"لبننة الاستحقاق الرئاسي".. "بصيص أمل" في "جدار سميك" وحزب الله يتشدد
برزت حالة من الحراك الداخلي لكسر الجمود الرئاسي ولبننته، في وقت لا يزال حزب الله وحلفاؤه يهددون باستمرار "الفراغ" و"إطالة الوقت"، في حال لم يصل مرشحهم سليمان فرنجية الوزير السابق وزعيم تيار المردة لقصر بعبدا.
فشلت القوى السياسية في البلد الغارق في أزمة اقتصادية، على مدار 11 جلسة عقدها مجلس النواب، في انتخاب رئيس جديد منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حينما غادر ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر القصر الرئاسي بعد انتهاء فترته الرئاسية، بسبب غياب التوافق بين الكتل، حيث لا يمتلك أي فصيل سياسي القدرة منفردا على تأمين الفوز لمرشحه.
- وسط تحذيرات دولية.. الفراغ الرئاسي "يشل" لبنان
- لبنان يدور في الفراغ.. الجلسة الـ10 تفشل بانتخاب الرئيس
وخلال الجلسات الـ11 بمجلس النواب اللبناني برز اسم النائب ميشال معوض كمرشح وحيد لبعض قوى المعارضة، لكنه لم يستطع تجاوز عدد النواب اللازم لانتخابه رئيسا، ما دفع تلك القوى للبحث عن بدائل لمحاولة كسر جمود الاستحقاق الرئاسي.
وفي تحرك جديد على صعيد حلحلة أزمة الاستحقاق الرئاسي، طرح النائب المستقل غسان سكاف مبادرة جديدة، تقوم على حثّ الكتل النيابية على اختيار اسمين من بين 11 اسما تضمنتها اللائحة التي خَلُص إليها في وقت سابق المطران أنطوان بو نجم.
بصيص أمل
وفي تفاصيل المبادرة، لفت "سكاف" إلى اختيار 11 اسما من بين الأسماء الـ16 التي تضمّنتها لائحة بكركي الرئاسية، وعرض هذه اللائحة المصغرة على الكتل النيابية لاختيار اسمين من بين الأسماء كمرحلة أولى، على أن تتم "غربلة" النتائج واختيار الاسمين الأكثر تقاطعا بين الكتل النيابية، قبل العودة في المرحلة الثانية إلى الكتل النيابية قبل إعلان النتائج (الاسمين).
وتستهدف المبادرة محاولة للبننة الاستحقاق الرئاسي بعيدًا عن الإملاءات التي تروّج في الخارج، وقطع طريق التهويل بعدم تأمين نصاب الجلسات الرئاسية، وحثّ جميع النواب على المشاركة في العملية الديمقراطية والاختيار ما بين مرشح المعارضة الذي ستخلص إليه مبادرته ومرشح "الثنائي الشيعي" لرئاسة الجمهورية، ثم إطلاع بكركي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري على نتيجة الاتصالات.
وقال النائب المستقل عقب لقائه أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي إن "هناك بصيص أمل في الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، متوقعاً التوصل إلى اسم مرشح المعارضة في نهاية الأسبوع الحالي".
وحمل النائب إلى بكركي، اليوم السبت، اسمي المرشحيْن الرئاسيين الأكثر تقاطعا بين نواب المعارضة والتغييريين والوسطيين، عقب انتهاء الجولة الأولى من مبادرته الرئاسيّة.
وكان النائب سكاف التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، مؤكدا عقب اللقاء أن نتيجة حاسمة في سياق الملف الرئاسي ستتبلور في الأيام القليلة المقبلة، آملا في التوافق على اسم واحد في القريب العاجل".
انفراج وشيك
ومما يعزز قرب التوصل لحل لأزمة الملف الرئاسي، نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر دبلوماسية من العاصمة الفرنسية ما تصفه "المنحى الجدّي والفاعل الذي يسلكه الحراك المرتبط بالملف الرئاسي، والذي من شأنه أن يمنح اللبنانيين فرصة لتحقيق انفراج وشيك في الملف الرئاسي".
وأكد مصدر مسؤول أنه "في أفق الحراكات الجارية ما يؤسّس فعلاً لفتح كوة واسعة في جدار التفاؤل، الذي كان حتّى الأمس القريب مسدوداً بالكامل، يمكن النفاذ منها إلى فرصة جديّة للحسم الرئاسي وإنهاء الوضع الشاذ في موقع الرئاسة الأولى بانتخاب رئيس للجمهورية خلال الأسابيع القليلة المقبلة".
وفي غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغ السفيرة الأمريكية لدى بيروت دوروثي شياـ خلال زيارتها له مؤخرا، أنه سيدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية قريبا.
قواسم مشتركة
وعلى خط المبادرات يتحرك نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب ضمن مبادرة جديدة لكسر الجمود الرئاسي.
والتقى "بوصعب" مؤخرا عددا من ممثلي القوى السياسية والمرجعيات في محاولة للتقريب فيما بينها.
وعقب لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في بكركي، قال "نحاول إيجاد قواسم مشتركة والحوار مهم لإيجاد مخارج داخلية للأزمة التي نحن فيها".
وإذ أشار إلى أن "الزيارة استكشافية" أبدى أسفه "لأن المسؤولين الذين يتعاطون في الملف الرئاسي غير مهتمين بعامل الوقت"، معتبرا أننا: "لم نصل بعد إلى مرحلة الأسماء لأن الفرقاء وانطلاقا من مبادرة البطريرك لم يتوصلوا إلى اسم مشترك يطرح للرئاسة"، وأكد أن "الأمور يجب أن تبدأ بالحوار".
ومن بكركي، التقى بوصعب النائبين ميشال معوض وفؤاد مخزومي. وبعد اللقاء قال: "وضعت الزملاء في الأفكار المتداولة وسمعت ردود الفعل ويمكنني القول إنني لمست تقاربا بيننا في هذه المرحلة والمنطقة آتية على تغيير وانفتاح".
وعقب "معوض" أن "منطلق مبادرة بوصعب سليم، ونكرر أن أي حل مبني على منطق استعادة الدولة والشراكة والحلول الأساسية نحن معه". كما اجتمع مع نائب رئيس مجلس النواب رئيس حزب القوات سمير جعجع.
الهوة تضييق
وقال مصدر سياسي إن الخرق السياسي المتوقع من مبادرة نائب رئيس مجلس النواب، التي تتزامن مع مبادرة النائب سكاف، هو التقارب بين القوى المسيحية لا سيما بين "التيّار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، فضلاً عن "الكتائب اللبنانية"، ليس بالضرورة على اسم رئيس الجمهورية المقبل، إنما أولاً على الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة، بدءاً من الأزمة الاقتصادية والمالية، مروراً بالحكومة وبعلاقة لبنان مع محيطه العربي.
وفي تعقيبه على نتائج المبادرات الداخلية، قال النائب والقيادي البارز في حزب القوات اللبنانية فادي كرم، في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن "المساحة بالفعل تضييق والأمور إلى أفضل، مع استمرار التنسيق".
وأكد كرم: "استعداد تكتل الجمهورية القوية لأي جلسة نيابية قادمة يدعو لها رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للبلاد".
وبدوره، قال النائب بلال عبدالله، عضو تكتل اللقاء الديمقراطي (التكتل النيابي للحزب التقدمي الاشتراكي)، في حديث إذاعي، اليوم، إن "اللقاء يتمسك بالتوافق الداخلي، وليس فقط بالأسماء وبالحد الأدنى بلبننة الاستحقاق الرئاسي"، متابعا : "هذه المسألة جوهرية فإذا أردنا إبقاء ربط الاستحقاق بالمتغيرات الخارجية فسننتظر سنوات".
حزب الله يتشدد
وبعيدا عن المبادرات، وحالة التفاؤل التي تبديها أطراف المعارضة والنواب المستقلون، لا يزال حزب الله عند تشدده الرئاسي.
ففي حديثه إلى المعارضة، قال النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (التكتل النيابي لحزب الله) خلال احتفال تأبينيي أقامه الحزب: "قلنا تعالوا لنتفاهم لاختيار الرئيس الأصلح لبلادنا، يقولون لنا أسقطوا مرشحكم وتعالوا لنتفاهم.. هم لا يريدون الحوار بل يريدون أن نتخلى عن مرشحنا".
وزاد "قد يطول الوقت حتى يستوعبوا الحقيقة، لكن هذا شأنهم لأن الاستحقاق الرئاسي واختيار الرئيس له علاقة برسم مسار البلد الاستراتيجي".
وفي تشدد جديد على موقف حزب الله، قال رئيس الكتلة النيابية للحزب: "لا يمكن أن يحصل تسامح وتساهل في اختيار الشخص الذي يشكل ضمانة لهم ولأمنهم ولسيادتهم ومصالحهم، والشخص الذي لا يدار من قبل الأعداء على الهاتف هذا ما نصبو إليه وما نصبر من أجله".
ويتطلب الفوز برئاسة لبنان، الحصول على ثلثي أصوات أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 128 عضوا في الجولة الأولى للانتخاب، أو الحصول على 65 صوتا في الجولة الثانية للانتخاب بنفس الجلسة، شريطة وجود ثلثي (86 عضوا) أعضاء المجلس داخل الجلسة، وهو ما لم يتحقق خلال الجلسات التي عقدت.
aXA6IDMuMTQyLjE3MS4xMDAg جزيرة ام اند امز