاد مخزومي رئيس الجمهورية ميشال عون بالتعجيل بالاستشارات النيابية الملزمة، لأنها في صلب مهمته، قائلا: "كفى البلد شرَّ حرق أوراق المرشحين".
وانتقد عضو مجلس النواب البارز - الذي جرى تداول اسمه بين أوساط سياسية ضمن المرشحين لرئاسة لحكومة الجديدة - تأجيل موعد الاستشارات النيابية الملزمة مرة بعد أخرى.
وعدّ أنها "أمر غير مبرر"، ويظهر أن الطبقة السياسية تضع مصلحتها قبل مصلحة المواطنين، إضافة إلى المخالفة الدستورية الواضحة.
وأعرب عن أسفه لطريقة التعاطي مع الأسماء التي يتم طرحها لرئاسة الحكومة، حيث إن حرق أوراق المرشحين الواحد تلو الآخر أمر غير مقبول، فمن غير المنصف التعاطي مع هذا الأسماء بهذه الطريقة، فهم أشخاص لديهم مكانتهم في المجتمع، وقدموا كل من موقعه كثيرا من المساهمات لبلدهم.
وأضاف: "على المسؤولين أن يستوعبوا أنهم لا يستطيعون بعد ثورة 17 تشرين تعيين من يدير الأمور عنهم؛ لأن المطلوب حكومة بعيدة عن منظومة الفساد، وهذا مطلب جوهري لهذه الثورة، لأن أي حكومة وفق مقاييس الماضي لن تحصل على أي تأييد شعبي".
وشدد عضو مجلس النواب على أن لبنان لم يعد يحتمل ترف المحاصصات، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية، محذرا من أن أي تأخير إضافي من شأنه أن يأخذ البلد إلى المجهول، خصوصاً على المستوى الاقتصادي والمالي.
وكانت رئاسة الجمهورية في لبنان، قد أعلنت، في وقت سابق، تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس للحكومة، التي كانت مقررة الاثنين 8 ديسمبر/كانون الأول، إلى 16 ديسمبر/كانون الأول، في أعقاب انسحاب المهندس سمير الخطيب من تكليفه لترؤس الحكومة اللبنانية.
الفساد سببه الطبقة السياسية
وحول تأثير "الخارج" على توجيه الأوضاع داخل لبنان، قال مخزومي إن "الشعب لا يهتم إذا كان هنالك تدخل أم لا، بل يريد حلولاً جذرية، كفى اتهامات للغرب والخارج فالخراب سببه فساد الطبقة السياسية في الداخل".
وعدّ أن الأزمة اللبنانية داخلية أكثر منها إقليمية أو دولية والسبب هو تمادي الطبقة السياسية في إطلاق يد الفساد مع إهمال حقوق الناس كليا، مردفا: "نحن اليوم في مرحلة انتقالية مهمة جداً، والناس في الساحات تطالب بحقوقها الأساسية، لكن ومن الواضح ألا نية في إيجاد حلول.
وفي تشخيصه للأزمة اللبنانية وأسباب تفاقمها، قال السياسي اللبناني البارز: "تعاني البلاد من انهيار مالي واقتصادي في ظل غياب سياسة اقتصادية ومالية وتنموية واضحة ومدروسة".
وأشار إلى أنه "منذ اتفاق الطائف عام 1989 إلى اليوم يتفاقم الدين العام تحت اسم الإنماء والإعمار حتى وصل إلى 88 مليار دولار، فضلا عن الالتفاف على دور مجلس النواب من خلال إنشاء مجالس تغيب عنها الشفافية، وتتبع سلطة القوى السياسية التي عينتها، وذلك من غير أن يكون لمجلس النواب أي سلطة على هذه المجالس في الرقابة والمحاسبة".
ودعا مخزومي إلى إغلاق المجالس التي أنشئت من أجل مصالح زعماء الطوائف والتي تشكل مفاتيح للهدر والفساد؛ لذا من الضروري إنشاء وزارة تخطيط تضع رؤية شاملة وخطة استراتيجية وتحافظ على أموال هذه الصناديق التي يجب أن تكون من حصة الدولة وتخضع لرقابة مجلس النواب.
فتح ملف الفساد بإشراف دولي
وفي حواره، استعرض رئيس حزب الحوار الوطني، ملامح "خطة إنقاذ" البلاد على المستوى الاقتصادي والسياسي، قائلا: "مطلوب حكومة تكنوقراط مصغرة من اختصاصيين".
وتابع: "لا نمانع أن يكونوا سياسيين على ألا يكونوا حزبيين، ويستمر عمل الحكومة الإنقاذية لفترة وجيزة، فلا يمكن إحداث التغيير في ظل مبدأ المحاصصة بين القوى السياسية الذي يعرقل كل قضية ولا يتم بالتوافق على تقاسم المغانم بين الكتل".
وواصل: "إقرار أيضا بشكل عاجل قانون باستقلالية السلطة القضائية عبر منح القضاة حق انتخاب مجالسهم وحصر التشكيلات القضائية بها، وإنشاء هيئة متخصصة من قضاة نزيهين وهم موجودون في البلد لاستعادة الأموال المنهوبة، وفتح ملف الفساد وبإشراف دولي لعدم استخدام هذا الملف لتصفية الحسابات السياسية بين الكتل الكبيرة".
وإذ أكد أن مجلس النواب هو الجهة المنوطة بالتشريع، أشار مخزومي إلى أنه فيما يتعلق بمحاكمة الرؤساء والوزراء النواب ليسوا خبراء في القضاء، بل يجب أن يمارس القضاء دوره وسلطته على الجميع والحصانة يجب أن تسقط عن كل من يثبت تورطه في سرقة المال العام حتى لو كانوا رؤساء سابقين.
وزاد مخزومي: "نرى اليوم كثيرا من المسؤولين الذين تحميهم جهات معينة كوزراء أو مؤسسات، من هنا لا يجب أن تكون هناك حصانة على من يعمل في مؤسسات الدولة، أي كل من يمتلك سلطة تنفيذية تخوله استغلال منصبه لمنافع شخصية، وكل من تثبت إدانته بسرقة المال العام يجب أن يحاسب ولا أحد فوق القانون".
وضمن خطة الإنقاذ العاجلة، دعا مخزومي إلى "إعداد قانون انتخاب يحافظ على حق المواطنين في التمثيل، وتخفيض سن الاقتراع لـ18 عاما".
وأوضح أن "نسبة الشباب دون الـ30 سنة تشكل 60% من الشعب، وهم الذين قاموا بالثورة التي نشهدها حالياً، وتمكين المرأة من إعطاء جنسيتها لأولادها، وتحصيل كامل حقوقها كشريكة أساسية في الوظائف وإدارات الدولة، وفي مواقع القرار".
وأكد ضرورة الوفاء بالتزامات لبنان تجاه القرارات الصادرة عن المؤسسات الدولية ومختلف الهيئات الدولية الداعمة للبنان، ومنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي و"سيدر".
إيقاف الهدر
وشدد على أن "إيقاف الهدر أول الغيث لانتشال الاقتصاد اللبناني من أزمته، فضلا عن تخفيض الضرائب والكف عن مد اليد إلى جيوب اللبنانيين، لإعطاء الثقة لهم وللمستثمرين لتحريك وإنعاش الدورة الاقتصادية".
وحول أوجه وأشكال الهدر، قال مخزومي: "يجب إيقاف الهدر في مرفأ بيروت، وإقفال المعابر غير الشرعية، وضبط التلاعب بالرسوم الجمركية في المرفأ والمطار، وإعادة النظر بالعقود طويلة الأمد التي أعطيت بطريقة استنسابية بعيدة عن الشفافية، ووضع أيضا حد للتهرب الضريبي والعمل على جباية الضرائب، وتوقيف التوظيف العشوائي والمحسوبيات".
ولفت في هذا الصدد إلى ضرورة خصخصة قطاع الكهرباء بالكامل ضمن إطار هيئة ناظمة، حيث إن هذا القطاع بمثابة بوابة عبور لمعالجة النظرة السلبية إلى الاقتصاد اللبناني.
وأوضح أن "تحويلات الدولة للكهرباء بلغت منذ عام 2008 حتى اليوم نحو 16 مليار دولار، فأزمة الكهرباء تعدّ أحد الروافد الأساسية للدين العام".
تدخل السياسة في الاقتصاد
كما دعا "مخزومي" إلى "العمل على بناء نموذج اقتصادي منتج، حيث إن الاقتصاد اللبناني تحول بعد الطائف إلى اقتصاد ريعي مبني على الشراكة بين القطاع المصرفي والسياسيين لإبقاء السيولة تحت سيطرتهم واستغلالها لمصالحهم الشخصية، فتدخل السياسة في الاقتصاد يؤدي إلى خراب البلد".
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان سعد الحريري، قد وجه مؤخرا رسائل إلى رؤساء، ورؤساء حكومات عدد من الدول، للمطالبة بالمساعدة في معالجة أزمة نقص السيولة التي تشهدها لبنان، وتأمين مستلزمات الاستيراد الأساسية للمواطنين.
"كفى لبنان شرَّ حرق أوراق المرشحين"
"هذه المرة الأولى التي نرى فيها شباب لبنان يطالبون بحقوقهم، لذا فالكلمة الفصل في المرحلة المقبلة يجب أن تكون لكم، وهذه فرصتكم لإحداث التغيير"، هذا ما أكده مخزومي في حديثه للمتظاهرين في الساحات اللبنانية المختلفة.
وللطبقة السياسية التي "أوصلت البلد إلى هذا الخراب" وفقا لرأيه، تساءل النائب مخزومي باستنكار: "هل تريدون الاستمرار في هذا النهج؟ أم أنكم مستعدون للعمل معاً من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين، والابتعاد عن منظومة الفساد عبر إفساح المجال أمام اختصاصيين للنهوض بهذا البلد وبناء مستقبل أفضل لأبنائنا وأحفادنا؟".
واختتم حواره مع "العين الإخبارية" بدعوة رئيس الجمهورية إلى التعجيل بالاستشارات النيابية الملزمة لأنها في صلب مهماته، مضيفا: "كفى البلد شرَّ حرق أوراق المرشحين".
يشار إلى أنه في أعقاب انسحاب رجل الأعمال سمير الخطيب، وعدم حسم تسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة، برز اسم النائب فؤاد مخزومي داخل الكواليس السياسية، خصوصا بعد لقاء جمعه بوزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل مؤخرا في العاصمة الإيطالية روما، وفقا لوسائل إعلام محلية، والتي ذكرت أن التيار الوطني الحر قد يلجأ لرفع أسهم النائب فؤاد مخزومي.
وعلق مخزومي على لقائه باسيل بالقول: "المعلومات المتداولة حول هذه المسألة غير صحيحة واللقاء اقتصر على المشاركة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر".
وكان فؤاد مخزومي شارك في جلسة الحوار الأورومتوسطي المنعقد في روما بحضور المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في لبنان.
كما أعلن عدد من النواب اتجاههم إلى تسمية مخزومي في الاستشارات النيابية الملزمة.
وقال عضو "تكتل لبنان القوي" سابقاً، النائب نعمة افرام، إن "الزمن المقبل هو زمن الاختصاصيين، وهناك نبض جديد يؤكد أن الطريقة القديمة لم تعد تنفع".
وأعلن أنه "سيسمي النائب فؤاد مخزومي ونواف سلام خلال الاستشارات النيابية".