في الذكرى الـ76 لاستقلال لبنان.. احتفال رسمي خافت وعرض شعبي بطعم الثورة
الاحتفالات جاءت خلافا لما اعتاد عليه اللبنانيون طوال السنوات السابقة، فيما لا تزال المباحثات السياسية حول تشكيل الحكومة متعثرة
فرضت الأوضاع السياسية والاحتجاجات التي تملأ الشوارع في لبنان نفسها على الذكرى الـ76 للاستقلال باحتفال عسكري رمزي وإلغاء حفل الاستقبال التقليدي السنوي في القصر الجمهوري في تقليد لم تعتد عليه البلاد منذ عقود.
فيما نظم المتظاهرون مسيرات بمختلف المناطق اللبنانية منذ ساعات الصباح للمشاركة في "عرض مدني"، حاملين شعلة رمزية للثورة وأعلام البلاد وسط ترديد النشيط الوطني.
- استقلال لبنان الـ76.. عروض رمزية واستعدادات شعبية بالساحات
- وزير لبناني لـ"العين الإخبارية": لا حل إلا بحكومة تكنوقراط مستقلة
ومنذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشهد لبنان احتجاجات على الأوضاع السياسية والاقتصادية تمخضت عن تقديم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته، فيما لا تزال المباحثات السياسية حيال إمكانية تشكيل حكومة متعثرة نتيجة الخلافات السياسية.
عرض عسكري رمزي
وتكاد تختصر صورة الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري خلال العرض العسكري الرمزي الذي أقيم في وزارة الدفاع بدلا من العرض الضخم الذي ينظم عادة في هذه المناسبة، المشهد الراهن في لبنان.
وبدت العلاقة فيما بينهم غير ودية، خلال العرض العسكري، الذي حضره والوزراء والقيادات الأمنية.
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت، الخميس، أنه نظرا للأوضاع الراهنة في البلاد، لن يقام حفل الاستقبال التقليدي السنوي في القصر الجمهوري في بعبدا لمناسبة عيد الاستقلال.
وبعد العرض، قالت وزيرة الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، ريا الحسن، إن "العرض هو عرض جمهوريتنا، ومن الشرف الحضور للمشاركة ولكن جزءا من الشعب اللبناني منتفض من أجل الحصول على حقوقه وأنا أتفهم امتعاضهم، ومن حقهم التظاهر وإقامة عرض مدني".
وأضافت: "أشعر بالقلق نتيجة التطورات في البلاد، حيث إننا لم نصل بعد إلى قاسم مشترك بيننا وبين المتظاهرين".
وفيما يخص فتح الطرقات، قالت الوزيرة إن "تعليماتي منذ البداية كانت بعدم استخدام العنف ضدّ المتظاهرين ولكن عندما يجب فتح الطريق لا بد من اتخاذ التدابير المناسبة".
احتفالات شعبية وعرض مدني
وبينما كان الرؤساء الثلاثة يحضرون العرض العسكري، كانت ساحات المظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية تنبض فرحا باستقلال مختلف تحت راية الأعلام اللبنانية.
وتتسارع التحضيرات استعدادا للعرض المدني الذي ينظمه المتظاهرون في وسط بيروت، فيما حمل متظاهرون آخرون "شعلة الثورة " متنقلين بها في المناطق اللبنانية من الساحل اللبناني وصولاً إلى ساحة رياض الصلح.
وتوقفت الشعلة في محطات رئيسية عدة، بعدما انطلقت من عكار في الشمال إلى ساحة النور في طرابلس، ووصلت إلى البترون ومنها إلى جبل الديب، حيث تسلمها الثوار على وقع النشيد الوطني، ومنها اتجه المتظاهرون وهم يحملونها سيراً على الأقدام إلى ساحة الشهداء.
وجاءت فكرة هذه الشعلة بعدما عمد مجهولون صباحا إلى إحراق "مجسّم الثورة (عبارة عن قبضة يد رفعت في الأيام الأولى للثورة) في وسط بيروت فجر اليوم، وهو ما استدعى ردة فعل عكسية في صفوف الثوار الذين عمدوا إلى بدء العمل على مجسم آخر من الحديد.
وعلى وقع الدعوات المستمرة منذ أيام، بدأت المسيرات تتوافد من مختلف المناطق اللبنانية منذ ساعات الصباح الأولى إلى ساحة رياض الصلح في بيروت للمشاركة في العرض المدني.
ويضم العرض أفواجا من مختلف القطاعات في لبنان، ومنها من فضل البقاء في منطقته للمشاركة في الاحتفال في ساحة التظاهر المعتادة.
ووضع المتظاهرون إكليلا من الورود على تمثال الشهداء في وسط بيروت على وقع النشيد الوطني اللبناني، وتوزعت الأفواج التي غصت بمسيراتها وسط العاصمة.
ومثلت الفئات المشاركة العسكريين المتقاعدين والأطباء والمثقفين والمهندسين والمحامين والقطاع السياحي والإعلاميين والطلاب والحرفيين وحقوق الإنسان والموسيقيين والعمال وفوج الدراجات والمعلمين والبيئة والأمهات والزراعيين والصناعيين والحرفيين والرياضيين وذوي الاحتياجات الخاصة والطيارين.
وكان لافتا التجمعات من قبل عدد من المواطنين الذين أعلنوا أنهم يشاركون دعما للجيش اللبناني رافعين رايات الجيش، وذلك رفضا للانتقادات والهجوم اللذين يتعرض لهما الجيش اللبناني من قبل بعض الفرقاء، ولا سيما من قبل التيار الوطني الحر ومليشيا حزب الله وحركة أمل.
وفي المناطق الأخرى، لم يكن المشهد مختلفا عن بيروت، إذ بدأ المحتجون في ساحة تقاطع إيليا في مدينة صيدا، جنوب لبنان، احتفالاتهم لمناسبة عيد الاستقلال، بفطور جماعي.
كما بدأوا الاستعداد لسلسلة نشاطات تحت عنوان "استقلال الشعب"، وأبرزها تشكيل علم لبناني ضخم في الساحة، بمشاركة حشود من المتظاهرين تحت شعار "للعلى للعلم"، على أن يسبق ذلك مسيرة "شعبية مدنية"، تنطلق من ساحة "الشهداء" إلى الساحة على تقاطع إيليا.
وفي طرابلس (شمال)، عمت احتفالات عيد الاستقلال حيث انطلقت مسيرات طلابية وشعبية في الشوارع، وحمل المشاركون الأعلام اللبنانية ورايات الجيش.
ورددوا هتافات تطالب بـ"تشكيل حكومة إنقاذ وطني تعمل على محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة ومعالجة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي".
وعصرا، انطلقت مسيرة من أمام سنترال المدينة، بدعوة من "رابطة طلاب لبنان"، لتجوب الأحياء والشوارع وصولا إلى ساحة النور، حيث يقام مهرجان دعما لـ"الحراك الشعبي" وتأييدا لمطالبه.
ويحتفل لبنان في الذكرى الـ76 لاستقلاله وسط أزمة سياسية حالت حتى الآن دون إمكانية تكليف رئيس حكومة إضافة إلى عدم الدعوة لاستشارات نيابية.
ويرفض الحريري إعادة تكليفه لترأس الحكومة ما لم تكن "تكنوقراط"، فيما يتمسك كل رئيس الجمهورية وحزب الله وحركة أمل بحكومة "تكنوسياسية".
وذكرى استقلال لبنان هي تخليد لذكرى حكومة الاستقلال الوطنية التي ناضلت من أجل إطلاق سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح من الاعتقال صباح 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1943 وتسليم فرنسا بمنح لبنان الاستقلال التام.
aXA6IDMuMTM4LjE4MS45MCA= جزيرة ام اند امز