محللون لبنانيون يحذرون من تحول الانتفاضة إلى ثورة
المحللون يؤكدون أن تراجع زخم الانتفاضة الشعبية نتيجة قرار غير معلن للمتظاهرين بمنح فرصة لحكومة حسان دياب.
حذر محللون لبنانيون من تحول الانتفاضة إلى ثورة حقيقية في حال عدم تحقيق وعود الإصلاح المطلوبة، وإنقاذ الوضع المالي والاقتصادي في البلاد.
وأرجع المحللون في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، الجمعة، تراجع زخم الانتفاضة الشعبية التي انطلقت 17 أكتوبر/تشرين أول الماضي، إلى قرار غير معلن للمتظاهرين بمنح فرصة لحكومة حسان دياب؛ لترجمة وعودها بالإصلاح التي أوردتها في بيانها الوزاري.
ودعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، الخميس، إلى عقد جلسة يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين للتصويت على الحكومة الجديدة، وبيانها السياسي، وذلك بعدما أقرت الحكومة اللبنانية بالإجماع، البيان الوزاري، تمهيدا للمثول أمام البرلمان لطلب نيل الثقة.
التعبئة حاضرة بقوة
ورغم التقديرات التي كانت تشير إلى تضاعف قوة الاحتجاجات مع تشكيل الحكومة، أرجع ريشار داغر المحلل السياسي اللبناني والخبير الاستراتيجي هدوء الساحات اللبنانية إلى وجود قناعة ضمنية بضرورة إعطاء مهلة، ولو قصيرة للحكومة الجديدة، دون الإعلان عن ذلك.
وأضاف: "مسار الانتفاضة طويل، ولا يجب قياسه بوتيرة الحراك فقط"، مشيراً إلى عدم صحة الادعاءات بتراجع زخم الانتفاضة، خاصة أن التعبئة الجماهيرية لا تزال حاضرة بقوة، والتحركات لا تزال قائمة.
وتابع: "ما يحصل اليوم على مستوى الشارع يمكن وصفه بالترقب، والانتظار لما ستخرج به الحكومة من إجراءات".
وأكد المحلل السياسي اللبناني أن ما يجب أن ينظر إليه في أي تقييم للانتفاضة، هو أنها أصبحت سيفا مسلطا على رأس السلطة، ومطالبها المقياس الذي يحدد بموجبه أداء الحكومة، وقدرته على الاستمرار.
وأشار إلى أن الأهم أن هذه المظاهرات فرضت حقيقة جديدة، وهي أن الشرعية الشعبية هي العامل المستجد، والأكثر أهمية في ديناميات الحكم بلبنان.
وحول ما إذا كان تراجع زخم الانتفاضة يعتبر هدوء ما قبل العاصفة، قال داغر : "ربما لا يكون هدوء ما قبل العاصفة؛ لأن العاصفة قد أصبحت أمرا واقعا تشتد وتخف وفقا للتطورات".
وشدد على أن هذه الانتفاضة ستظل حاضرة وفاعلة ومستمرة، فالصراع من أجل التغيير المطلوب سيكون طويل الأمد.
تشكيلات إدارية
واتفق الدكتور محمد سعيد الرز الإعلامي والمحلل السياسي اللبناني مع "داغر" حول أسباب تراجع الانتفاضة الشعبية، قائلا لـ"العين الإخبارية": منحت الانتفاضة بشكل غير معلن فرصة للحكومة من أجل ترجمة وعودها بالإصلاح، ومراقبة التزاماتها بما جاء في بيانها".
وأوضح الرز أنه وفقا لمصادر في حكومة دياب، سيتم إجراء تشكيلات إدارية جديدة من اختصاصيين في الحراك الشعبي، وذلك في عدد من القطاعات المهمة بالوزارات المختلفة خاصة الكهرباء والاتصالات، وفي الجمارك.
الانتفاضة قد تتحول لثورة
فيما رأى خالد ممتاز المحلل السياسي أن تراجع زخم الانتفاضة الشعبي، سببه انقسام الشارع في المطالب، إضافة إلى ما وصفه بـ"ترهيب" المتظاهرين، عبر كثرة الاستدعاءات الأمنية والتوقيفات خلال الفترة الأخيرة.
وتابع ما جرى من عنف في الشارع وأعمال شغب طالت الممتلكات العامة والخاصة، ربما دفعت بأعداد كبيرة من المتظاهرين السلميين إلى الانكفاء عن الشارع والتراجع.
ومن الأسباب الأخرى لهدوء صخب الساحات – وفقاً لممتاز- ترقب بعض المتظاهرين أفعال حكومة حسان دياب وخطواتها الإصلاحية، مما حد من التحركات الواسعة، كما أن عدداً من المتظاهرين استسلم نهائياً واتخذ قراراً بالهجرة، لذلك لم يعد يهتم بالمظاهرات.
غير أن خالد ممتاز لم يستبعد تحول الانتفاضة الشعبية التي خفت في الفترة الأخيرة، إلى ثورة حقيقية، بسبب الإجراءات الصعبة التي ستتخذ من قبل حكومة دياب، في حال لم تأتِ مساعدات من الخارج.
السلطة تخشى جلسة الثقة
من جهته، رأى النائب إلياس حنكش عضو تكتل حزب الكتائب، أنه لو أن انطفأت الثورة فعلاً لما كانت السلطة خائفة من جلسة الثقة المرتقبة، مبدياً ثقته بأن الثورة ستتجسد بأبهى صورها يوم الجلسة.
وأكد حنكش أن "أساس نجاح الثورة أنها لم تسيس ولا تملك قائداً، والشعب اللبناني هو قائد الثورة"، وفقاً لما أورده موقع حزب الكتائب.
وشهد لبنان مظاهرات عدة تحت عنوان "لا ثقة للحكومة" رفضاً لحكومة دياب والمطالبة بإسقاطها، تزامناً مع دعوات لتحركات مماثلة في يوم نيل الثقة.
ومن المرجح أن تحصل حكومة دياب على ثقة البرلمان، وذلك بأصوات الكتل النيابية التي كلفته، أي حزب الله وحلفاؤه، ويبلغ عددهم 69 نائباً من أصل 124.
فيما أعلن كل من "الحزب الاشتراكي" و"تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" و"حزب الكتائب" أنهم لن يمنحوا الحكومة الجديدة الثقة.